باريس: بعد ثلاثة أشهر من التظاهر في إطار حركة ما زالت مشتتة وبوادر سأم لدى الرأي العام، يريد محتجو "السترات الصفراء" التحرك في جميع أنحاء فرنسا السبت وكذلك الأحد بوسائل وشعارات مختلفة في بعض الأحيان.

وتشير أرقام الحكومة التي أحصت 51 ألف و400 متظاهر في فرنسا السبت الماضي، إلى تراجع في التعبئة في الأسابيع الأخيرة. لكن حركة الاحتجاج تنفي ذلك، وتتحدث عن ثبات حجم قوتها، مؤكدة أن 118 ألف شخص نزلوا إلى الشوارع في الأسبوع الماضي.

ويبدو أن الدعم الشعبي الواسع الذي كانت تلقاه حركة الاحتجاج غير المسبوقة التي أطلقت في 17 نوفمبر، بدأ يتراجع. فللمرة الأولى، تأمل غالبية من الفرنسيين (56 بالمئة) في توقف التحرك، حسب استطلاع نشرت نتائجه الأربعاء.

ويعتقد ثلثا الذين شملهم الاستطلاع أن التظاهرات الأسبوعية "ابتعدت عن المطالب الأولى للحركة" التي كانت تتركز خصوصًا على القدرة الشرائية والديموقراطية المباشرة وأسعار المحروقات.

وعلى الرغم من هذه المؤشرات إلى تراجع، يريد كثيرون من ناشطي التحرك "عدم التوقف" بعد أسبوع مثل خلاله اثنان من شخصياتها هما سائق الشاحنات إيريك درويه والملاكم السابق كريستوف ديتينجي، أمام القضاء في باريس.

طلب الإدعاء السجن أسبوعًا لدرويه لتنظيمه تظاهرة بدون ترخيص، بينما حكم على ديتينجي الأربعاء بالسجن لعام واحد مع التنفيذ قابل للتخفيف إلى حرية مشروطة، لأنه ضرب بعنف دركيين خلال السبت الثامن من التظاهر في باريس.

"عصيان" أم "تظاهر سلمي"
تثير طرق التحرك جدلًا كبيرًا داخل الحركة المتنوعة التي أضعفت السلطة التنفيذية، وأجبرتها على تقديم تنازلات وإطلاق حوار واسع لمحاولة الخروج من الأزمة.

في باريس، ستستمر التعبئة طوال نهاية الأسبوع لإحياء ذكرى مرور ثلاثة أشهر على بدء التظاهرات الأحد. وأطلقت دعوة على موقع فايسبوك تشهد متابعة واسعة إلى "تحركات عصيان" و"إغلاق بلاس دو ليتوال (ساحة النجمة) لأطول مدة ممكنة" السبت.

في تحرك آخر يلقى شعبية أكبر على شبكة التواصل الاجتماعي، أطلقت دعوة إلى تحرك الأحد في المكان نفسه لتظاهرة "سلمية".
أما قادة الحراك فلم يكشفوا أماكن تواجدهم، وعلى رأسهم إيريك درويه، أحد الذين ساهموا في إطلاق التعبئة الأولى في 17 نوفمبر.

وحذرت شرطة باريس من أنها "لا تستبعد أن تجري خلال هذين اليومين تجمعات غير رسمية وتشكيل مواكب غير منضبطة"، مؤكدة أنها ستنشر "العديد المناسب من القوات" لضمان أمن العاصمة الفرنسية.&

وكما حدث في تظاهرات السبت السابقة، تخللت تجمعات السبت صدامات، خصوصًا أمام مقر الجمعية الوطنية، حيث بترت يد متظاهر خلال مواجهات مع الشرطة، ما أجّج الجدل حول استخدام العنف من قبل الشرطة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يطالب المتظاهرون باستقالته، الأربعاء إن "اعمال العنف (خلال التظاهرات) يجب أن تتوقف".

الدوارات مجددًا
في مدينتي بوردو وتولوز اللتين تشكلان معقلين آخرين للاحتجاج، ستجري تجمعات بعد ظهر السبت قبل مسيرات تخللتها كل سبت أعمال عنف.

وفي منطقة ميدي بيرينيه والشرق، دعت مجموعات عديدة إلى الاحتفال بمرور ثلاثة أشهر على بدء حركة الاحتجاج، عبر تجمعات في الدوارات اعتبارًا من صباح السبت. وستجري تجمعات أيضًا السبت في مدن أخرى، بينها مرسيليا وليون ونانت وليل ونيس وغيرها.&

بين الحكومة المنشغلة بالترويج للنقاش الكبير والمتظاهرين الذين يدينون مشاورات يعتبرونها شكلية، يتواصل حوار الطرشان.

وقال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير الخميس إن "هذه الحركة لم تعد تطالب بشيء". أضاف ساخرًا "يطالبون بتنظيم تظاهرة للاحتفال بمرور ثلاثة أشهر" على بدئها.

وردت ناطقة باسم المحتجين في مرسيليا "لا أرى سببًا لنتوقف، إنهم لا يصغون إلينا". أضافت أن "النقاش جار هنا، لكن نحن ومنذ نوفمبر، نعرف ما نريده: شيء ملموس، أي زيادة القدرة الشرائية ومزيد من الخدمات العامة".
&