واشنطن: اتهمت منظمة العفو الدولية الجيش الأميركي بقتل مدنيين في الضربات التي ينفذها ضد مقاتلي حركة الشباب الإسلامية في الصومال، ما قد يرقى برأيها إلى جرائم حرب، وهو ما تنفيه واشنطن بشدة.

ذكرت منظمة العفو في تقرير صدر الثلاثاء بعنوان "حرب الولايات المتحدة الخفية في الصومال"، أن القوات الأميركية نفذت أكثر من مئة غارة بوساطة طائرات حربية وطائرات بدون طيار خلال العامين الماضيين، ما يزيد على عدد الضربات الجوية الأميركية في اليمن وليبيا معًا خلال الفترة نفسها.

جاء في التقرير أن "الضربات تشكل على ما يظهر انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، وبعضها قد يرتقي إلى جرائم حرب". نفذت الضربات بين 16 أكتوبر 2017 و9 ديسمبر 2018 في شابيل السفلى في جنوب غرب البلاد، إحدى المناطق التي تسيطر عليها حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة.

وخلص التحقيق إلى أنه "إما أن هذه الضربات استهدفت مدنيين، أو إن الذين خططوا لها لم يتخذوا التدابير المناسبة للتثبت من أن الأهداف لم تكن مدنية، أو إن الذين نفذوها لم يعمدوا إلى إلغائها أوتأجيلها عندما تبيّن أنها تستهدف الأشخاص الخاطئين أو إنها غير متناسبة".

يستند التقرير إلى 150 مقابلة مع شهود وأقرباء قتلى وخبراء أمنيين، تم التثبت من إفاداتهم من خلال صور عبر الأقمار الصناعية وصور حفر عميقة أحدثتها الانفجارات وشظايا صواريخ جمعت في المواقع المستهدفة.

تصعيد الضربات&
من جهته أعلن الجيش الأميركي أنه نفذ 110 ضربات جوية في الصومال منذ يونيو 2017، تسببت بسقوط 800 قتيل، لكنه يشدد على أن جميع الأهداف كانت مشروعة، وأن القتلى من عناصر تنظيم الشباب، مؤكدًا أن تقرير منظمة العفو غير صحيح.

ونفت القيادة الأميركية لأفريقيا (أفريكوم) بشكل قاطع اتهامات منظمة العفو، مؤكدة عدم سقوط أي مدني في الضربات التي نفذتها في الصومال منذ يونيو 2017. وأعلنت القيادة في بيان "نفذت أفريكوم منذ يونيو 2017، 110 ضربات جوية في الصومال، وقضت على أكثر من 800 إرهابي"، مضيفة "خلصنا إلى أن أيًا من ضربات أفريكوم لم يتسبب بسقوط أي قتلى أو جرحى من المدنيين". أضافت القيادة أن "من مصلحة جماعة الشباب الإرهابية الإدعاء بشكل خاطئ سقوط ضحايا مدنيين".

ركزت المنظمة الحقوقية على خمس ضربات تحديدًا، أكدت أنها أدت إلى مقتل 14 مدنيًا وإصابة سبعة بجروح، محذرة بأن "حصيلة الضحايا المدنيين قد تكون أعلى بكثير".

وقال الخبير العسكري لدى منظمة العفو براين كاسنر إن "حصيلة القتلى المدنيين التي تبيّنت لنا جراء عدد ضئيل فقط من الضربات توحي بأن السرية المحيطة بالدور الأميركي في حرب الصومال تشكل في الواقع ستارًا للإفلات من العدالة". أضاف "استنتاجاتنا تتعارض مباشرة مع تأكيدات الجيش الأميركي المتكررة بشأن عدم وقوع أي إصابات مدنية في الصومال".

وأوضحت المنظمة أنها أطلعت قيادة القوات الأميركية لأفريقيا على استنتاجاتها، لكن الجيش الأميركي نفى مقتل أي مدنيين.

وينفي الجيش الأميركي تحديدًا أن يكون نفذ إحدى الضربات الخمس التي تنسبها منظمة العفو إليه، وهي غارة جرت في 6 ديسمبر 2017، وأوقعت خمسة قتلى مدنيين، بحسب المنظمة. وأقرّت القيادة الأميركية لأفريقيا بأنها نفذت ضربة في المنطقة عينها، إنما في 11 ديسمبر على مسافة 30 كلم من الموقع المحدد.

أما بالنسبة إلى ضحايا الضربات الأربع الأخرى الواردة في التقرير، فيؤكد الجيش الأميركي أنهم كانوا جميعهم من عناصر الشباب. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) طالبًا عدم ذكر اسمه "خلصنا إلى أن جميع المزاعم والظروف المذكورة لا تشكل مزاعم ذات مصداقية بوقوع ضحايا مدنيين".

ولفتت منظمة العفو إلى أن الولايات المتحدة صعدت ضرباتها في الصومال في إبريل 2017 بعدما أعلن الرئيس دونالد ترمب جنوب هذا البلد "منطقة أنشطة معادية".

وبحسب منظمة العفو، فإن القوات الأميركية نفذت 34 ضربة عام 2017 بعد إعلان ترمب، ما يزيد على عدد الضربات الإجمالي في السنوات الخمس السابقة منذ 2012. وفي 2018 ارتفع عدد الضربات الجوية إلى 47، وقد نفذت خلال الشهرين الأولين من العام الحالي 24 غارة.
&