أثبتت أكثر من دراسة أن الأثرياء يتمتعون بصحة أفضل من الفقراء في مدن العالم الصناعي. لكن دراسة أميركية جديدة تقول إن أبناء البلدان الفقيرة يعيشون 30 عامًا أقل من أبناء البلدان الثرية.

إيلاف من برلين: من الطبيعي أن يقف الفقر، وضعف الحال، دون حصول المواطن على الرعاية الصحية اللازمة والأدوية الغالية الثمن. وربما يكون هذا سبب نسبة المعمّرين الكبيرة في اليابان، ونسبة الموت المبكر في بابونيوغينيا.

العبء العالمي
تحدثت دراسات سابقة عن تجنب الفقراء للأطباء، وللمتخصصين منهم على وجه الخصوص، بسبب كلفة الفحص، وميلهم إلى إخفاء أمراضهم ومعاناتهم. وهذا عكس ما يحدث مع الأثرياء الذين يخضعون أنفسهم للفحوصات الدورية عند أفضل الأطباء والمستشفيات والمختبرات.

تقول دراسة أميركية جديدة إن ما يعانيه المواطن العالمي من أمراض وهو في سن 65 عامًا لا يعاني منها الياباني إلا في سن 76 عامًا. وهذا يعني أن الياباني سيعيش بالتأكيد أكثر من الأفغاني والسنغالي والبابونيوغينياني.

أجرى الدراسة باحثون من "معهد المقاييس الصحية والتقييم" (IHME) في سياتل، وتوصلوا، كمثل، إلى أن الياباني يعيش 76 عامًا كمعدل، في حين يعيش البابونيوغينياني 46 عامًا كمعدل. وواضح أن الفرق بين الاثنين يبلغ ثلاثين عامًا بالتمام.

تلعب الأمراض والرعاية الصحية الدور الأول في هذا الفرق الكبير في العمر. اعتمد الباحثون من معهد (IHME) في إحصائياتهم على دور 92 مرضًا من أصل 293 من الأمراض التي تنتشر عالميًا وتؤثر في صحة الفرد. وأطلق العلماء على الدراسة اسم "العبء العالمي للأمراض 2017 وتأثيره في توقع الأعمار".

سنوات نخسرها&
احتسبت الدكتورة أنجيلا تشانغ ما يسمى "معدل سنوات الحياة بالنسبة للأمراض" (داليز) (disease-adjusted life years) في تقدير خطورة الأمراض على الحياة. ويمثل هذا المعدل عدد الأعوام التي يخسرها الإنسان نتيجة الموت المبكر بسبب الأمراض المعدية أو بسبب الإعاقة الذهنية أو الجسدية التي تلحق بالمريض نتيجة هذه الإصابة.

قاس الباحثون أقل "داليز"، أي أقل خسارة بالعمر بسبب الأمراض، في سويسرا، حيث سجل المقياس 104.9 لكل 1000 مواطن بالغ يزيد عمره على 25 عامًا. تليها سنغافورة (108.3 داليز)، ثم كوريا الجنوبية (110.1 داليز)، واليابان وإيطاليا (110.6 داليز) لكل من مواطنيهما.

حلّت ألمانيا بين سلوفينيا والأردن بنحو 144.7 داليز لكل 1000 مواطن، وجاءت الولايات المتحدة في الموقع 53 بنحو 161.5 داليز بين الجزائر وإيران. وكما هو متوقع، جاءت البلدان الأفقر في ذيل القائمة، فحلت بابونيوغينيا في ذيل القائمة بنحو 506.6 داليز، تسبقها جزر مارشال (396.9 داليز) وأفغانستان (308.2 داليز).

الكويت بين أكبر المعمّرين
في تحليل آخر لنتائج الدراسة، عمدت تشانغ إلى قياس داليز كل مواطن من مواطني بلدان العالم، الغنية والفقيرة، حينما يكون في عمر 65 عامًا. وهنا تقدمت اليابان وسويسرا بمعدل حياة 76.1 عامًا، تليهما فرنسا بمعدل 76 عامًا، وسنغافورة 76 عامًا، والكويت 75.3 عامًا، وكوريا الجنوبية وإسبانيا بمعدل 75.1 عامًا، وإيطاليا 74.8 عامًا، وبورتوريكو 74.6 عامًا، والبيرو 74.3 عامًا.

كان معدل الأعمار، بحسب مقياس داليز، في ألمانيا 70.7 عامًا كمعدل، ويبقى المواطن الألماني يعيش بصحة جيدة مدة خمسة أعوام أكثر من المعدل العالمي. من جديد جاءت بابونيوغينيا في ذيل القائمة بمعدل عمر 45.6 عامًا، تليها جزر مارشال بمعدل 51 عامًا، ثم افغانستان بمعدل عمر 51.6 عامًا.

خمسة قتلة معروفين
اعتبرت الدراسة أن من بين الأمراض المنتشرة عالميًا، هناك خمسة أمراض قاتلة تقصّر أعمار الناس في البلدان الفقيرة والغنية على حد سواء: ارتفاع ضغط الدم والبدانة والسكري والتدخين وتناول الكحول.

سبق لدراسة ألمانية علمية أن قدرت أن المواطنين الألمان سيخسرون 1.3 مليون عام من أعمارهم حتى عام 2040 بسبب التدخين، و977 ألف عام بسبب البدانة، و943 ألف عام بسبب تعاطي الكحول، و747 ألف عام بسبب ارتفاع ضغط الدم، و632 ألف عام بسبب السكري، و416 ألف عام بسبب ارتفاع معدلات الكوليسترين و343.5 ألف عام بسبب تلوث أجواء المدن بذرات السخام.

وبحسب مقياس داليز، فقد 1.4 مليون إنسان في بلدان أوروبا حياتهم مبكرًا خلال خمس سنوات بسبب 31 مرضًا معديًا. ومات ثلاثة أرباعهم خلال فترة الحالة الحادة من كل مرض. هذا يعني أن شعوب هذه البلدان فقدت 273 مواطنًا من كل 100 ألف كمعدل وسطي خلال كل عام بسبب هذه الأمراض المعدية، بحسب معيار داليز، وكانت حصة كبار السن والأطفال من الضحايا، كما هو متوقع، هي الأكبر بحسب هذا المقياس، خصوصًا المسنين من سن تزيد على 65 (24 في المئة) والأطفال تحت سن 5 أعوام (11 في المئة).


&