بكين: دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين في باريس أمام الزعيم الصيني شي جينبينغ الى "شراكة قوية بين الصين وأوروبا" في حين تسعى أوروبا إلى موقف ثابت ضد الطموحات الدبلوماسية والاقتصادية لبكين.

ويقوم العملاق الصيني بتغيير وجه العالم على جميع الأصعدة، من الحوكمة العالمية إلى القواعد التجارية مرورا باحترام البيئة وعمليات الاستثمار، من خلال توظيفه استثمارات كثيفة في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في سياق مشروعه "طرق الحرير الجديدة". ويود ماكرون تأطير هذا التغيير والتوصل إلى موقف أوروبي مشترك لمواجهته.

وبعد لقائه شي في قصر الاليزيه، دعا ماكرون الى "شراكة قوية بين الصين وأوروبا"، مضيفا أن هذه الشراكة يجب أن تقوم على "تعددية قوية" وشق اقتصادي "متوازن".

بدوره قال الرئيس الصيني إن "أوروبا موحّدة ومزدهرة تلائم استراتيجيتنا لعالم متعدد الاقطاب"، داعيا أوروبا لاعتماد "استراتيجية مترابطة" في تعاملها مع بكين.

وتابع في تصريحات للصحافة أنّ "الصين ستدعم دائما التكامل الاوروبي وتطوره".

وجاءت هذه التصريحات عقب توقيع عشرات الاتفاقات في قطاع الطاقة النووية والتبادل الثقافي والطاقة النظيفة وعقد ضخم تشتري بموجبه الصين 290 طائرة ايرباص ايه320 وعشر طائرات ايرباص ايه350.

وتم الإعلان عن الصفقة، التي كانت في الأصل لشراء 184 طائرة طراز ايه320 ل13 شركة طيران صينية، خلال زيارة دولة قام بها ماكرون إلى الصين في كانون الثاني/يناير 2018.

ويصل حجم هذه الصفقات، بما فيها صفقة لتصدير دواجن فرنسية مجمدة للصين، إلى نحو 40 مليار دولار.

وتأتي محادثات ماكرون وشي عشية محادثات سيجريها مع نظيره الصيني في باريس بمشاركة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر لاستكشاف "نقاط الالتقاء" مع بكين.

ومن المقرر عقد قمة الاتحاد الاوروبي-الصين في بروكسل الشهر المقبل.

وقبل وصول الرئيس الصيني إلى فرنسا، تمكنت الصين، التي تواصل بسط نفوذها الاقتصادي، من ضم إيطاليا، إحدى الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبي، إلى خطتها المعروفة ب"طرق الحرير الجديدة" والقاضية باقامة بنى تحتية بحرية وبرية تربط بين آسيا وأوروبا وإفريقيا.

ووقعت إيطاليا الجمعة اتفاقات تتضمن استثمارات صينية في مرفأي جنوى وترييستي، في انفتاح على الصين أثار قلق بعض القادة الأوروبيين الذين انتقدوا الحكومة الإيطالية، وباتت ايطاليا اول دولة في مجموعة السبع تنضم للمشروع الصيني الطموح.&

وأعلن ماكرون أن فرنسا والصين ستتعاونان في عدد من الاستثمارات في بعض البلدان المشاركة في مشروع طريق الحرير.

وفي مقابلة مع صحيفة "نيس-ماتان" اعتبر ماكرون أن "العلاقة بين بلدينا هي احدى عناصر اعادة تشكيل (نظام) جديد متعدد الطرف" في ظل الهجمة التي يتعرض لها من الرئيس الاميركي دونالد ترامب.

الشق الأوروبي الثلاثاء

لكن الشق الأهم من زيارة الدولة هذه يبدأ صباح الثلاثاء حين تنضم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إلى الرئيسين في قصر الإليزيه. ويرغب ماكرون في "صحوة أوروبية" بمواجهة بكين.

ويطمح الرئيس الفرنسي في أن يتيح هذا اللقاء الاول العمل على "تحديد مشترك (لملامح) نظام عالمي جديد"، بحسب ما صرح لصحيفة "نيس-ماتان".

لكن الاتحاد الاوروبي المترامي الاطراف والسوق الجذابة، لا يملك موقفا واضحا تجاه الصين بل ان بعض دوله بدأ يتجاوب مع الاغراءات الصينية.

ومنذ سنوات كانت الصين تعمل مع دول وسط أوروبا في اطار مجموعة 16 زائد واحد. كما استثمرت في العديد من المنشآت الاستراتيجية في اوروبا على غرار ميناء بيرايوس اليوناني او أكبر شركات تزويد الكهرباء في البرتغال.

انتقادات لإيطاليا

وأشار المفوض الأوروبي غونتر أوتينغر "بقلق إلى أن بنى تحتية استراتيجية هامة مثل شبكات الكهرباء أو خطوط القطارات فائقة السرعة أو المرافئ، لم تعد بأيد أوروبية بل صينية".

وأضاف "أوروبا بحاجة ماسة إلى استراتيجية حيال الصين".

وكان ماكرون دعا الخميس إلى "استفاقة والى الدفاع عن سيادة أوروبية" بوجه بكين التي وصفتها المفوضية الأوروبية بأنها "غريم على جميع الأصعدة".

وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس لصحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية الصادرة يوم الأحد "في عالم يضم عمالقة مثل الصين وروسيا أو شركاءنا مثل الولايات المتحدة، لن يكون بوسعنا الاستمرار إن لم نكن متحدين كاتحاد أوروبي".

وتابع "إن كانت بعض الدول تعتقد أن بوسعها عقد صفقات مربحة مع الصينيين، سوف تُفاجأ عندما تدرك أنها أصبحت دولا تابعة" مشيرا إلى أن "الصين ليست ديموقراطية ليبرالية" في اشارة الى النظام الصيني الشيوعي الذي يتعرض بانتظام لتنديد منظمات غير حكومية بداعي انتهاكات لحقوق الإنسان.

وسيسعى الرئيس الفرنسي للتوصل مع ميركل ويونكر إلى موقف أوروبي موحد، ولو أنه من غير المؤكد أن يتمكنوا من إقناع الدول الأعضاء الأخرى بالانضمام إليهما.