بهية مارديني: أثار اعتقال السلطات الألمانية يوم الثلاثاء الماضي أنور رسلان وإياد الغريب على خلفية اتهامهما بتعذيب معتقلين عندما كانا ضابطين على رأس عملهما في المخابرات السورية ما بين 2011 و 2012، واعتقال مماثل في فرنسا لمسؤول سابق أيضا، قلقا بين صفوف المنشقين وجدلا بين الناشطين السوريين.

وفيما رأى المحققون الألمان، بحسب &وسائل الاعلام أن الأمر المحبط هو "الوصول فقط الى المنشقين عن النظام دون إمكانية الوصول الى مسؤولين حاليين يمارسون صنوف التعذيب &في سوريا"، ساد في ذات الوقت تهليل من بعض الحقوقيين السوريين.

وعلى نحو مغاير صدرت صكوك براءة وشهادات من معارضين سوريين تمتدح الضابط السابق أنور، &فيما لاحظت "إيلاف" قلقا بين صفوف المنشقين عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد ومخاوف من احتمال اعتقالهم في أماكن وبلدان متفرقة. فهل يمكن اعتبار المنشقين شهودا على ارتكاب النظام الفظائع أم أن الجريمة لا تسقط بالتقادم رغم الانشقاق؟ من ناحية ثانية هل يجب محاسبة مسؤولي النظام حتى في حال انشقاقهم؟

وترافق هذا كله مع تساؤلات مختلفة كانت أكثر اتساعا فهل يجب أن نشجع المسؤولين على الانشقاق وهل هذه الاعتقالات تبعدهم عن ذلك وتثير مخاوفهم من المحاسبة وهل هم اندسوا في صفوف المعارضة على مدى سنوات وهل اخترقوها ليبقوا في صفوف النظام عمليا؟ بينما هم شكليا أعلنوا انشقاقهم ووقوفهم مع الثورة والمعارضة، وكيف يمكن معرفة ذلك واكتشاف من تآمر معهم؟

الكثير من الأسئلة بانتظار ما توضحه نتائج التحقيقات ولكن في التفاصيل الأوليّة عن اعتقالهما يُنسب للأول قيامه بتعذيب العديد من المعتقلين وقيام الثاني بالمساهمة باعتقال الكثير من المعارضين وتعذيبهم حسب ما جاء بشكوى تقدم بها أربعة أشخاص إلى المدعي العام الألماني كانوا قد تعرضوا للتعذيب في سوريا.

وفي تصور مغاير للنقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي اعتبر العقيد في الجيش السوري الحر فاتح حسون في حديث مع "إيلاف" أنه من الممكن أن يكون "النظام السوري خلف هذه الاعتقالات لأن جميع المعتقلين من أجهزة أمن الدولة ولديهم معلومات كثيرة والمتضرر من كشفها النظام وبدل من أن يكونوا شهودا ضده أصبحوا الآن متهمين في حين يوجد في ألمانيا وفرنسا الكثير بل والكثير جدا من شبيحة النظام ولم توقفهم الأجهزة الأمنية هناك".

وردا على أن مكتب المدعي العام الاتحادي الألماني يتحرك بعد ابلاغات أو شكاوى من أفراد قال إن" هذا كلام صحيح ولكن بالتوازي، لماذا لم تدع هذه الأطراف على المجرمين المتواجدين هناك وتوجد شبيحة ويوجد عناصر أمن ويوجد من ساند النظام بالمال ويوجد من قتل من المتظاهرين وهم محسوبون على النظام؟"

وشدد حسون في الوقت ذاته بالقول: "نحن مع تحقيق العدالة ومحاسبة المجرمين ليس سنوات الثورة فقط بل قبلها، ولكن ليس من الصواب أن تكون العدالة إنتقائية، فتطبق على أشخاص دون آخرين تنطبق عليهم نفس الجريمة. لا سيما أنهم قد يكونوا مجرد تنفيذيين فيلاحقون بقوة القانون، ويترك الآمرون لهم بقوة السياسة".

وأوضح أن هذا الاعتقال ان تم فهو اعتقال مبدئي ناتج عن ادعاء، ومن المفروض ألا نطلق الأحكام إلى حين صدور توضيح من السلطات المختصة يمكن البناء عليه لتحليل مثل هذه الاعتقالات ، فالقاعدة تقول أن المتهم بريء حتى تثبت ادانته".

وعبّر عن أسفه لأن الجيش الالكتروني للنظام السوري ساعد ليشكل حالة رأي عامة بأن كل شخص وقف ضد النظام أو انشق عنه "فهي ادانة تنال من تاريخه ومستقبله"، مطالبا ألا نساعد النظام في ذلك.

يشار في هذا الصدد إلى أن العقيد أنور (56 عاما) كان يشغل منصب نائب رئيس فرع التحقيق(251) في إدارة المخابرات العامة في سوريا وكان يعمل تحت إمرة العميد حافظ مخلوف واعتقل في برلين، بينما الثاني الضابط إياد (42 عاما )كانت مهمته الرئيسية القيام بالمداهمات والاعتقال، واعتقل في مقاطعة راينلادفلاز في مدينة تسفايبروكين الألمانية وباشر قاضي التحقيق في المحكمة الفيدرالية، تحقيقاته، وأمر بتنفيذ الاعتقالات السابقة بغية المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية.

وفي نفس اليوم في فرنسا أعلن مكتب الإدعاء العام في باريس عن توقيف شاب سوري آخر قيل أنه تورط بجرائم تعذيب أيضا، والموقوف يبلغ (30 عاماً &كان قد عمل في جهاز المخابرات السورية بين عامي 2011 و2013 ووجها له اتهامات بالقيام بجرائم ضد الانسانية يوم الجمعة الماضية أي بعد ثلاثة أيّام من اعلان اعتقاله.