غزة: شهد قطاع غزة احتجاجات منتظمة على طول الحدود مع إسرائيل على مدار العام الماضي، لكن في الأسبوع الأخير خرجت تظاهرات ضد الضرائب التي تفرضها حكومة حماس، وتنادي بتحسين الحياة المعيشية الصعبة.

ومنذ الخميس تجمع مئات الفلسطينيين في مواقع متعددة في مختلف مناطق القطاع، بدعوة من نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى الحراك الشعبي، الذي أطلق عليه "بدنا نعيش" ضد الغلاء في الأسعار. وقام عناصر شرطة حماس باعتقال مئات المتظاهرين، وفق ما تقول مراكز حقوقية في غزة.

وقال مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية في بيان الثلاثاء إنه "ينظر بخطورة بالغة إلى تطورات المشهد وانهيار أوضاع حقوق الإنسان في قطاع غزة، وتداعيات استخدام القوة المفرطة من قبل الأجهزة الأمنية، لمواجهة الحراك السلمي".

يؤكد المجلس أنه "في ضوء استمرار منع طواقم عمل المؤسسات الحقوقية من زيارة المحتجزين في مراكز التوقيف، وعدم الكشف عن الأماكن غير المخصصة للاحتجاز، وباستثناء ما رشح إليه من معلومات، فإنه يُبدي خشيته من تعرّض المحتجزين إلى مزيد من أنماط التعذيب وسوء المعاملة".

من جهتها، دانت الأمم المتحدة "حملة الاعتقالات والعنف"، معتبرة أن المواطنين في القطاع "الذين عانوا طويلًا كانوا يحتجون على الوضع الاقتصادي الأليم، ويطالبون بتحسين نوعية الحياة في قطاع غزة".

إثر حملة الاعتقالات، التي طالت أيضًا عشرات من كوادر وعناصر حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، هدأت وتيرة هذه التظاهرات، رغم أن المنظمين في دعوا في بيان إلى مواصلة التظاهرات. وتشكل الاحتجاجات تحديًا داخليًا أمام حماس التي خاضت ثلاث حروب مع إسرائيل منذ نهاية عام 2008، وتواجه أزمة مالية كبيرة، وفق مصادر مطلعة.&

ووفقًا للبنك الدولي، تصل نسبة البطالة بين الشباب في القطاع إلى نحو 70 بالمئة، ويرجع السبب الرئيس في ذلك إلى الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من عقد.&

تقول إسرائيل إن الحصار ضروري لتقييد حركة حماس، لكن منظمات حقوق الإنسان تقول إن التدابير ترقى إلى حد العقاب الجماعي لأكثر من مليوني شخص.

فوضى
في الآونة الأخيرة، رفعت حكومة حماس الضرائب المفروضة على السجائر وغيرها من السلع المستوردة، حيث وصل سعر الطماطم إلى ثلاثة أضعاف، بينما ارتفعت أسعار العديد من السلع الأساسية.

في مواجهة الاحتجاجات، اعتُقل مئات الأشخاص لفترات وجيزة ومتفاوتة، بينما تحدث عدد منهم عن التعرّّض للضرب خلال عملية الإستجواب أو الإحتجاز من قوات حماس. وتقول الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، التي أنشئت بقرار من السلطة الفلسطينية، إن "أكثر من 1000 شخص تم استجوابهم أو احتجازهم" حتى الثلاثاء.

الصحافي أسامة الكحلوت، الذي يقيم في دير بلح في وسط القطاع، بث احتجاجات جرت قرب منزله على الهواء مباشرة عبر موقع فايسبوك. وقال إن مجموعة من عناصر الشرطة اقتحمت منزله وضربته، واعتقلته لأيام عدة. وبدت كدمات على ظهره إثر تعرّّّّّّّضه للضرب وفق ما يقول.

مساء الاثنين تعرّض الناطق باسم حركة فتح عاطف أبو سيف قرب منزله في بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة للضرب بالعصي وماسورة حديدة، على ما قالت حركته في بيان. ونقل أبو سيف إلى مستشفى محلي في غزة قبل أن ينقل للعلاج في مستشفى في رام الله بالضفة الغربية بعدما وصفت حالته بـ"الخطيرة".&

وحمّلت فتح مسؤولية "محاولة إغتيال عاطف" لحماس، لكن حماس نفت ذلك، وطالبت بفتح تحقيق فوري بالحادث. قال إياد البزم المتحدث باسم وزارة الداخلية "لقد تعاملت الأجهزة الشرطية والأمنية مع الاحتجاجات بعدما تحوّلت إلى أعمال تخريب وفوضى، لن نسمح بالفوضى والتخريب".

تابع "نحن لسنا ضد المظاهرات المطلبية والاحتجاجية على الظروف الصعبة لشعبنا في غزة بفعل الحصار الإسرائيلي والعقوبات التي تفرضها السلطة" الفلسطينية. وشدد نشطاء على أن احتجاجاتهم ليست مسيّّسة، إنما مطلبية لتحسين الظروف المعيشية.

من الساعات الأسوأ
استدعى الأمن التابع لحماس الإثنين هند الخضري، وهي باحثة في منظمة العفو الدولية في غزة، وأبلغها الأمن أنها مدعوة إلى لقاء لخمس دقائق. وقالت إنها تعرّضت لأسئلة من الأمن حول منشورات لها عبر حسابها الشخصي على فايسبوك تدعم الاحتجاجات.&

ذكرت أنها كانت تسمع أشخاصًا يتعرّضون على ما يبدو للضرب في غرفة مجاورة، وبعد حوالى ثلاث ساعات من الاستجواب أخلي سبيل هند شرط أن تزيل منشوراتها على فايسبوك.&

أضافت "كانت هذه من الساعات الأسوأ في حياتي". وتتابع "كنت أفضّل أن يضربوني جسديًا، بدلًا من هذه المعاملة النفسية". وقالت "لأكون صريحة أنا قمت بإزالة منشوراتي على فايسبوك، لا أريد أن أشعر بالشيء نفسه مرة أخرى، ولا أريد منحهم مبررًا لإذلالي مرة أخرى".

وثقت الخضري جملة انتهاكات إسرائيلية خلال احتجاجات "مسيرات العودة" خلال عام، على ما قالت. منذ بدء هذه الاحتجاجات قبل عام، قتل حوالى 200 متظاهر فلسطيني بنيران إسرائيلية في مواجهات قرب الحدود بين القطاع وإسرائيل.&

ويتزامن مرور عام على الاحتجاجات الفلسطينية، مع قرب انتخابات إسرائيل المقررة في التاسع من إبريل المقبل، وسط قلق من تصاعد التوتر.
&