واشنطن: أمضى جيسون رضايان مراسل صحيفة واشنطن بوست 544 يوما في سجن إيراني كان خلالها مثل بيدق يتم تحريكه على رقعة شطرنج دولية.

وفيما قبع رضايان خلف قضبان سجن إيوين، كان الرهان عالياً على مستقبل البرنامج النووي الإيراني.

وقال رضايان، وأمه أميركية وابوه مولود في إيران، لوكالة فرانس برس خلال مقابلة "عوملت على أني إيراني لكن عندما حان وقت المقايضة، عوملت بوصفي أميركي. إنه أسلوب منافق ولكنه أسلوب إيراني تماماً في الأعمال التجارية".

يروي رضايان (42 عاما) الذي ولد ونشأ في كاليفورنيا، محنته التي استمرت 18 شهرا في كتاب مذكرات بعنوان "سجين" (بريزونر) صدر أواخر يناير.

اعتقل رضايان وزوجته يغانه في 22 يوليو 2014 بعد عودته من فيينا حيث قام بتغطية جلسة مفاوضات بين إيران ومجموعة الدول الخمس زائد واحد -- الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا .

وبعد سنوات من العقوبات الاقتصادية استؤنفت المحادثات رسميا في أعقاب الانتخابات الرئاسية في يونيو 2013 التي أوصلت المعتدل حسن روحاني إلى سدة الرئاسة.

وسعى الطرفان للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي الذي تؤكد طهران أن أهدافه مدنية فيما تشتبه وكالات استخبارات غربية بأنه يحتوي على شق عسكري.

ورضايان الذي عمل لواشنطن بوست لسنتين وكان على معرفة جيدة بالقيود على الصحافيين الأجانب في إيران، اتهمته السلطات الإيرانية بأنه رئيس مكتب وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في طهران.

وشكك المسؤولون الإيرانيون الذين استجوبوه بشكل خاص بشركة حديثة النشأة قالوا إنها وهمية، لزرع فاكهة الأفوكادو -- غير المتوفرة في إيران -- إلى الجمهورية الإسلامية.

وقال رضايان "من السخافة أن يؤخذ مشروع تجاري لإنشاء مزرعة افوكادو، هذه المسألة البسيطة، ويتم تحويله إلى دليل على أنك رئيس مكتب سي.آي.إيه في طهران".

وسرعان ما أدرك أن "قيمته" هو وزوجته المولودة في إيران، مرتبطة بالمفاوضات الحساسة بشأن مستقبل البرنامج النووي الإيراني.

وقال "في البداية، كانوا يقولون +مجرد صحافي ليس له قيمة بالنسبة لنا+ -- واستمروا في الحديث عن القيمة".

وأضاف بأن "إيران عُرفت باحتجاز رهائن واستخدامهم للمقايضة لسنوات عدة" في إشارة إلى احتجاز دبلوماسيين أميركيين في طهران عام 1979 والذي أدى إلى قطع العلاقات بين الدولتين.

وضع معقد جدا

وجد رضايان وزوجته نفسيهما عالقين وسط صراع على السلطة بين قيادات الجمهورية الإسلامية على خلفية الاتفاق النووي وعلاقات إيران مع الغرب.

وقال "إن (الفصيل) الذي لم يرغب بعلاقات (مع الغرب) كان مسؤولا عن اعتقالي وقاموا بكل ما بوسعهم لتقويض المفاوضات بين إدارة روحاني و(مجموعة خمسة زائد واحد)".

وأكد الصحافي "كان وضعا معقدا جدا لأن مفاوضي روحاني أدركوا -- في نفس الوقت -- أن بإمكانهم استخدامي كورقة ضغط أيضا".

وخلال 18 شهرا في سجن إيوين بشمال طهران، خضع رضايان للاستجواب والتهديد ببتر أعضائه ثم قيل له إنه قد يحكم عليه بالسجن مدى الحياة أو حتى بالاعدام.

وقيل له إنه يمكن أن يطلق سراحه في حال إقراره بالذنب بتهمة التجسس. لكن في المحاكمة التي جرت خلف أبواب مغلقة عام 2015 أكد رضايان براءته.

وقال رضايان إن ظروف سجنه تحسنت نوعا ما بعد مرور أشهر. وأطلق سراح زوجته بعد 72 يوما وسمح لوالدته بزيارته.

وأطلقت واشنطن بوست وشقيقه علي ومجموعات مدافعة عن حرية الصحافة حملة للمطالبة بإطلاق سراحه.

وقال رضايان "أدركت ضرورة أن ترفع الحملة صوتها قدر الإمكان لأنه بذلك تصبح المسألة سياسية وكانت تلك فرصتي الوحيدة".

وأضاف "من الضروري ألا يُنسى الأبرياء المعتقلون الذين يتم استخدامهم ورقة ضغط".

وأطلق سراح رضايان مع ثلاثة أميركيين آخرين في 16 كانون الأول/يناير 2016 -- اليوم الذي دخل فيه الاتفاق النووي الموقع في فيينا في 14 تموز/يوليو 2015 حيز التنفيذ.

قال "مصيري كان مربوطا بكيفية تطبيق الاتفاق".

وقار رضايان إن الأشهر الأولى بعد عودته إلى الولايات المتحدة كانت صعبة.

وأضاف "لا نعود إلى حياتنا السابقة واضطرني فهم ذلك عدة أشهر. &في الأشهر الأولى شعرت بالانكسار. لم أتمكن من النوم ليلا وسيطر علي شعور بالخوف".

منذ إطلاق سراحه يقود رضايان حملة للإفراج عن معتقلين أجانب آخرين أو يحملون جنسيتين، لدى إيران مثل نزانين زغاري-راتكليف، البريطانية الإيرانية المعتقلة منذ نيسان/ابريل 2016 والإيرانيين الأميركيين باقر وسيامك نمازي.

ونصيحة رضايان للعاملين في مجال الصحافة في إيران أن يتوخوا "الحذر الشديد".

وقال "اتخذوا كل الاحتياطات الضرورية. لأنه مع الأسف، الاحتمال هو تكرار ما حصل لشخص آخر".