سلمت السلطات الأمنية في تركيا مواطنًا مصريًا صدر في حقه حكم قضائي بالإعدام شنقًا، وأثار القرار الكثير من الغضب في أوساط جماعة الإخوان المسلمين في تركيا.

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: في مفاجأة أثارت الرعب في قلوب قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين الهاربين في تركيا، سلمت السلطات الأمنية في أنقرة، شابًا مصريًا يدعي محمد عبد الحفيظ، صادر بحقه حكم بالإعدام شنقًا، إلى القاهرة.

ونشر القيادي الإخواني الهارب في تركيا هيثم أبو خليل صورة للشاب أثناء ترحيله، بعد توقيفه في مطار أتاتورك بمدينة اسطنبول في الـ17 من يناير من العام الجاري، وقال أبو خليل في منشور له عبر صفحته على فايسبوك، إن الشاب أبلغ الجانب التركي بأنه معارض ومحكوم عليه بالإعدام في بلاده بقضية "النائب العام المصري الراحل هشام بركات".

وأضاف أبو خليل: "أن تركيا قررت تسليم عبد الحفيظ للسلطات المصرية في سابقة تعد الأولى من نوعها".

ولم تصدر السلطات المصرية أي تعليق على عملية التسليم، التي أجريت في سرية تامة، رغم حالة التوتر السياسي بين القاهرة وأنقرة، منذ سقوط نظام حكم جماعة الإخوان في 3 يوليو 2013.

وتجري السلطات التركية تحقيقًا للوقوف على أسباب تسليم الشاب إلى مصر، وقررت السلطات القضائية، إيقاف 8 من أفراد الشرطة في مطار أتاتورك الدولي في مدينة اسطنبول مؤقتا ضمن التحقيقات الجارية.

وأفادت ولاية اسطنبول في بيان صادر عنها، أنها أمرت بتشكيل لجنة يرأسها نائب الوالي للتحقيق في ترحيل عبد الحفيظ إلى مصر، مشيرة إلى أن الولاية قررت "إيقاف 8 من أفراد الشرطة مؤقتا عن مهامهم في قسم التدقيق بالجوازات في مطار أتاتورك الدولي، حتى اكتمال التحقيق في ترحيل الشاب المصري إلى بلاده".

وكشف مستشار الرئيس التركي، ياسين أقطاي، أن الشاب المصري وصل إلى مطار أتاتورك في اسطنبول قادما من مقديشو بتأشيرة غير مناسبة، وهذا ما دفع المسؤولين إلى ترحيله.

وقال أقطاي في تصريحات لقناة "مكملين" الإخوانية، التي تبث من تركيا، إن تحقيقا سيفتح في ترحيل الشاب، موضحا أن الشاب لم يطلب اللجوء السياسي إلى تركيا، مشيرًا إلى أن المسؤولين لم يعلموا بوجود حكم إعدام ضده إلا بعد ترحيله بأيام.

بينما نقلت قناة "روسيا اليوم"، عن مصدر روسي قوله، إن هناك افتراضات عديدة لترحيل المواطن المصري، مشيرًا إلى أن المخابرات المصرية وضعت قائمة بالمطلوبين وتوزيع نشرات حمراء، شملت هذا المواطن وقد يكون ترحيله ناتجا عن اتفاق بين الجانبين.

وأوضح المصدر أن الفرضية الأخرى هي أنّ ترحيل المواطن جاء سهوا، ونتيجة لعدم علم المسؤولين في المطار بوجوده على قائمة المطلوبين أو وجود حكم ضده بالإعدام نظرا لأنه ليس من قادة الإخوان المسلمين المعروفين لدى تركيا، ومن المؤكد أنه أبلغهم بوجود حكم ضده بالإعدام في مصر، عكس ما قاله مستشار أردوغان حول أن الشاب "لم يطلب اللجوء السياسي".

وقال المصدر: "المخابرات المصرية من الممكن أن تكون قد دبرت خطة، قامت على إثرها بخداع المخابرات التركية، وهذه الخطة تتمثل في وضع أسماء هؤلاء الأشخاص بكود معين وأسماء وهمية لا تظهر هويتهم الحقيقية عند البحث عنهم في قائمة المطلوبين في الدول التي تأويهم".

وتابع: "الأمن المصري يقوم بتوزيع نشرات حمراء في كافة الدول، تحتوي على قائمة بالمطلوبين وأبرزهم بالطبع قادة جماعة الإخوان المسلمين، ولكن هناك بعض الأشخاص غير المعروفين، مثل هذا الشاب، فهو غير معروف بالنسبة للأتراك عكس قادة الإخوان، ولم يجدوا اسمه ضمن المسموح لهم باللجوء في تركيا، لأن اسمه غير موجود على النشرات الحمراء التي تقوم مصر بتوزيعها".

وأثارت عملية التسليم الكثير من الغضب في أوساط شباب جماعة الإخوان في تركيا، واتهموا القيادات بالمساهمة في تسليم الشاب، وقال أحدهم ويدعى هيثم غنيم، إن الشاب المصري المسلم إلى مصر، محمد عبد الحفيظ حسين، يبلغ من العمر 29 عاما، وكان يعمل مهندساً زراعياً بمدينة السادات بالمنوفية شمال القاهرة، مضيفا أنه وصل إلى مطار أتاتورك باسطنبول في الساعة الثامنة صباح يوم 16 يناير، بجواز سفر مصري قادماً من العاصمة مقديشو، حاملا لتأشيرة إلكترونية تبين أنها غير صالحة.

وذكر في مقطع فيديو له، أن الشاب قدم لأجهزة الأمن التركية ما يفيد بصدور حكم بالإعدام ضده في مصر، طالباً اللجوء السياسي، مشيرًا إلى أن الشاب تواصل مع قيادات وشباب من جماعة الإخوان بتركيا، حيث وصل هناك بعد تنسيق معهم.

ولفت إلى أن الشاب بعد وصوله المطار، ورفض السلطات التركية دخوله، اتصل فوراً بقيادات إخوانية تقيم في تركيا، بينهم محمود حسين أمين عام الجماعة، وعادل راشد، وصابر أبو الفتوح، منوهًا بأن قيادات الإخوان تقاعست في التدخل، وقال بعضهم إنه ليس إخوانياً بل ينتمي لداعش، ولذلك رفضوا التوسط لدخوله تركيا.

وأفاد غنيم إن السلطات التركية رفضت دخول الشاب المصري لأراضيها لعدم وجود ما يفيد منحه حق اللجوء السياسي، وقامت بإعادته على الطائرة المتجهة للقاهرة، بعدما تبين لديها أنه لا ينتمي للجماعة.

ومن جانبه، قال القيادي في جماعة الإخوان، صابر أبو الفتوح، إنه علم من محمود غزلان، القيادي بالجماعة، بدخول الشاب تركيا، قادما من الصومال بتأشيرة مزورة، وقبض عليه لكونه ينتمي لأحد التنظيمات المتطرفة، وقال إنه أخبر السلطات التركية بانتمائه للتطرف، مضيفا أنه قام بإرسال محامٍ تركي للمطار لمعرفة سبب القبض عليه وعلم المحامي بنقله لمكان آخر.

وأضاف في تسجيل صوتي إلى أن الشاب لم يكن يعلم بكيفية التواصل مع القيادات الإخوانية في تركيا، مؤكداً أن إدارة الهجرة أبلغته أن الشاب مازال موجوداً في تركيا ولم يتم ترحيله لمصر بعد.

وأعلن أنه يثق في الحكومة التركية ويرفض أي اتهامات لها بترحيل الشاب لمصر، مضيفاً أنها يمكن أن ترفض دخوله للبلاد، لكن لا يمكن أن تقوم بترحيله لمصر.

كان محمد عبد الحفيظ أحمد حسين، في عمر 25 عامًا، حينما حمل الرقم 58 ضمن قائمة تضم 67 متهمًا في القضية، التي أدين فيها 9 مُتهمين بالإعدام في يوليو من العام 2017.