صوّت النوّاب البريطانيّون الثلاثاء على تعديل يطلب تغيير اتّفاق بريكست الذي تمّ التفاوض في شأنه مع الاتحاد الأوروبي، خصوصًا تغيير بند يهدف إلى تجنّب العودة إلى حدود فعليّة بين مقاطعة إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا، غير أنّ الاتحاد شدّد على أنّ اتفاق بريكست "غير قابل لإعادة التفاوض".&

إيلاف: قبل التصويت على التعديل الذي أيّده 317 نائبًا بريطانيًا، مقابل 301 عارضوه، اعتبرت رئيسة الوزراء تيريزا ماي أنّ هذا التعديل الذي طرحه المحافظ غراهام برادي سيمنحها "تفويضًا" للتفاوض مجددًا، وهو الأمر الذي لا تزال بروكسل ترفضه قبل شهرين من موعد بريكست.

سارع متحدّث باسم رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إلى التحذير الثلاثاء بأنّ اتّفاق بريكست، الذي تمّ التوصّل إليه بعد مفاوضات بين بريطانيا والاتّحاد الأوروبّي، "غير قابل لإعادة التفاوض".

وقال المتحدّث "نُواصل حضّ الحكومة البريطانيّة على توضيح نواياها، في أقرب وقتٍ ممكن، بالنسبة إلى الخطوات التالية التي تنوي اتّخاذها".

وأشار المتحدّث إلى أنّه في حال قدّمت بريطانيا "طلبًا معقولًا" لإرجاء موعد دخول بريكست حيّز التنفيذ إلى ما بعد 29 مارس ووافقت الدول الأعضاء على هذا الطلب بالإجماع، عندها يُمكن تأجيل موعد الاستحقاق.

من قبرص التي يزورها، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الثلاثاء رفضه إعادة فتح المفاوضات، معتبرًا أنّ اتفاق الطّلاق الذي تمّ التوصل إليه في نوفمبر هو "أفضل اتّفاق ممكن، ولا يُمكن إعادة التفاوض" في شأنه.

ودعا ماكرون الحكومة البريطانيّة إلى أن "تُحدّد سريعًا" لكبير مفاوضي الاتّحاد الأوروبي ميشال بارنييه "المراحل المقبلة التي تتيح تجنّب خروجٍ من دون اتّفاق، وهو الأمر الذي لا يتمنّاه أحد، ولكن علينا مع ذلك أن نستعدّ له جميعًا".

وكان النوّاب البريطانيّون رفضوا بأكثريّة كبيرة في الخامس عشر من يناير الحالي اتّفاق الانسحاب الذي تمّ التفاوض بشأنه على مدى أشهر بين تيريزا ماي والاتّحاد الأوروبي.

بعد رفض البرلمان البريطاني الاتّفاق، لم تقترح تيريزا ماي خطةً بديلة، خلافًا لما كان يُطالب به النوّاب، كما لم تتمكّن من التوصّل إلى توافق على خطة عمل جديدة خلال مشاورات أجرتها مع المعارضة ومع نوّاب من أكثريتها المحافظة.

وافتتحت تيريزا ماي النقاش داعيةً النوّاب "إلى توجيه الرسالة الأكثر وضوحًا، قدر الإمكان" إلى القادة الأوروبيين، ليشرحوا لهم ما يُريدونه، كما أعربت عن استعدادها للدخول في مفاوضات جديدة مع بروكسل. تابعت ماي "أنا لا أتكلّم عن تبادل جديد للرسائل، بل عن تغيير كبير يكون ملزمًا قانونًا لاتّفاق الانسحاب".

قالت رئيسة الحكومة أيضًا إنّ "التفاوض حول تغيير من هذا النوع لن يكون سهلًا. هذا يعني إعادة فتح النقاش حول اتّفاق الانسحاب، وهي خطوة أعرف أنّ استعدادات شركائنا الأوروبيين تجاهها ضئيلة" قبل أن تضيف "إلا أنّني أعتقد أنه بتفويضٍ من هذا المجلس أستطيع الحصول على هذا التغيير".

وأعلنت رئاسة الحكومة البريطانيّة أنّ تيريزا ماي اتّصلت الثلاثاء برئيس المفوضية الأوروبّية جان كلود يونكر بعد اجتماع لحكومتها، من دون كشف ما دار خلال هذا الاتّصال.

خلال اجتماع الحكومة، أعلنت ماي أمام وزرائها، بحسب ما نقل المتحدّث باسم الحكومة عنها "أنّ تغييرات قانونية للـ+باكستوب+ (شبكة الأمان) ستكون ضرورية للحصول على دعم مجلس العموم"، في إشارة إلى البند الموجود في اتّفاق بريكست، والمفترض أن يمنع عودة الحدود الفعليّة بين مقاطعة إيرلندا الشماليّة البريطانيّة، وجمهورية إيرلندا.

تابع المتحدث "هذا يعني إعادة فتح النقاش حول اتّفاق الخروج"، مع تشديده على أنّ رئيسة الحكومة "تبقى مصمّمة على مغادرة الاتّحاد الأوروبي في التاسع والعشرين من مارس"، وهو الموعد المحدد لبريكست.

ردود فعل متعارضة
تدعم تيريزا ماي تعديلًا على اتّفاق الطلاق يستبدل بند "شبكة الامان" بـ"ترتيبات بديلة". وقالت ماي إنّ هذا التعديل الذي قدّمه النائب المحافظ غراهام برادي "يُعطيني التفويض الذي أنا بحاجة إليه للتفاوض مع بروكسل حول ترتيب يُمكن أن يحظى بتأييد غالبيّة هذا المجلس".

إلا أن فكرة إعادة التفاوض حول الاتفاق أثارت ردود فعل متعارضة في صفوف المتظاهرين المؤيدين والمناهضين لبريكست المتجمعين أمام مقر مجلس العموم في ويستمنستر. وقال فيليب ايستون (66 سنة) المؤيّد لبريكست "لا بدّ من إعادة التفاوض، لأنّ الباكستوب غير مقبول".

أمّا نيك جاكسون (48 عامًا) المعارض لخروج المملكة المتّحدة من الاتحاد الأوروبّي، فانتقد الإصرار على إعادة التفاوض مع تأكيد الاتحاد الأوروبي رفضه لذلك. وقال في هذا الإطار "لقد قال قادة الاتحاد الأوروبي لا (لمفاوضات جديدة) وقالوا ذلك مرارًا. ولا أعرف لماذا لا تفهم" في إشارة إلى تيريزا ماي.

من أبرز التعديلات الأخرى التي يجري التداول بشأنها، ما قدّمته النائبة العمالية إيفيت كوبر، التي تريد إرجاء موعد بريكست لتجنب خروج من دون اتّفاق مع الاتحاد الأوروبي. وفي حال إقراره، سيكون على النوّاب مناقشة قانون في الخامس من فبراير المقبل لإجبار الحكومة على إرجاء موعد بريكست، في حال لم يتمّ التوصل إلى اتّفاق جديد في السادس والعشرين من فبراير.

حصل هذا التعديل على دعم زعيم حزب العمّال المعارض جيريمي كوربن، الذي اعتبر أنّه سيُتيح "إعطاء بعض الوقت لإعادة التفاوض" وتجنّب خروج من دون اتّفاق "سيتسبّب بكثير من الأضرار" للاقتصاد البريطاني.