قامت إسبانيا، المالك الحالي للأرض ولمبنى "مسرح سرفانتيس الكبير" بطنجة، بنقل ملكيته للمغرب في شكل هبة لا رجعة فيها بموجب بروتوكول وقع، الأربعاء في قصر الضيافة في الرباط، خلال حفل ترأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس والملك الإسباني فيليبي السادس.

إيلاف من الرباط: في إطار هذا الاتفاق الذي وقعه ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، وجوزيب بوريل إي فونتيليسالوزير الإسباني للشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون، يتعهد المغرب، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء المغربية، بترميم البناية برمتها، مع احترام الهندسة المعمارية الأصلية، سواء هندسة الواجهة أو داخل البناية، والحفاظ على التصميم الأصلي للمسرح.

في غضون فترة زمنية معقولة، سيقدم المغرب إلى اللجنة المشتركة المشار إليها في المادة 5، مشروع إعادة تأهيل هذا الصرح الثقافي.

ستجري عملية الترميم خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك. كما يتعهد المغرب بتحمل جميع تكاليف عملية الترميم والتجديد والإدارة وبالحفاظ على اسم المسرح وصون رمزيته وتاريخه.

فضلًا عن ذلك، سيضمن المغرب تحقيق غايات المنفعة العامة والمنفعة الاجتماعية وتعزيز الثقافة بشكل عام، والثقافتين الإسبانية والمغربية على وجه الخصوص، عن طريق إنجاز أنشطة المسرح على نحو يتوافق مع الأغراض المشار إليها، ويضمن إدارة "مسرح سرفانتيس الكبير".

ستشكل المنشأة المنقولة جزءًا من "المجال الخاص للدولة المغربية"، ولا يمكن تفويته بأي حال إلى طرف ثالث، ولا تستتبع عملية التبرع أية تكاليف.

يعود افتتاح "مسرح سرفانتيس الكبير" إلى 1913، وذلك بمبادرة من الزوج الإسباني إسبيرانزا أوريانا ومانويل بينيا ومالك العقار آنذاك أنطونيو غاييغو؛ حيث شكل، على مدى العقود الأولى من القرن العشرين، واحدًا من أهم المعالم الثقافية بحوض البحر الأبيض المتوسط، إذ تميز بطابعه المعماري الإسباني الأصيل، ورسوماته وزخارفه التي تزين الأسقف والجدران.

جاء في كتاب "طنجة .. قرن من التاريخ" للمؤرخ إسحاق يوسف الصياغ، أن "مسرح سرفانتيس الكبير" ساهم، بعد افتتاحه، في "تحول جذري للمشهد الفني والثقافي في مدينة طنجة (...) حيث لم يعد من الضروري السفر إلى مدريد أو باريس لرؤية أروع المسرحيات".

وأضاف الصباغ أن هذا المسرح صار في حقبته بمثابة "عشق لا يقاوم " لكل سكان حاضرة طنجة، حيث كان بالفعل، على مدى النصف الأول من القرن الماضي، بمثابة منارة أشعت بسناها على السماء الثقافية لمدينة طنجة، بل وكل حوض المتوسط، قبل أن يطويه النسيان، ويتحول في آخر سنواته إلى حلبة للمصارعة الحرة، ومن ثمة جاء قرار الحكومة الإسبانية بإغلاقه في ستينيات القرن الماضي.

يربط الباحث والمخرج المسرحي عبد الواحد عوزري، في مؤلفه "المسرح في المغرب"، نشأة المسرح المغربي بــ"مسرح سرفانتيسالكبير"، منطلقًا من خضوع المغرب، في سنة 1912، "ليس فقط لنظام حماية، بل أيضًا لنظام تقسيم يجزئه إلى منطقتين، إحداهما "إسبانية"، والأخرى "فرنسية".&

وكانت المنطقة المسماة بـ"المنطقة الإسبانية" تضم شمال البلاد وأقصى الجنوب، المسمى بالصحراء الغربية، مع وضعية دولية لمدينة طنجة؛ أما المنطقة "الفرنسية" فكانت تشمل باقي البلاد. وتقسيم المغرب إلى منطقتين، بنظامين وإدارتين مختلفتين، يضلل أحيانًا الباحثين المعاصرين في موضوع تاريخ المسرح المغربي. فهؤلاء ينتهون إلى خلاصات مختلفة، باختلاف نقطة انطلاقهم: هل هي المنطقة "الإسبانية" أم المنطقة "الفرنسية". فالذين ينطلقون من المنطقة الشمالية، وخاصة من طنجة، يؤكدون أن إنشاء مسرح "سرفانتيس" بهذه المدينة، في سنة 1913، يؤرخ لبداية النشاط المسرحي المغربي".&