كشفت مصادر خاصة مقربة من ملف انسحاب القوات الأميركية من سوريا لـ"إيلاف" أن نتيجة الاجتماعات والنقاشات بين الأطراف الأميركية والتركية ستؤدي إلى إنشاء "غرفة عمليات مشتركة تقودها تركيا مع مستشارين أميركيين يجري من خلالها تنسيق سياسي عالي المستوى بين البلدين".

إيلاف: أشارت المصادر إلى أن واشنطن بانسحاب قواتها من سوريا "لن تتخلى عن الملف السوري وعن مواقفها تجاه الرئيس بشار الأسد، حيث ستستمر بالضغط، وأن هناك أمورًا لا يمكن المساس بها، حيث لا مال لإعادة الإعمار ولا شرعية للنظام، كما إن هناك قرارًا أميركيًا نهائيا بأنه لا نفوذ روسيًا في شرق الفرات، ولا سيطرة لموسكو على إدلب".

هذا وقام وزير الدفاع التركي ورئيس هيئة الأركان بزيارة إلى واشنطن، في 21 فبرايرالجاري، لمناقشة الأوضاع في سوريا وعدد من القضايا الإقليمية الأخرى مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب تزامنًا مع اتصال هاتفي بين الرئيسين الأميركي والتركي، تحدثا فيه عن سوريا واستراتيجية الانسحاب وعن العلاقات بين البلدين.

تغيير في التكتيك
وأكدت مصادر "إيلاف" أن الانسحاب الأميركي هو "تغيير في التكتيك فقط، وليس في الأهداف، وأنه مازالت هناك إمكانية استمرار الضغط العسكري من القواعد الأميركية الموجودة في العراق، مع محافظة الأميركيين على القوات المحلية (والمقصود هنا قوات سوريا الديمقراطية قسد) التي قاتلت "داعش" مع قوات التحالف الدولي في سوريا".

خطط البنتاغون
تحدثت المصادر عن خطط البنتاغون "لاستمرار دعم هذه القوات المحلية، ودراسة مستفضية لبقاء خيار التغطية الجوية". واعتبرت أن المهمة الأميركية اليوم في سوريا هي المزيد النقاش بين واشنطن، وأنقرة، والادارة الذاتية لإنشاء المنطقة الآمنة. كما كشفت المصادر عمّا أسمتها "المرونة التي أبداها الأتراك للوصول إلى اتفاقية المنطقة الآمنة".

وتطرقت المصادر إلى مفاجأة لمستها واشنطن في الملف السوري، وهي أنه "لم تكن لدى روسيا والنظام أية خطة لمساعدة (قسد) وتقديم العون إليها، رغم مناشدات الإدارة الذاتية وحوارها مع النظام".

وأكدت تفاصيل الاستراتيجية الأميركية، والتي تضم في بنودها، أنه ليست لواشنطن خطة للخروج من التنف، وهي باستمرار ستظل تدعم الموقف الإسرائيلي ضد الوجود الإيراني في سوريا، وتمكينهم من أن يأخذوا أي إجراء.

تحذير من الكيميائي
وأشارت إلى أن "أميركا ليس لها تواجد عسكري في منطقة شمال غرب سوريا (إدلب)، لكنها تؤكد باستمرار على ضرورة وجود وقف دائم لإطلاق النار في إدلب، مع ملاحظة أنه سيكون الخيار العسكري متاحًا لأميركا إن شن كل من روسيا والنظام هجومًا على إدلب واستخدما السلاح الكيميائي".

ولفتت مصادر "إيلاف" أيضًا إلى أن واشنطن تشدد على ضرورة ألا يكون هناك هجوم على إدلب، وألا تكون هناك موجات نزوح جديدة، وأن هيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا) تشكل خطرًا على تركيا، وعلى الاتحاد الأوروبي.

لا تفكيك لقوات قسد
واعتبرت المصادر أنه لا تشمل السياسة الأميركية حاليًا في المنطقة دراسة أو وجوب حل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ما بعد الفوز على داعش، ولكنها أبرزت أن "الرئيس ترمب يتحدث مع إدارته عن ضرورة الاصطفاف مع تركيا، وتذليل المصاعب وسوء التفاهم، فهو يريد علاقة قوية مع تركيا، ويظهر ذلك من خلال اتصالاته الأخيرة مع الرئيس أردوغان".

اختصرت المصادر تعليمات الرئيس ترمب إلى إدارته بأن "تتم حماية القوات التي قاتلت مع التحالف الدولي ضد داعش والتعامل مع (قسد)، والتفاوض مع تركيا و(قسد) معًا، من أجل إنشاء المنطقة الآمنة، ليس لحماية تركيا فقط، بل لحماية (قسد) كذلك".

حول المفاوضات حول المنطقة الآمنة قالت المصادر إن القوات يجب أن تكون محلية، وألا تكون فيها قوات كردية أجنبية، وأن توجد لجنة تقنية حول ذلك.

وشددت المصادر على أن هجوم فصائل الجيش السوري الحر على (قسد) قد يسبب كارثة من وجهة نظر واشنطن، وبالرغم من وجود مظالم قامت بها (قسد) ضد الجيش السوري الحر، لكن يجب حل جميع الخلافات بين الجيش الحر و(قسد) بالحوار، وليس بالقتال على الإطلاق.

وترى واشنطن، بحسب المصادر، أن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) إرهابية، ولا يمكن التعامل معها، كما يحدث مع (طالبان)، لأن طالبان ليست مصنفة إرهابية، كما إن المفاوضات معها من الممكن أن تفشل.

تفجير منبج
وتحدثت المصادر أيضًا عن ملف تفجير مدينة منبج في شمال سوريا في 16 يناير 2019، والذي أوقع قتلى أميركيين، و"حمّلت المسؤولية إلى (قسد) باعتبارها أكثر المستفيدين منه وذات المصلحة الكبرى في الوجود العسكري الأميركي، حيث إنها لا ترغب في الانسحاب الأميركي من المنطقة، وهي أيضًا من تتحمّل المسؤولية الأمنية لكون المنطقة تحت سيطرتها".

وقالت "تم ربط تفجيرمنبج مع التفجير الذي حدث في 21 يناير 2019 في الحسكة، وأدى إلى إصابة جنديين أميركيين، وقد ألمح الرئيس التركي أن قوات وحدات حماية الشعب الكردية قد تكون وراء التفجير، وأن هذا قد يؤثر على الانسحاب الأميركي".

اتهمت المصادر ما أسمته "تيارًا إيرانيًا داخل (قسد) بذلك"، ولفتت إلى "تصريحات السناتور الأميركي ليندسي غراهام من تركيا عن خطأ تسليح واشنطن لوحدات الحماية الكردية وعلاقتها بحزب العمال الكردستاني"، مما يثير الاعتقاد، بحسب المصادر، "أن التحقيقات الأميركية الأولية لم تستبعد هذا الأمر تنفيذًا أو تسهيلًا أو إهمالًا متعمدًا".

وأشارت إلى أن "جهات أميركية كانت تعلم بمسؤولية قوات سوريا الديمقراطية بذلك". وألمحت المصادر إلى "تغطية ذلك من بعض المسؤولين الأميركيين لعدم الإقرار بفشل سياساتهم في اختيار حلفائهم أو عدم اكتشاف الموضوع قبل وقوعه".

وكانت قد أصدرت "حركة تحرير وطن"، التابعة للجيش السوري الحر"، ملفًا مطولًا، تلقت "إيلاف" نسخة منه، اتهمت فيه صراحة قوات سوريا الديمقراطية بالوقوف وراء التفجير، ونشرت فيديوهات كاميرات المراقبة وصورًا متعددة للمنطقة والتفجير، وقالت إن "لهب النيران كان من داخل المطعم، مما يدحض ما قيل عن تفجير قام به شخص إرهابي انتحاري، ويؤكد التحضير للعملية سلفًا والإعداد لها وإفشاء معلومات وتسريبها حول مكان الاجتماع".

كما أشارت في التقرير إلى أن "بيان داعش حول مسؤوليته عن التفجير كان بيانًا عامًا، لم يكن يحوي أية تفاصيل، مما يؤكد أن داعش، الذي يعاني من خسائر متتالية وانهيار عسكري أمني، لا يستطيع القيام بمثل هذه التفجيرات، وأنه يتبناها باستمرار لرفع معنوية مقاتليه فقط، ولغايات سياسية وإعلامية، وأنه لا مصلحة لداعش في هذه المرحلة في استفزاز القوات الأميركية، كما إن المنطقة مؤمّنة بالكامل من قوات سوريا الديمقراطية، وهي المسؤولة عنها"، لكن الناطق باسم وحدات حماية الشعب الكردية قال آنذاك إن "انفجار منبج لا يخدم إلا تركيا".

استراتيجية مطورة
اختصرت أخيرًا المصادر "الاستراتيجية الأميركية القادمة في سوريا في 2019 -2020 في أنها ستقوم بتطوير خططها السابقة &لتكون أكثر فاعلية ضد إيران وبشار الأسد، وتتمنى واشنطن أن تحذو أوروبا حذوها، وأن تأخذ العدالة الدولية مجراها، وأن تتحرك قضايا جرائم الحرب ضد نظام الأسد، ومنها استخدامه الكيميائي وملف المعتقلين والتعذيب".