بعدما فاقمت العاصفة "نورما" مآسي النازحين السوريين في لبنان، يطرح موضوع عودتهم جديًا إلى سوريا بسبب ظروفهم الإنسانية التي باتت غير ملائمة في لبنان.

إيلاف من بيروت: لم تنحسر العاصفة "نورما" من دون أن تخلف أضرارًا كبيرة في لبنان، كانت شاهدة على تقصير كبير من قبل المسؤولين في لبنان، فقد فاقمت مآسي النازحين السوريين في لبنان، ما أدى إلى غرق العشرات من المخيمات غير المجهزة لمواجهة عواصف مماثلة، فيما ارتفعت أصوات اللاجئين والمنظمات الإنسانية المطالبة بإغاثتهم وتأمين أماكن سكن ملائمة، والأهم تأمين مواد التدفئة، بعد تدني درجات الحرارة بشكل كبير.

وغطت الثلوج مخيمات النزوح في البقاع والشمال على حد سواء، وتسربت مياه الأمطار بكثافة إلى داخل الخيم، ما أدى إلى سقوط بعضها، وغرق بعضها الآخر.&

وقالت المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين في لبنان ليزا أبو خالد، إن 150 مخيمًا يسكن فيها 8000 لاجئ تضرروا من العاصفة، لافتة إلى أن 66 منهم تضرروا بشكل كبير، فيما أفيد عن تضرر 15 بشكل كلي.

وبعدما شهدته مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان من مآسٍ&نتيجة العاصفة "نورما" يطرح السؤال عن مدى ضرورة عودتهم إلى بلادهم اليوم، بحيث بات العيش في لبنان لا يؤمّن لهم الظروف الإنسانية الملائمة.

نوعان
في هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي في حديثه لـ"إيلاف"، إن هناك نوعين من النازحين السوريين إلى لبنان، النازح الذي يملك القدرة على استئجار المنازل والمقتدر، والنوع الآخر المعدم والفقير الذي شاهدناه يعاني من العواصف ونتائجها، ومع الأسف غالبية النازحين هي من الفئة الثانية، وبالتالي هذا يطرح مشكلة إنسانية واجتماعية واقتصادية على لبنان والحكومة اللبنانيّة.

يضيف يشوعي: "أعتقد أن المسؤولية اليوم تشبه قضية الفلسطينيين، يجب ألا تكون مسؤولية دولة واحدة، بل من خلال تضامن عربي تجاه هذه القضية الإنسانية".

الإحصاءات
عن الحديث عن أعداد للنازحين التي تفوق الإحصاءات الرسمية، والحديث أيضًا عن أن قسمًا كبيرًا من النازحين السوريين غادروا لبنان، يقول يشوعي: "يجب أن يكون هناك تضامن دولي ومساعدات مالية، ليس عبر الحكومة اللبنانية، بل من خلال السفارات، لكن مع الأسف تبقى سمعتنا عاطلة وسيئة، تأتينا المساعدات من جهات معيّنة، نصفها يتبخر، والنصف الآخر يصل، وأعتقد على الحكومة اللبنانية أن تطلب من الدول الغنية، وكذلك من الأمم المتحدة ومن المجتمع الدولي من خلال سفاراتها في بيروت، أن تقوم هذه الأخيرة بتقديم كل أنواع المساعدات، حتى البيوت الجاهزة، خصوصًا في ظل العواصف التي تضرب لبنان، كي نستطيع إيواء كل اللاجئين، ويكون هناك نوع من الالتزام من المجتمع الدولي والبلدان، بأن كل هؤلاء النازحين سيعودون يومًا إلى قراهم ومنازلهم في سوريا، وقد حانت الساعة اليوم لعودة بعضهم.

الدين
أما في حال لم تلتزم الدول من خلال سفاراتها وكذلك المجتمع الدولي، فمن أين سيأتي لبنان بالأموال اللازمة، وهو يرزح تحت حمل الدين الثقيل؟. يجيب يشوعي: "لبنان لا يستطيع ولا يقدر كخزينة مرهقة أتعبوها بالديون، من سياسات البنك المركزي إلى السياسات المالية، إلى سياسات الخدمة العامة، والإنفاق الاستثماري، كل تلك السياسات العبء، والمحاصصة الخ، والنهب المنظَّم، أغرقت الخزينة اللبنانية بالديون، ولم تعد لديها أي قدرة على مساعدة أي كان، حتى اللبنانيين، كيف بالحري غير اللبنانيين، واليوم يتكّل اللاجئون على أقاربهم في لبنان، لكن هذا لا يمكن أن يستمر، وعودتهم باتت ملحّة، خصوصًا مع الحديث عن الدور الروسي في هذا المجال لإعادتهم سريعًا إلى بلدهم.
&