الرباط: هاجم النائب عبد اللطيف وهبي، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض، المحكمة الدستورية لبلاده بعد تأييدها لمرسوم الحكومة الخاص بتغيير الساعة القانونية للمملكة وتطبيقه، واعتبر أن قرارها "انحراف دستوري".

وقال وهبي في مرافعة مكتوبة تلقت "إيلاف المغرب" نسخة منها، إن المحكمة الدستورية "وقعت في انحراف دستوري، لأنها قبلت النظر في قانون غيرته الحكومة بمرسوم ولم تنتظر إذن المحكمة الدستورية"، مؤكدا أن الفصل 73 ينص على أنه "يمكن تغيير النصوص التشريعية من حيث الشكل بمرسوم، بعد موافقة المحكمة الدستورية، إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجالات التي تمارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصاتها".

وأضاف وهبي أن المحكمة الدستورية، اعتمدت في قرارها على "المادة 29 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، للتغطية على هذا الانحراف، بتحريف مضمون فقرته الأخيرة، ومن تم هناك انحراف شكلي من طرف الحكومة، وانحراف قضائي من طرف المحكمة الدستورية".

وذهب وهبي إلى أن الحكومة "لا يمكنها أن تصدر قانونا يدخل في مجال التشريع وتنشره بالجريدة الرسمية على شكل مرسوم تنظيمي، إلا بعد موافقة المحكمة الدستورية، ذلك أن الفصل 73 نص بوضوح على أن الحكومة لا يمكنها تغيير النص إلا بعد أن تصدر المحكمة الدستورية قرارها".

وزاد مبينا أن المادة 29 من القانون التنظيمي باعتباره نصا يفسر وينظم إعمال الفصل 73 من الدستور، "كان موضوعه هو النص موضوع الإحالة على المحكمة الدستورية، ولم يكن يعني كل النصوص القانونية الوطنية كما حاولت المحكمة الدستورية أن توهمنا، لكون اختصاصها بالبت في دستورية القوانين موضوعا وشكلا محصورة في الدستور".

واعتبر وهبي أن قول المحكمة الدستورية إنه "يحق للحكومة كلما تراء لها شك في طبيعة نص قانوني ، إحالته على المحكمة الدستورية، فذلك مخالف للقانون"، مبرزا أن الإحالة "تكون عند البت في الدستورية، أو البت في القوانين التنظيمية، أو في إطار الفصل 73 من الدستور".

وسجل وهبي أن الحكومة أصدرت القانون بتاريخ 27 أكتوبر 2018 ، ولم تتقدم بإحالتها إلى المحكمة الدستورية إلا بتاريخ 8 مارس 2019، أي أصدرت القانون خمسة أشهر قبل قيام المحكمة الدستورية باختصاصها في إصدارها لترخيص للحكومة للقيام بإصدار المرسوم موضوع الإحالة، ونشره بعد ذلك بالجريدة الرسمية.

وأضاف أن المحكمة الدستورية "قبلت أن تبت في قانون صدر مخالفا للدستور، حين ورد بشكل تنظيمي وهو له صبغة تشريعية، وتم ذلك قبل موافقتها، مما يجعل السلطة التنفيذية تتطاول على مجال السلطة التشريعية من دون سند دستوري، ومما يجعل طلبها هذا خارج القانون ولاحقا عن الآجال المنصوص عليها دستوريا".

ومضى وهبي في كشفه عدم دستورية القرار &قائلا " إن المحكمة الدستورية في قرارها أكدت على ضرورة عدم إصدار القانون إلا بموافقتها على طبيعته القانونية، وبالتالي فهي اعترفت بوجود خلل مسطري، غير أنها نبهت الحكومة إلى ضرورة التقيد به مستقبلا وأجازته حاضرا"، معتبرا أن هذه "الإجازة" الحالية فيها إخلال دستوري باعتراف من المحكمة الدستورية نفسها، خاصة عندما قضت في قرارها أنه على الحكومة التقيد به مستقبلا.

وأوضح المتحدث ذاته أن تعليل المحكمة الدستورية في حقيقته "تعليل فاسد" لسببين: أولهما &"أنها فسرت المادة 29 من القانون التنظيمي على أنها رخصة للحكومة لتحيل على المحكمة الدستورية كل نص يتراءى لها "شك" في طبيعته القانونية، علما أن ذلك محدد بآجال وبأسباب قانونية ووفق مساطر محددة"، مبرزا أن الأمر يتعلق كذلك ب"تأويل تدليسي للفقرة الأخيرة من المادة 29 من القانون التنظيمي، على اعتبار أن هذه الفقرة لا تعطي نهائيا إمكانية إحالة النص على المحكمة الدستورية على ضوء "الشك" في طبيعته القانونية، فهذه الفقرة لا يمكن قراءتها معزولة عن باقي المادة 29 وكل هذه المادة لا يمكن كذلك قراءتها إلا على ضوء الفصل 73 من الدستور".

وجعل وهبي السبب الثاني في تعليل المحكمة الدستورية "الفاسد"، هو أنها "تنازلت عن سلطاتها الدستورية في مراقبة مبدأ فصل السلط، ومدى دستورية كل اختصاص، عندما سمحت للحكومة بإصدار قانون قبل اللجوء إلى المحكمة، وذلك ضدا على المساطر، و في غياب الإذن".

وخلص وهبي إلى أن المحكمة الدستورية منحت الإذن للحكومة "خارج الأجل، إذ هو إذن لاحق وليس سابق كما ينص على ذلك الفصل 73 من الدستور، أو كما أوضحته المحكمة نفسها"، أما حين استندت على مقتضيات الفصل 71 من الدستور، فإنها "لم تعلل ذلك، ولم توضح الأسباب القانونية والموضوعية لعدم إدراج مجال هذا المرسوم فيما ينص عليه الفصل 72 من الدستور ، أي مجال التنظيم"، وليس الفصل 71 "أي مجال التشريع"" ، دائما حسب وهبي.

وأشارالمتحدث ذاته إلى أن الحكومة "انتبهت متأخرة كعادتها إلى تعليل المعارضة الوارد في مقترح قانون حول الساعة، والذي نصت فيه على عدم احترام الحكومة للفصل 73 من الدستور، والغريب في الأمر أن قرار المحكمة الدستورية قبل طلب الحكومة، معتبرا أن الطريقة التي تم بها تعديل القانون تندرج ضمن اختصاص السلطة التنظيمية، بينما مضمون مرسوم الحكومة يبدو أنه يتجه في اتجاه آخر &غير ما فسرته المحكمة الدستورية".

وسجل وهبي بأن المحكمة الدستورية، كان عليها احتراما للفصل 73 أن "تحكم صراحة بعدم القبول، وإحالة الملف من جديد على الحكومة لتبطل هذه الأخيرة المرسوم، ثم تطلب إذنا جديدا من المحكمة، وحين تحصل عليه، تقوم بعد ذلك بإصدار المرسوم"، ليخلص &إلى أن "لا الحكومة احترمت الدستور، ولا المحكمة الدستورية قامت بوظيفتها كحارسة للدستور"، قبل أن يختم قائلا: "إن إعمال الحكومة لمرسوم تغيير الساعة القانونية للمملكة وتطبيقه، كان خارج الشرعية القانونية والدستورية".