بغداد: عاش نحو سبعة ملايين شخص أجواء أشبه بالجحيم في ظل حكم "خلافة" تنظيم الدولة الإسلامية في أوج توسعه، حيث كانت النساء تستعبدن والموسيقى محظورة والمثليون يواجهون الإعدام.

وشكلت استعادة قوات سوريا الديموقراطية لمنطقة الباغوز في شرقي سوريا السبت من قبضة الجهاديين، نهاية حقبة امتدت نحو خمس سنوات سيطر خلالها التنظيم الجهادي على مناطق توازي مساحة بريطانيا، وطبق فيها سياسة ترهيب فائقة القسوة طاولت السكان الخاضعين لسيطرته.

ولا يزال مصير السجناء الذين استخدمهم التنظيم كدروع بشرية مجهولا، وهناك أكثر من ثلاثة آلاف أيزيدي في عداد المفقودين.

وناصب تنظيم الدولة الإسلامية العداء الشديد لهذه الأقلية التي تتحدث اللغة الكردية، إذ اعتبر أفرادها الذين يعتنقون ديانات قديمة "كفارا".&

وفي العام 2014، قتل التنظيم أعدادا كبيرة من الأيزيديين في سنجار بمحافظة نينوى، وأرغم عشرات الآلاف منهم على الهرب، فيما احتجز آلاف الفتيات والنساء ليتعرضن للسبي والعبودية الجنسية.

وقالت بيسا حماد الايزيدية العراقية التي تم بيعها ست مرات على يد التنظيم قبل أن تفر من أخر جيوبهم في سوريا "كنا نفعل أي شيء يطلبوه منا (...) لم يكن بوسعنا أن نقول لا".

أما الصبية الذين لم يُقتلوا فقد اجبروا على القتال في صفوف التنظيم، وحتى من عثر عليهم لاحقا، بات من الصعب التواصل معهم لان الجهاديين دربوهم ولقنوهم الكره للغة ودين آبائهم.

أما الأطفال الذين ارسلوا للمدارس التي أدارها تنظيم الدولة الإسلامية، فقد تعلموا الجمع والطرح من كتب تستخدم صور البنادق والقنابل اليدوية في العمليات الحسابية.

وبالإضافة لمقاتلي الجبهة، كان لدى تنظيم الدولة الإسلامية شرطة عرفت باسم "الحسبة"، لدى رجالها سلطة معاقبة رجل تفوح منه رائحة السجائر او الكحول، وذلك عبر دفع غرامات أو الجلد.

وحظر التنظيم الرقص والغناء وأحرق الكتب، فيما بث دعايته الجهادية عبر اثير إذاعة خاصة به.

واستخدم التنظيم المطارق لتدمير مواقع أثرية تاريخية لا تقدر بثمن اعتبروها وثنية.

وفرض التنظيم زيا صارما للنساء يجبر حتى الفتيات الصغيرات على لبس رداء إسلامي أسود يغطي كامل الجسد. كما كانت اللحى والجلابيب الإسلامية التقليدية إجبارية للرجال.

- قطع الرؤوس والرجم -
وشكل التنظيم محاكم خاصة به تصدر عقوبات قاسية ووحشية من بينها الإعدام بقطع الرأس، وكان الرجم من نصيب الرجاء والنساء المتهمين بالزنا.

&فيما تعرض رجال اتهموا "بجريمة" المثلية للقتل بالرصاص أو الإلقاء من أسطح البنايات. وصدرت أحكام بالسجن بحق من لا يدفع ضرائب إجبارية للتنظيم.

وتحولت مدينة الرقة في شمال سوريا والموصل في العراق إلى عاصمتين للخلافة المزعومة التي أعلنها التنظيم في العام 2014.&

وباتت الرقة مرادفا للفظاعات التي ارتكبها جهاديو التنظيم، كما كانت مقرا لتدبير العديد من الاعتداءات التي وقعت في ارجاء العالم.&

وقام تنظيم الدولة الإسلامية في بدايته وبشكل سريع، باصدار عملة مالية أطلق عليها اسم "درهم الخلافة"، حسب ما كشفت تلك القطع التي عثر عليها جنود عراقيون ومقاتلون أكراد في سوريا يحتفظون بها الآن كدليل على انتصارهم وبطولاتهم بوجه التنظيم المتطرف.

وبسطت دولة "الخلافة" سيطرتها على مناطق واسعة في العراق وسوريا، واعتمدت في أدارتها خلال الأيام الأولى على كسب ود السكان الذين كانوا يعتبرون أنفسهم مظلومين من قبل سلطات بلادهم الفاسدة والظالمة.

لكن الناجين من سلطتها يتهمون الجهاديين بالسرقة وارتكاب تجاوزات لا علاقة لها بمعتقداتهم.

وخلّف الجهاديون 200 مقبرة جماعية في العراق وحدها، فيما من المتوقع العثور على آلاف الجثث في مقابر عدة لم تفتح حتى الان في سوريا.&

وروت نساء خرجن من مناطق تم تحريرها من قبضة التنظيم لفرانس برس أنهن حصلن على شهادات وفاة موقعة من الدولة الإسلامية لأزواجهن الذين تم إعدامهم، دون أن يسلمهم التنظيم جثثهم قط.

وقد يتطلب الأمر سنوات طويلة لمعرفة ما الذي حل ببعض الضحايا.

واشتكى بعض مقاتلي التنظيم الخارجين من الباغوز من نفس المظالم التي شكا العراقيون والسوريون منها قبل استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية على مدنهم، موجهين انتقادات لاذعة لقيادات التنظيم.

وقال الجهادي عبد المنعم ناجية الذي بقي مع التنظيم حتى آخر أيامه لصحافي في فرانس برس إنّ التنظيم "كان يقول بأنه يطبق شرع الله".

وأكّد هذا الرجل الثلاثيني، الذي بدا أكبر بكثير من عمره الحقيقي بعد أن طغى الشيب على شعره وذقنه "كان هناك ظلم ... قيادات (في تنظيم الدولة الإسلامية) سرقت الأموال وأهملت العوام".