القاهرة: سواء كان فاترا أو ساخنا ورغم التغيرات المحلية والاقليمية في منطقة مضطربة، أصبح السلام بين مصر واسرائيل حقيقة "ثابتة" بعد أربعين عاما على المعاهدة التي أنهت حالة الحرب بين البلدين، وفق محللين.

في السادس والعشرين من آذار/مارس 1979 وقع الرئيس المصري الاسبق أنور السادات مع رئيس وزراء اسرائيل آنذاك مناحم بيغين في وجود الرئيس الأميركي جيمي كارتر في واشنطن أول معاهدة سلام بين دولة عربية وإسرائيل.

بموجب هذه المعاهدة استعادت مصر سيناء التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وفي الوقت نفسه "خرجت تماما من أي صراع مسلح محتمل بين العرب وإسرائيل"، بحسب المحلل السياسي في صحيفة الشروق المصرية المستقلة عبد العظيم حماد.

أثبتت معاهدة السلام المصرية-الاسرائيلية أنها "مستقرة" بعد أربعة عقود على إبرامها، وفق الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشوبكي.

مرت مصر بتحولات سياسية عديدة "خصوصا بعد ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011 وتوالى على السلطة المجلس العسكري ثم الإخوان المسلمون ثم تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي كل الأحوال بقيت معاهدة السلام"، بحسب الشوبكي الذي يشير كذلك إلى "تغييرات اقليمية" كثيرة.

هذه العلاقات الثابتة بين البلدين "أدت إلى موافقة اسرائيل" على تعديلات في حجم وطبيعة تسليح الجيش المصري في شمال سيناء حيث تواجه قوات الإمن والجيش الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية الذي أطلق على نفسه اسم "ولاية سيناء"، بحسب حماد.

وأشاد الرئيس السيسي أخيرا بالتعاون الأمني بين بلاده واسرائيل.

وقال في مقابلة مع قناة "سي بي إس" أذيعت في كانون الثاني/يناير "إن الجيش المصري يعمل مع اسرائيل ضد الإرهابيين في شمال سيناء".

وردا على سؤال حول ما إذا كان هذا التعاون هو الأوثق بين البلدين منذ توقيع معاهدة السلام بينهما في العام 1979، أجاب السيسي "صحيح"، وفقا للمحطة.

وقال الرئيس المصري، بحسب القناة الأميركية، "لدينا تعاون واسع النطاق مع الاسرائيليين".

-امتداد اقليمي-
ويقول حماد إن معاهدة السلام ليس فقط مستقرة بل شهدت "نوعا من الامتداد الاقليمي عندما حلت السعودية محل مصر في تيران وصنافير وورثت الالتزامات الأمنية لمصر، بموجب المعاهدة، في الجزيرتين".

وتتحكم جزيرتا تيران وصنافير غير المأهولتين في مدخل خليج تيران وهو الممر الملاحي الرئيسي للوصول الى ميناء إيلات الاسرائيلي على خليج العقبة.

وتتضمن معاهدة السلام المصرية-الاسرائيلية ترتيبات أمنية تتعلق بالجزيرتين.

وصادق الرئيس السيسي في حزيران/يونيو 2017 على اتفاقية &تمنح السعودية السيادة على جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر.

وبحسب رسائل متبادلة بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو نشرت في الجريدة الرسمية المصرية ملحقة بنص الاتفاقية، فإن السعودية تعهدت "من جانب واحد" "تنفيذ جميع التزامات جمهورية مصر العربية، بما في ذلك المعاهدات والبروتوكولات والملاحق والترتيبات الأخرى في ما يخص مضيق تيران وجزيرتي تيران وصنافير وخليج العقبة".

وصادق السيسي على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية بعد أيام من موافقة البرلمان المصري على الاتفاق الذي فجر معركة قضائية بين الحكومة ومعارضيها وأدى إلى صدور قرارات قضائية متضاربة.

وتمنح الاتفاقية السعودية حق السيادة على جزيرتي تيران وصنافير عند خليج تيران الذي يشكل المدخل الجنوبي لخليج العقبة.&

-استمرار المساعدات العسكرية الاميركية-
وإضافة إلى استقرار السلام، فإن المساعدات العسكرية التي تعهدت الولايات المتحدة تقديمها لمصر سنويا (1،3 مليار دولار) عند توقيع السلام مع اسرائيل لا تزال قائمة منذ أربعين عاما.

وتم تعليق هذه المساعدات جزئيا وبشكل موقت في بعض الاحيان نتيجة خلافات سياسية، كما حدث بعد قيام الجيش المصري بعزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي عام 2013، إلا أنها لم تنقطع أبدا.

وبحسب توفيق اكليموندس المحلل في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في القاهرة، فإن للولايات المتحدة مصلحة في ابقاء هذه المساعدات.

ويقول "الشرق الأوسط منطقة مضطربة، والجيش المصري هو الأقوى والأكثر احترافية في العالم العربي وبالتالي فواشنطن بحاجة إليه".

ويضيف "ثبتت أهميته بالنسبة لواشنطن اثناء حرب الكويت عام 1991 بعد غزو العراق، إذ سمحت مشاركة الجيش المصري باعطاء غطاء عربي للحرب وبتسمية التحالف الذي خاضها ب+التحالف الدولي+ وليس التحالف الغربي".

ويؤكد الشوبكي المعني نفسه ويقول "الجيش المصري يعد بالنسبة للولايات المتحدة عنصر استقرار في المنطقة التي لا تزال تموج بالتوترات".