بيروت: دعا الرئيس اللبناني ميشال عون الأحد خلال افتتاحه القمة العربية الاقتصادية في بيروت إلى توفير الشروط اللازمة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم من دون انتظار التوصل إلى حل سياسي.

وجرى افتتاح "القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية" في دورتها الرابعة في ظل غياب الغالبية الساحقة من الرؤساء والقادة العرب، الذين "أسف" عون لعدم حضورهم.

وحضر افتتاح القمة إلى جانب عون كل من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، فيما مثل رؤساء حكومات ووزراء قادتهم المتغيبين.

واعتذر عدد من الرؤساء في الأيام الأخيرة عن الحضور من دون تقديم أسباب واضحة، آخرهم الرئيسان التونسي والصومالي.

وقال عون في كلمة الافتتاح إن "لبنان يدعو المجتمع الدولي الى بذل كل الجهود الممكنة وتوفير الشروط الملائمة لعودة آمنة للنازحين السوريين الى بلدهم ولا سيما إلى المناطق المستقرة، أو تلك المنخفضة التوتر، من دون أن يتم ربط ذلك بالتوصل إلى الحل السياسي".

وتقدر السلطات اللبنانية وجود نحو مليون ونصف مليون لاجىء سوري يعيش غالبيتهم في ظروف صعبة، ويثقلون كاهل الاقتصاد اللبناني الهش أصلاً.

وتُعد قضية اللاجئين من أبرز النقاط الواردة في جدول أعمال القمة الاقتصادية، والتي يطالب لبنان بإقرار بند حول ضرورة عودتهم.

ودعا عون إلى "تأسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية".

مقاعد شاغرة

وتطرق عون في كلمته إلى غياب تمثيل القادة العرب. وقال "نأسف لعدم حضور الإخوة الملوك والرؤساء ولهم ما لهم من عذرٍ لغيابهم".

وانتقدت صحف لبنانية خلال الأيام الماضية الحضور القيادي الهزيل في القمة، ووصفتها صحيفة "النهار" ب"قمة بلا رؤساء".

وقال عون "كنا نتمنى أن تكون هذه القمة مناسبة لجمع كل العرب، فلا تكون هناك مقاعد شاغرة، وقد بذلنا كل جهد من أجل إزالة الأسباب التي أدت الى هذا الشغور، إلا أن العراقيل كانت للأسف أقوى".

وطغت على التحضيرات للقمة خلال الفترة الماضية نقاشات حول إمكان دعوة سوريا لحضورها.

ودعا وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل الجمعة خلال اجتماع الوزراء العرب الى إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

وعلّقت الجامعة العربية في العام 2011 عضوية دمشق، على خلفية القمع الذي مارسه بحق المتظاهرين ضد النظام السوري آنذاك، قبل تحول التحركات السلمية الى نزاع دام ومدمر لا يزال مستمراً.

إلا أن الفترة الماضية شهدت انفتاحاً عربياً تجاه سوريا تمثل أساساً بزيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق ليكون أول رئيس عربي يزورها منذ بدء النزاع، ثم إعادة كل من الإمارات العربية والبحرين فتح سفارتيهما هناك. وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط قال الخميس إن عودة سوريا الى الجامعة تنتظر "التوافق العربي".

وقاطعت ليبيا من جهتها القمة الاقتصادية لما اعتبرته إساءة لها بعد تمزيق ناشطين من حركة أمل التي يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، العلم الليبي.

وكانت حركة أمل دعت الى عدم استقبال الوفد الليبي، لانها تعتبر أن المسؤولين في طرابلس لم يقوموا باللازم لكشف تفاصيل اختفاء مؤسس الحركة الإمام موسى الصدر في ليبيا في العام 1978 خلال حكم معمر القذافي.

معدلات نمو غير كافية

وعقد وزراء الخارجية والاقتصاد العرب الجمعة اجتماعاً تمهيدياً لبحث جدول أعمال القمة، وأعدوا مشاريع قرارات تتعلق بـ29 بنداً، وقد اطلعت وكالة فرانس برس على نسخة منها.

وبين مشاريع القرارات المطروحة، بالإضافة إلى قضية اللاجئين، دعوة الدول الأعضاء والمؤسسات المالية والجهات المانحة لـ"تقديم دعم فني ومادي للجمهورية اليمنية" يسهم في إعادة الاعمار.

وبالنسبة الى الاتحاد الجمركي العربي، الذي كان من المفترض إقامته في العام 2015 &بعد بحثه في دورات سابقة آخرها في الرياض في 2013، ينص أحد مشاريع القرارات على دعوة الدول العربية إلى الإسراع في استكمال المتطلبات اللازمة لإقامته.&

ومن المفترض أيضاً بحث تطورات إقامة منطقة للتجارة الحرة، التي دعت إليها دورات سابقة للقمة من دون أن تطبق فعلياً على الأرض.

وقال أبو الغيط في هذا الصدد أن "لقد أوشك التفاوض حول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى على بلوغ غايته"، مشيراً إلى "الانتهاء من نحو 95 في المئة من قواعد المنشأ التفصيلية".

وأمل أن تستكمل إقامتها "بما في ذلك تحرير تجارة الخدمات، في أسرع الآجال".

واعتبر أبو الغيط في الوقت ذاته أن المنطقة "ما زالت تفتقر إلى الحجم الكافي من النشاط الاقتصادي ذي الانتاجية العالية"، مشيراً إلى أن معدلات النمو الاقتصادي "لا زالت غير كافية لتحقيق الطفرة التنموية المنشودة".

ورأى أن "الإسراع بانتشال أكبر عدد من السُكان من هوة الفقر المدقع هو الطريق الأمثل لتجفيف منابع التطرف والإرهاب"، مشيراً إلى أن "نحو 20 في المئة من سكان العالم العربي يعيشون في أوضاع تدخل تحت مُسمى الفقر متعدد الأبعاد".

من جهته، أعلن وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الخالد الصباح خلال الجلسة الافتتاحية مبادرة لإنشاء صندوق للإستثمار في مجال التكنولوجيا والاقتصاد برأس مال قيمته 200 مليون دولار أميركي بمشاركة القطاع الخاص.

وستساهم كل من القطر والكويت بـ50 مليون دولار في هذا الصندوق.