الرباط: كشف خوسي أمبيرطو دي بريطو كروز، سفير جمهورية البرازيل لدى الرباط، أن المغرب والبرازيل بصدد وضع اللمسات الأخيرة على نص اتفاق في المجال الجنائي، يسمح بنقل وتبادل المجرمين في إطار التعاون القضائي والقانوني الذي يجمع حكومتا البلدين.

وقال كروز خلال حلوله ضيفا على وكالة المغرب العربي للأنباء في إطار اللقاءات الدبلوماسية التي تنظمتها الوكالة، مساء الخميس، "نعمل على إنهاء الإطار القانوني لاتفاقية في المجال الجنائي، والنص في إطار الدراسة والتوافق"، مؤكدا أن الاتفاقية ستنص على "نقل الأشخاص المحكوم عليهم وتبادل المجرمين بين البلدين".
وأضاف السفير البرازيلي موضحا، في حديثه حول "ماضي ومستقبل العلاقات المغربية - البرازيلية" أن هذا التعاون القانوني والقضائي بين المغرب والبرازيل "مسألة بالغة الأهمية لمواجهة تحدي الأنشطة الإجرامية على المستوى الدولي، مثل تهريب المخدرات".

وأكد كروز أن العلاقات التي تجمع بلاده بالمملكة المغربية تسير في اتجاه تصاعدي، مشددا على ضرورة استثمار الإمكانات التي يتوفر عليها البلدان من أجل تطوير الشراكة في المستويات التجارية والاقتصادية والثقافية.

واعتبر المتحدث ذاته، أن الزيارة التي قادت العاهل المغربي الملك محمد السادس البرازيل سنة 2004 شكلت "لحظة تاريخية أخذت بعدها العلاقات منحى تصاعديا".
وقال كروز إن حجم المبادلات التجارية بين البلدين بلغ "1,4 مليار دولار، يستحود المغرب على 900 مليون دولار ، فيما حصة البرازيل منها 500 مليون دولار "، وأضاف أن الصادرات المغربية نحو البرازيل كانت منخفضة في 2015 بسبب الأزمة الاقتصادية في البرازيل وهي في تصاعد والآفاق جيدة بالنسبة للمستقبل.

وشدد السفير البرازيلي على أن "هناك عمل يجب إنجازه ومن دون اتفاق تجاري بين البلدين لن تبلغ العلاقلات التجارية والاقتصادية المستوى الذي نطمح إليه"، مؤكدا أن "التعاون جنوب - جنوب نقطة مهمة، والمغرب والبرازيل يجب عليهما أن يعطيا المثال في إمكانية اشتغال بلدين ناميين بالنسبة لكل المنطقة"، معبرا عن إعجابه بالمؤهلات التي تميز المغرب في القارة الأفريقية والعالم.
&
وزاد مبينا أن مدينة الدار البيضاء "مركز يمكن من التنقل بشكل سهل لكل أفريقيا الغربية، وعلى رجال أعمال البلدين أن يفكروا في الاستثمار بهذه المنطقة بشكل مشترك، وهي مهمة حاضرة بقوة في عملنا"، وطالب بالعمل مع السلطات المغربية لتفادي "الفرض المزدوج للضريبة وهذا مهم للمستثمرين من الجانبين".

كما عد كروز أن التحدي الأبرز الذي ستواجهه العلاقات الثنائية بين البلدين خلال &السنوات النقبلة، هو "التغلب على العوائق في المبادلات التجارية وتعميق العلاقات الدبلوماسية لتطوير العلاقات بين ضفتي الأطلسي"، لافتا إلى أهمية استيعاب البلدين &لكونهما "بلدين مجاورين والمحيط الأطلسي هو جسر للتواصل وليس هوة تفصل بيننا".&
ويرى سفير البرازيل في الرباط بأن الشعبين المغربي والبرازيلي تجمعهما الكثير من الأمور المشتركة على المستوى الثقافي والاجتماعي، مشيرا إلى أن هناك العديد من البرازيليين من أصول مغربية مستقرين في شمال البلاد، وقال: "هناك نوع من التطابق في روح المرح بين الشعبين وهذا يفسر ارتفاع عدد السياح الذين يفدون على المغرب سنويا".&

وسجل كروز أن "45 ألف سائح برازيلي زاروا المغرب خلال سنة 2017، ونقدر أن سنة 2018 شهدت 55 ألف سائح وكان هدفنا 60 ألفا ولم نصل إليه"، موضحا أن هذا العدد يسير في اتجاه تصاعدي.

وأشار الدبلوماسي البرازيلي إلى أن السياح المغاربة "من أكثر السياح العرب زيارة لبلدنا"، معتبرا أن إلغاء التأشيرة بين البلدين "يسهل السفر وتبادل المعارف وانا أولي أهمية خاصة للسياحة كشكل يساهم في تعميق المعارف بين شعبي البلدين". &

وأشاد كروز بأهمية الجهود المبذولة في مجال التبادل الثقافي ودورها في "التحول من ذاكرة الصراع إلى الاحتفاء والتعاون"، مؤكدا أن التعاون العلمي والأكاديمي بين جامعات البلدين "يواجه عائق اللغة وليس هناك الكثير من المغاربة يتقنون اللغة البرتغالية وهذه المسألة ينبغي الاشتغال عليها وحلها"، مشددا على استعداد بلاده في للتعاون والاستثمار في العلاقات الثقافية والتاريخية المشتركة بين ضفتي المحيط الأطلسي.

من جهتها، ركزت فتيحة بنلباه مديرة معهد الدراسات الإسبانية – البرتغالية بالرباط، على محورية الثقافة والتاريخ في النهوض بالعلاقات المغربية -البرازيلية، حيث اعتبرت أن شعبي البلدين يجمعهما "موروث حضاري وتاريخ طويل من التلاقح والتفاعل في عدة مجالات".
وأكدت بنلباه التي شاركت إلى جانب السفير البرازيلي في تنشيط اللقاء، على أهمية استحضار هذا الإرث المشترك من أجل "فهم الحاضر واستشراف المستقبل"، واعتبرت أن حاضرة "مازاغان"، التي أسسها البرتغاليون في الساحل الأطلسي المغربي سنة 1541، لها "حمولة تاريخية وقيمة اعتبارية تجعلها صلة وصل بين ضفتي المحيط الأطلسي".كما طالبت الأكاديمية والباحثة المغربية بضرورة تفعيل الاتفاقات التي توقع بين الجامعات المغربية والبرازيلية ميدانيا، من خلال إعداد البحوث والدراسات الثقافية والاجتماعية التي تبرز التاريخ المشترك بين ثقافتي البلدين، وأشارت إلى أن الحضور المغربي في البرازيل كان منذ القدم من خلال اليهود المغاربة الذين حلوا بالبرازيل قبل رحلة "المزاغانيين"، في القرن السادس عشر.

وشددت المتحدثة ذاتها على أهمية "إعادة إحياء هذا التراث وجعله رافعة من أجل علاقات ثقافية وإنسانية أكثر ازدهارا بين المغرب والبرازيل"، كما دعت إلى التحلي بالإبداع والاجتهاد لإحياء الروابط الثقافية والتاريخية بين ضفتي الأطلسي، وأكدت الحاجة إلى إنشاء متحف للعوالم الثلاث (البرتغال والمغرب والبرازيل) في المدينة التاريخية مازاغان، معتبرة ان هذا الفضاء "سيساهم في ردم الهوة الموجودة وتطوير العلاقات الثقافية بيننا".
&