قال دانيل كورتزر، سفير أميركا السابق في إسرائيل، إن لا مصلحة أميركية في ضم إسرائيل هضبة الجولان السورية، كما إن هذا الضم لن يعزز الأمن الإسرائيلي.

عودة أبو ردينه، ترجمة عبد الإله مجيد: قدم الدبلوماسي المخضرم دانيل كورتزر، سفير أميركا السابق في إسرائيل، إفادة امام اللجنة الفرعية للأمن القومي في مجلس النواب الاميركي، تناول فيها القضية المتمثلة في ما إذا كان على الولايات المتحدة أن تعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان.

قال كورترز إنه ينطلق في تحليله هذه القضية من سؤالين هما: أولًا، هل هناك مصلحة أميركية قاهرة تُخدَم بمثل هذا الاعتراف؟، والثاني، هل الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان يعزز أمنها؟.

لا يعتقد كورتزر أن هناك مصلحة أميركية في الوقت الحاضر، "ولا يعتقد أن الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان سيعزز أمن إسرائيل، بل إن مصالح الأمن القومي الأميركي ترجّح الحفاظ على السياسة الأميركية الحالية تجاه إسرائيل وسوريا وهضبة الجولان، وهي دعم مصالح الأمن الاسرائيلي والبقاء على الوضع القائم في هضبة الجولان كما هو الآن".

مصدر معونة إنسانية
أشار كورترز إلى تهديد أمن إسرائيل من موقع هضبة الجولان في حرب 1967 وتهديد أمنها من سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية فيها في عام 2011 من طريق جماعات متحالفة مع النظام السوري، خصوصًا قوات إيرانية وعملاء إيرانيين وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران.

أيد كورتزر دعم الولايات المتحدة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد هذه التهديدات. ودعا واشنطن إلى العمل بالطرق الدبلوماسية لإبعاد القوات الإيرانية ووكلاء إيران وحزب الله عن سوريا والاستمرار في مد إسرائيل بالوسائل الضرورية لضمان أمنها إزاء الفوضى في سوريا.

لفت كورتزر إلى "المساعدة الإنسانية" التي تقدمها إسرائيل إلى ضحايا النزاع في سوريا، قائلًا إن هذا العامل البارز لا يحظى باهتمام كاف، حيث أصبحت إسرائيل وجهة مدنيين سوريين جرحى ومصدر معونة إنسانية لمناطق سورية عبر الحدود.

قال كورتزر إنه من دون تقليل أهمية العوامل أعلاه، لا يرى مصلحة أميركية قاهرة في الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.

الباب مفتوح
ذكر سفير أميركا السابق في إسرائيل بأن الرئيس الراحل رونالد ريغان عارض بقوة في الثمانينيات القانون الذي أصدره الكنيست الإسرائيلي بشمول الجولان بالقانون الاسرائيلي والإدارة الإسرائيلية، على الرغم من أن القانون لم يذهب إلى حد الإعلان الصريح بضم الجولان، وبذلك ترك الباب مفتوحًا لاتفاق مع سوريا في نهاية المطاف.

بعد اغتيال إسحاق رابين، واصل خمسة رؤساء وزراء آخرين بعده السياسة نفسها. وأجرى كل منهم محادثات سرية مع سوريا على أساس "الوديعة" التي اقترحها رابين. وفي حين أن أرئيل شارون لم يكن راغبًا في إجراء محادثات سلام مع سوريا، فإنه لن يتخذ أي إجراءات للتخلي عن المواقف السياسية التي اتخذها أسلافه رابين وشمعون بيريز وإيهود باراك وإيهود أولمرت.

لذلك، طيلة هذه الفترة، كانت إسرائيل نفسها تقر بأن هضبة الجولان أرض يخضع وضعها في المستقبل لمفاوضات إسرائيلية - سورية. وبقدر تعلق الأمر بالولايات المتحدة، فجميع الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ عام 1967 اعتبرت الجولان أرضًا محتلة مشمولة بقرار مجلس الأمن رقم 242. وفي الوقت نفسه، كانت الولايات المتحدة متفهمة لحاجات إسرائيل الأمنية بشأن الجولان.

لا يعزز الأمن
استبعد كورتزر أن يعزز الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان أمن إسرائيل بأي شكل، بل على العكس. فإن ذلك قد يدفع البعض في العالم العربي لا يعارضون إجراءات إسرائيل الأمنية هناك إلى معارضة مثل هذه الخطوة علنًا، "ويمكن أن يضر هذا بالعلاقات الإيجابية الناشئة بين إسرائيل وبعض الجيران العرب".

بالقدر نفسه من الأهمية، فإن للولايات المتحدة مصلحة أساسية في دعم السيادة الإقليمية للدول، "حتى الدول التي لا تروقنا"، على حد تعبير كورتزر. والحالة السورية لا تقدم مبررًا لتغيير السياسة الأميركية بشأن هذا المبدأ المهم.

لفت كورتزر إلى أن الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان سيجرّد أميركا من مسوغات معارضتها ضم أراضي الغير، سواء بعمل عدواني، كما في ضم روسيا لشبهة جزيرة القرم، أو نتيجة حرب دفاعية، كما في حالة إسرائيل في عام 1967. &

تداعيات مستمرة
قال كورتزر إنه لا يؤيد أي مجهود الآن لإستئناف محادثات السلام بين إسرائيل وسوريا، لأن الأزمة السورية بعيدة عن النهاية والتداعيات الأمنية لأعمال النظام السوري ضد شعبه ستكون محسوسة إقليميًا لسنوات مقبلة. فالنظام السوري طلب مساعدة إيران وروسيا وكذلك مساعدة حزب الله، "المنظمة الإرهابية اللبنانية المسؤولة عن شن هجمات ضد إسرائيل".

أضاف أن إسرائيل تحتاج اليوم الأمن من النظام السوري وحلفائه، وليس عملية سلام مع سوريا. وإذا نشأت إمكانية لتحقيق السلام في المستقبل في ظل نظام سوري مختلف، ستكون إسرائيل في موقع يتيح لها أن تتخذ قرارها بشأن الوضع النهائي لهضبة الجولان.

في الختام، أكد السفير الأميركي السابق دانيل كورتزر أنه ليس هناك سبب لتوجيه الاهتمام إلى الوضع القانوني لهضبة الجولان، وبدلًا من ذلك "يجب أن نعمل مع إسرائيل والحلفاء من ذوي التفكير المماثل على استراتيجية للمساعدة على تأمين وتعزيز مصالح الأمن القومي الأميركية والإسرائيلية في تلك المنطقة المضطربة".
&