قرب الباغوز: سلم عشرات المدنيين وبعض عناصر تنظيم الدولة الإسلامية أنفسهم الثلاثاء لقوات سوريا الديموقراطية التي تتريث منذ أيام عدة في عمليتها العسكرية ضد آخر نصف كيلومتر مربع يتحصن فيه الجهاديون في شرق سوريا.

جاء إعلان متحدث باسم هذه القوات عن تسليم هؤلاء، وبينهم أجانب، أنفسهم، بعد أربعة أيام من توقف حركة الفرار من آخر جيب للتنظيم المتطرف في منطقة الباغوز في محافظة دير الزور.

وتشهد خطوط الجبهة ضد تنظيم الدولة الاسلامية في أقصى ريف دير الزور هدوءاً نسبياً لليوم الرابع على التوالي، مع تريث قوات سوريا الديموقراطية في شن هجومها الأخير في انتظار إخراج المدنيين المحاصرين.

أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى "مفاوضات" بين قوات سوريا الديمقراطية والجهاديين الذين طلبوا "ممرا للخروج". ولم يتسن للمرصد تحديد الوجهة التي يرغب مقاتلو التنظيم في نقلهم إليها. لكن مسؤولين في قوات سوريا الديموقراطية نفوا لفرانس برس أي مفاوضات مع الجهاديين.

وأفاد مراسل لفرانس برس قرب بلدة الباغوز بعد ظهر الثلاثاء عن ثلاث غارات جوية وقصف بالهاون استهدف مواقع للجهاديين وسط صوت إطلاق نار متقطع.

وقال المتحدث باسم حملة قوات سوريا الديموقراطية في دير الزور عدنان عفرين لصحافيين في مقر عسكري في حقل العمر النفطي "للمرة الأولى منذ أربعة أيام، سلم عشرات المدنيين وبعض المقاتلين أنفسهم لقوات سوريا الديموقراطية، ودخلت شاحنات إلى بلدة الباغوز لإخراجهم ونقلهم إلى نقطة تجمع الفارين".

وأشار إلى أن بين هؤلاء "أجانب" لم يتمكن من تحديد عددهم أو جنسياتهم، أو ما إذا كانوا مقاتلين أو مدنيين. وشاهد مراسل لوكالة فرانس برس عند نقطة استقبال للفارين قرب الباغوز عشرات الشاحنات تتوجه نحو البلدة. كما شاهد في شمال البلدة خيماً بيضاء فارغة ومقاتلين وعاملين في منظمة إنسانية في نقطة من المفترض نقل الأشخاص الفارين إليها.

وتخوض قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن منذ سبتمبر هجوماً في المنطقة تمكنت خلاله من طرده من عدد كبير من القرى والبلدات التي كانت تحت سيطرته. وتسببت العمليات العسكرية منذ ديسمبر بفرار نحو 40 ألف شخص من المنطقة الخاضعة لسيطرة التنظيم.

وتقدّر قوات سوريا الديموقراطية وجود المئات من مقاتلي التنظيم والمدنيين المحاصرين معهم في الجيب الأخير للتنظيم الذي أثار خلال سنوات الرعب بقوانينه المتشددة وأحكامه الوحشية واعتداءاته الدموية حول العالم.

وكان مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديموقراطية مصطفى بالي قال في وقت سابق الثلاثاء لوكالة فرانس برس "نعمل على عزل المدنيين أو إجلائهم لاقتحام الحي"، لافتاً الى أن "الأمر قد يكون اقترب". وأضاف أن ليس أمام مقاتلي التنظيم إلا "الاستسلام أو الموت قتلا في المعركة حصراً".

وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية السبت أن قواتها تتحرك "بحذر" في بلدة الباغوز، حيث باتت تحاصر التنظيم في نصف كيلومتر مربع، لوجود مدنيين محتجزين "كدروع بشرية". وقالت إنه سيتم اعلان انتهاء "الخلافة" في غضون أيام.

وأبدت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الانسان ميشال باشليه في بيان الثلاثاء خشيتها على مصير "نحو مئتي عائلة بينهم العديد من النساء والأطفال" محاصرين في البقعة الضيقة المتبقية تحت سيطرة التنظيم. وقالت "يبدو أن العديد منهم يُمنعون من الخروج" من جانب التنظيم.

معضلة الجهاديين الأجانب
وأعلن التنظيم في العام 2014 إقامة "الخلافة الإسلامية" على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا، لكنه مني بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين. ولا يعني حسم المعركة في دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق المحررة وانتشاره في البادية السورية المترامية الأطراف.

وتقول قوات سوريا الديموقراطية إن الجهاديين المتبقين يتحصنون في بضعة أبنية ومنازل وفي خنادق في قسم من الباغوز، وسط حقل من الألغام.

وتعمد قوات سوريا الديموقراطية الى توقيف الرجال الذين تشتبه بانتمائهم الى التنظيم، لدى فرارهم من مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، وتفصلهم عن النساء والأطفال الذين ينقلون الى مخيمات للنازحين في شمال شرق البلاد.&

واعتقلت قوات سوريا الديموقراطية خلال المعارك التي خاضتها ضد التنظيم المتطرف، المئات من المقاتلين الأجانب من جنسيات عدة، أبرزها البريطانية والفرنسية والألمانية. وهي تطالب الدول المعنية باستعادة مواطنيها.

وطلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الدول الأوروبية بدوره استعادة هؤلاء ومحاكمتهم، لكن عددا من المسؤولين الأوروبيين تعاطى بفتور مع دعوة ترمب الى استعادة قرابة 800 جهادي أجنبي.

انتقدت دول أوروبية عدة مطلب ترمب. وحضرت هذه المسألة على طاولة اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل الاثنين. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني في ختام الاجتماع "لن يكون هناك قرار على مستوى الاتحاد الاوروبي. فالمسألة من اختصاص كل حكومة".

وتبدي عائلات الجهاديين وجهات حقوقية قلقها من احتمال نقل مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من سوريا إلى العراق المجاور الذي حكم على مئات الأشخاص بالإعدام أو السجن المؤبد لانضمامهم إلى التنظيم المتطرف.

على جبهة أخرى الثلاثاء، قتل أربعة مدنيين، بينهم طفل، في قذائف صاروخية أطلقتها قوات النظام السوري على منطقة خان شيخون في شمال غرب البلاد، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
&