إيلاف من القاهرة: في واحدة من أبشع جرائم القتل، أقدم زوج مصري على تعذيب زوجته وإصابتها بالعمى، وإجبارها على قتل أطفالها الثلاثة، وتصوير الجريمة بكاميرا الهاتف المحمول، إرضاء لزوجته الأخرى العاقر، التي حضرت عملية القتل أيضًا، وشاركت في التخلص من جثث الأطفال الذين أصبحت قضيتهم تعرف بـ"أطفال المرج".

وأصاب الحادث المصريين بالكثير من الغضب والحزن، لاسيما أن المتهمين نجحوا في إخفاء الجريمة لمدة ثلاث سنوات، والصدفة وحدها قادت الأجهزة الأمنية إلى الكشف عنها، وإلقاء القبض عليهم.

في حي المرج الفقير في أطراف القاهرة، تسير الحياة بروتين وبساطة، وحميمية بين الأهالي، إلا أن أسرة فقيرة مكونة من رجل يدعى "أحمد" وزوجتيه "هالة" و"إيمان"، الأولى كفيفة وعمرها 61 عامًا، وتكبره بـ30 سنة، والأخرى في نفس سنة 31 سنة. كانت حياة تلك الأسرة غامضة جدًا، لا يعلم عنها أي من أهالي الحي أية معلومات، فأفراد الأسرة "في حالهم".

وذات يوم من العام 2017، اشترت أحد الجيران المنزل الذي تقيم فيه تلك الأسرة، وفي أثناء صعود زوجة المالك الجديد إلى السطح، صادفت الزوجة الأولى، ووجدتها في حالة يرثي لها، وقد ظهرت في وجهها كدمات وإصابات، وقد حلقت شعرها.

جلست مالكة المنزل الجديدة إلى جارتها، وعرفت منها أنها تتعرض للتعذيب من زوجها وضرتها، وروت لها تفاصيل جريمة قتل الأطفال الثلاثة، بدم بارد وإذابة جثثهم بـمادة كاوية، وإلقاء بقاياها في مصرف مائي.

تقدمت زوجة مالك المنزل ببلاغ إلى الشرطة روت فيه تفاصيل الجريمة التي استطاع الجناة إخفاءها لمدة ثلاث سنوات.

وقالت إنها اشترت المنزل الذي تقطن فيه في 2017، وكان أحمد والد الأطفال الثلاثة يسكن مع زوجتيه الاثنتين، وكانت أمورهم بسيطة "كانوا ناسا في حالهم، وليست لهم علاقة بأحد".

وأضافت مالكة العقار في بلاغها: "زوجته الأولى هالة سيدة أكبر منه بـ30 سنة، وعندها تقريبا 60 سنة، بينما زوجته الثانية إيمان كانت في سنه، تقريبا 30 سنة، وكانت حاملا، وقت ما اشترينا البيت، كانت علاقتي بهم تنحصر في تحصيل الإيجار وإيصالات المياه والكهرباء، وقررنا عدم تجديد عقد الشقة لهم، والذي كان من المقرر انتهاؤه في شهر فبراير الماضي".

وقالت: "عندما دخلت عنده الشقة لإخباره بذلك، وجدتها خالية تماما من الأثاث، ولما سألته قال لي إنها يضعه في غرفة منفصلة، وفي أثناء حديثي معه، خرجت زوجته إيمان، كانت محلوقة الرأس، وآثار تعذيب في يدها".

واستطردت: "وذات يوم أثناء نزولي من سطح العمارة، وجدت إيمان، ترتعش على باب الشقة من البرد، فكررت سؤالي عليها، فقالت لي أنا عايزة أحكي لك على حاجة، وكانت تتكلم بصوت خافت".

وأوضحت في البلاغ: "أخذت إيمان إلى شقتي وقلت لها احكي لي، فقالت إنها تتعرض للتعذيب من زوجها، ولما سألتها عن عيالها، كانت تتهرب من الحديث عنهم، فأصريت على سؤالي خاصة أنها منذ سنة رأيتها حاملا، وقلت لها هتكوني يعني قتلتيهم هما فين؟، فسكتت، وقالت أيوه قتلتهم، وأخبرتني بأنها متزوجة أحمد منذ 10 سنوات، ورزقت بابنتين جنى وملك، ولكن تغيرت معاملة ضرتها لها بعد حملها، بسبب أنها لا تنجب، وذات يوم سمعت زوجها يتكلم مع هالة زوجته الأولى، وهى تحرضه على قتل الأولاد بدعوى أنها ستقوم بكتابة الشقة باسمه، وسيارة ميكروباص وأموال أخرى لها في البنك ستودعها باسمه، شريطة التخلص من بناته لكي لا ترثه".

وتابعت: "جوزها قالها لو عايزة تعيشي معنا هنموت البنات، فوافقت خشية الطرد من المنزل، وأحضرت طبق بلاستيك به ماء، وجلست على كرسي بلاستيك وأحضرت الطفلة الصغيرة أولا، التي تبلغ من العمر عامين، وأغرقت رأسها في الماء إلى أن ماتت، ثم أحضروا الطفلة الكبرى صاحبة الـ3 سنوات، وكرروا نفس الأمر بإغراقها في طبق المياه، وقام الزوج بتصويرها في أثناء عملية القتل، لتهديدها في حالة الإبلاغ عن الواقعة".

وأضافت صاحبة العقار، أن إيمان، أخبرتها بأنها بعد عام حملت، وحاولا إجهاضها، لكن محاولاتهما لم تفلح، وبعد أن وضعت طفلها وكان ذكرا، أرغماها على تكرار نفس الأمر، وبالفعل أجبرت على إغراق الطفل الذكر في طبق مليء بالمياه، وبعد ذلك، قامت ضرتها بإجبار زوجهما على تعذيبها.

وتنشر "إيلاف" مقطع فيديو يظهر صاحبة العقار تروي تفاصيل الجريمة البشعة، بينما تظهر الزوجة وهي تروي أنها تعرضت للتعذيب وفقأ عينها على أيدي زوجها وضرتها.

وكشفت التحقيقات في القضية التي تعرف بـ"أطفال المرج"، أن جريمة قتل الطفلتين جنى وملك، تمت في نهار أحد أيام شهر رمضان عام 2016، وأن الزوج صور عملية القتل بالهاتف المحمول ليضمن صمت زوجته. وعثرت النيابة العامة على "كارت ميموري" داخل دولاب في غرفة النوم، ويتضمن 10 مقاطع فيديو، سجّلت جريمة مقتل الطفلتين "ملك" و"جنى". وظهرت الأم المتهمة بالقتل عارية تماما وكانت قد مارست العلاقة الحميمة مع زوجها قبل ارتكاب الجريمة بدقائق.

كما كشفت التحقيقات أن مقاطع الفيديو سجّلت جريمة قتل الطفلتين ثم تغطية جسدهما بمادة كاوية لتشويه معالمهما، ثم إلقاء الجثتين في مصرف مائي بالقرب من المنطقة التي يقيمون فيها، بينما لم يتم تصوير جريمة مقتل الطفل الثالث.

واعترف الأب والأم وزوجته الثانية بارتكاب الجريمة، وشرح المتهمون الثلاثة تفاصيل الجريمة، وقالت الأم إنها أحبت زوجها أثناء عمله في الأمن بمترو الأنفاق، مشيرة إلى أنها هربت من منزل أسرتها وتزوجته وهي تعلم بأن لديه زوجة أخرى.

وأضافت أنها أنجبت منه طفلتيها ملك وجنى، مشيرة إلى أنها كانت تعاني من دسائس ضرتها ومكيدتها لها وتحريض زوجها عليها، حيث تقيمان معًا في شقة واحدة، هي في غرفة مع طفلتيها، وضرتها في غرفة أخرى، مضيفة أنها تعرضت للتعذيب والضرب من زوجها وضرتها، وأجبراها على قتل طفلتيها أثناء حملها طفلها محمد الذي نال نفس المصير بعد ولادته بـ30 يومًا.

وأضافت المتهمة "إيمان" أن زوجها وضرتها بعد أن تخلصا من جثث أطفالها حبساها داخل الشقة واعتديا عليها بالضرب واستمرا في تعذيبها بمادة كيماوية "كلور" في عينيها حتى فقدت بصرها وأصيبت بالعمى، وعندما طفح بها الكيل قررت الخروج عن صمتها مستغلة غياب زوجها عن المنزل لمدة أسبوع وحكت لجارتها صاحبة المنزل عن تلك المأساة.

قررت النيابة العامة حبس الأب وزوجتيه، على ذمة التحقيقات، ووجهت إليهم إتهامًا بقتل "أطفال المرج الثلاثة"، داخل منزلهم في المرج.