القامشلي: تسبّب تفجير انتحاري تبناه تنظيم الدولة الاسلامية الأربعاء بمقتل 16 شخصاً على الأقل، بينهم مدنيون وأميركيون من قوات التحالف الدولي، وسط مدينة منبج في شمال سوريا التي يسيطر عليها مقاتلون عرب وأكراد قرب الحدود التركية.

وجاء التفجير بعد أقل من شهر على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قواته من سوريا بعدما حققت هدفها بـ"الحاق الهزيمة" بالتنظيم.

كما يأتي في وقت أبدى الأكراد رفضهم إقامة "منطقة آمنة" تحت سيطرة تركية في شمال البلاد، بموجب مبادرة اقترحتها واشنطن، في محاولة للحد من تداعيات قرار الانسحاب.

&

ووقع التفجير في مطعم في وسط مدينة منبج الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، وهي ائتلاف مقاتلين عرب وأكراد مدعوم من واشنطن، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد "أقدم انتحاري على تفجير نفسه عند مدخل المطعم أثناء وجود عناصر دورية أميركية داخله".

وأفاد المرصد عن مقتل 16 شخصا على الأقل هم "تسعة مدنيين، وخمسة مقاتلين محليين تابعين لقوات سوريا الديموقراطية كانوا يرافقون دورية أميركية" تابعة للتحالف، وعنصران أميركيان من التحالف.

وأقرّ التحالف الدولي بمقتل أميركيين جراء التفجير من دون تحديد عددهم.

وقال متحدث باسم التحالف في بيان "قتل عناصر من القوات الأميركية خلال انفجار أثناء قيامهم بدورية روتينية في سوريا اليوم". وأضاف "لا نزال نجمع المعلومات وسننشر تفاصيل إضافية في وقت لاحق".

وأشار المرصد الى إصابة أميركيين آخرين بجروح. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن "إنه الهجوم الانتحاري الأول الذي يطال بشكل مباشر دورية للتحالف في مدينة منبج منذ عشرة أشهر".

وتضم المدينة ومحيطها مقرات لقوات التحالف لا سيما الأميركية.

وبعد وقت قصير من وقوعه، تبنى تنظيم الدولة الاسلامية الهجوم. وقال في بيان نقلته حسابات جهادية على تطبيق "تلغرام" إن أحد عناصره "انطلق.. ملتحفاً سترته الناسفة نحو دورية تضم عناصر من التحالف" والمقاتلين الأكراد "قرب مطعم الأمراء بمدينة منبج ففجرها وسطهم".

"الإرهاب يضرب"

وأنشىء التحالف لمكافحة التنظيم المتطرف في سوريا والعراق منذ العام 2014. ويواصل تقديم الدعم لقوات سوريا الديموقراطية في آخر معاركها ضد الجهاديين في شرق سوريا.&

وفي تغريدة باللغة الانكليزية، كتب المتحدث باسم مجلس منبج العسكري شرفان درويش "الإرهاب يضرب مدينة منبج الآمنة".

ورغم الخسائر الميدانية الكبرى التي مني بها خلال العامين الأخيرين، لا يزال التنظيم قادراً على شن هجمات في مناطق مختلفة. ويقتصر حضوره حالياً على البادية السورية الممتدة من وسط البلاد حتى الحدود العراقية. وفي المناطق التي طُرد منها، يتحرّك التنظيم عبر "خلايا نائمة" تقوم بوضع عبوات أو تنفيذ عمليات اغتيال أو تفجيرات انتحارية تستهدف مواقع مدنية وأخرى عسكرية.

وفاقم قرار واشنطن سحب قواتها من سوريا مخاوف الأكراد من هجوم وشيك على مناطقهم، لطالما هددت أنقرة المعادية للأكراد بشنه، ما وضع واشنطن في موقف حرج بين حليفيها ودفعها الى اقتراح تفاهم يرضي الأطراف كافة.

فدعا ترامب الإثنين إلى إقامة "منطقة آمنة" عرضها أكثر من 30 كلم في سوريا على طول الحدود التركية. وفي اليوم اللاحق، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ القوات التركية ستتولى إقامة هذه المنطقة.

رفض كردي

ويرفض أكراد سوريا أي دور تركي في المنطقة المزمع اقامتها. وأكد ألدار خليل، أحد أبرز القياديين الأكراد وأحد مهندسي الإدارة الذاتية، لوكالة فرانس برس الأربعاء أن "تركيا ليست مستقلة وليست حيادية وهذا يعني أنها طرف ضمن هذا الصراع".

وقال "يريد ترمب تحقيق هذه المناطق الآمنة عبر التعاون التركي"، لكن "أي دور لتركيا سيغيّر المعادلة ولن تكون المنطقة آمنة".

واعتبر أنه "يمكن رسم خط فاصل بين تركيا وشمال سوريا عبر استقدام قوات تابعة للأمم المتحدة لحفظ الأمن والسلام أو الضغط على تركيا لعدم مهاجمة مناطقنا".

وسارعت موسكو، أبرز حلفاء دمشق، إلى رفض هذا الاقتراح. وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف الأربعاء "نحن على قناعة بأن الحل الوحيد والأمثل هو نقل هذه المناطق لسيطرة الحكومة السورية وقوات الأمن السورية والهياكل الإدارية".

ويعتبر مستقبل وحدات حماية الشعب الكردية من أبرز نقاط الخلاف بين واشنطن وأنقرة. وقال الباحث في الشؤون الكردية موتلو جيفير أوغلو لفرانس برس "ليس من الواضح ما الذي يود ترامب قوله، ولم يصدر حتى الآن أي توضيح من الإدارة الأميركية".&

"عدوان" تركي

ووصفت دمشق تصريحات إردوغان حول استعداد بلاده لإقامة "منطقة آمنة" بـ"غير مسؤولة".

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" عن مصدر في وزارة الخارجية أن تصريحات اردوغان "تؤكد مرة جديدة أن هذا النظام راعي الإرهابيين (...) لا يتعامل إلا بلغة الاحتلال والعدوان".

ويظهر التناقض بين تركيا والأكراد مدى تعقيد النزاع الذي تشهده سوريا منذ العام 2011 وأسفر عن مقتل أكثر من 360 ألف شخص.

وبعد عقود من التهميش، تصاعد نفوذ أكراد سوريا تدريجياً، خصوصاً بعد انسحاب القوات الحكومية من مناطقهم بدءاً من العام 2012. وتمكنوا من إقامة ادارة ذاتية وتأسيس قوات عسكرية وأمنية وإعادة احياء لغتهم وتراثهم. ويسيطر الأكراد مع حلفائهم على نحو 30 في المئة من مساحة البلاد، تتضمن حقول غاز ونفط مهمة.