إيلاف من نيويورك: حظيت استقالة وزير الخارجية الإيرانية، محمد جواد ظريف من منصبه، بإهتمام عالمي واسع نظرا للدور الذي لعبه الرجل الذي اصبح يُعرف بمهندس الاتفاق النووي الإيراني.

ومع تضارب المعلومات حول إمكانية عودة ظريف عن استقالته من عدمها، سلطت مجلة فورين بوليسي الضوء على كواليس ما يحدث وتساءلت عن إمكانية انتهاء وقت&الوزير المستقيل.

عداوة المتشددين

وفي الوقت الذي تحدثت فيه المجلة عن الدور الكبير الذي لعبه ظريف للتوصل الى الاتفاق المشترك مع روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة عام 2015، قالت، إن هذا الاتفاق عجل أولا من انهيار تأييد المتشددين له، ثم استقالته في نهاية المطاف.

اقتتال داخلي

وأشارت فورين بوليسي، "الى انه من غير الواضح ما إذا كان ظريف سيترك حقا السلك الدبلوماسي الإيراني أم أن مرشد الثورة علي خامنئي، والرئيس حسن روحاني، سيُرغمانه على البقاء، لكن هذا الإعلان –الاستقالة- يسلط الضوء على الاقتتال الداخلي للنظام، ويمكن أن يشكل علامة على الاضطرابات المكثفة خلال العامين الأخيرين لروحاني في منصبه".

وأضافت، "قد تكون استقالة ظريف المفاجئة على ما يبدو مفاجئة للمراقبين الإيرانيين والمراقبين الأجانب على حد سواء، لكن وزير الخارجية كان يفكر بالفعل في مغادرة الحكومة في نهاية فترة ولاية روحاني الأولى في ربيع عام 2016. وفي ذلك الوقت، أشار ظريف إلى أن الضغط المتصاعد على فريقه اصحب متغطرسا".

خامنئي فتح الباب

ورغم ضغوط المتشدّدين الرافضين لخطة العمل المشتركة، حصل ظريف وإنجازاته على دعم من الجمهور ومراكز القوة الرئيسية، وأضافت، "لم تكن الصفقة النووية بأي حال من الأحوال مثالية كما لاحظ خامنئي والقادة العسكريون في الحرس الثوري في كثير من الأحيان لكنهم قبلوا الاتفاق، ومع تباطؤ تخفيف العقوبات أصبح خامنئي يوجه انتقادات بشكل علني، وابلغ &المتشدّدين أنه لن يحمي ظريف وفريقه".

راهن على ترمب

وكشفت المجلة ان ظريف اعتقد ان دونالد ترمب سيكون اكثر انفتاحا للتفاوض من المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون رغم اعلان ترمب مرارا خلال حملته الانتخابية عزمه على الانسحاب من الاتفاق النووي، وبعد الثامن من مايو 2018 استغل المتشددون الفرصة وضاعفوا هجماتهم على ظريف وفريقه، وفي هذا الوقت ركز "المعتدلون" في إيران، بقيادة روحاني على أوروبا انطلاقا من اعتقادهم بأن الولايات المتحدة لن تقوم بإصلاح العلاقات مع إيران تمامًا، كما أنهم لم يرغبوا في مواصلة التطبيع الكامل، ولذلك كانوا يأملون فقط في إقامة علاقات اقتصادية (وروابط سياسية) أكبر مع أوروبا.

تنازل جديد

ومع ذلك، شكلت بعض التحديات الداخلية عقبات أمام التعافي الاقتصادي في إيران وزيادة العلاقات التجارية&مع أوروبا، بما في ذلك سوء الإدارة والفساد الاقتصادي، وهو ما تعهد روحاني بإصلاحه، وكجزء من هذه الجهود، سعى المعتدلون إلى سن تشريع للوفاء بمعايير الشفافية التي وضعتها فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، ودافع ظريف بقوة عن هذا التحرك في نقاش داخلي ساخن بينما رأى المتشددون انه يشكل تنازلا كبيرا آخر من قبل وزير الخارجية.

تلاشي رأس ماله السياسي

وتطرقت الصحيفة الى زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى العاصمة الإيرانية واللقاءات التي عقدها مع كبار المسؤولين دون ان يظهر ظريف في الصورة، حيث لفتت، "إلى ان عدم دعوة ظريف للاجتماعات مؤشر آخر على أن رأس ماله السياسي الذي صرفه إلى حد كبير على تأمين واستمرارية خطة العمل المشتركة قد تلاشى تقريباً".

المستقبل

وتناولت فورين بوليسي تداعيات استقالة ظريف بحال استمر بالتمسك بها على المتشددين الذين سيضعونها في خانة استسلام الفريق المناوئ لهم ودليل على قوتهم الجديدة التي يمكن أن تساعدهم في الوصول إلى مواقع قيادية خلال الانتخابات البرلمانية لعام 2020 والانتخابات الرئاسية في عام 2021 &وقد يعتبرون ان هذا التطور يمثل فرصة لإعادة ضبط السياسة الخارجية لبلادهم من خلال الاستفادة من رحيل ظريف للحصول على المزيد من التنازلات من الاوروبيين، وقد يشعرون بخيبة أمل أيضا إذا تم استبدال ظريف بشخص ما في فريقه".
&