أكد ناشر "إيلاف" ورئيس تحريرها أن على الصحيفة أن تطور أطرها وأنظمتها لتواكب العصر، خصوصًا أن ثمة صحفًا عربية كبيرة ما زالت تتمسك بنظام سُنّ قبل 55 عامًا، مؤكدًا نظريته موت الصحيفة الورقية.

إيلاف من دبي: قال عثمان العمير، ناشر صحيفة "إيلاف" الإلكترونية ورئيس تحريرها، إن من واجب المؤسسات الإعلامية مواكبة التطوّر التقني والثورة الرقمية، لافتًا إلى وجود وسائل تعمل ضمن القطاع بالنسق نفسه منذ 55 عامًا، وذلك في جلسة نقاشية بعنوان "مستقبل الصحف" ضمن الدورة الثامنة عشرة من منتدى الإعلام العربي في دبي، الذي يعقد هذا العام تحت شعار "الإعلام العربي: الواقع والمستقبل".

&

&

شاركت في هذه الجلسة منى بوسمرة، رئيسة التحرير المسؤولة في صحيفة "البيان" الإماراتية، ونايلة تويني، رئيسة التحرير في صحيفة "النهار" اللبنانية، وأدارتها الإعلامية سحر الميزاري من مؤسسة دبي للإعلام، محاولةً استعراض التحديات التي تواجه قطاع الصحافة الورقية، وتداعيات توقف عشرات الصحف عن الصدور ورقيًا واكتفائها بالشكل الرقمي.

لم تتغيّر
أثارت الميزاري مسألة تنبؤ العمير نهاية زمن الصحف الورقية، فعلّق العمير على ذلك قائلًا: "في مؤتمر في دبي، قبل 18 سنة، قلت إن الصحافة الورقية انتهت، وكان هذا الكلام مثار استهجان الكثير من الناس، إذ صدرت صحف، وكانت أخرى تستعد للظهور. أولًا، ليست القضية قضية ورق أو غير ورق، فالقضية هي قضية صحافة. إذا كنا نتكلم عن الصحافة كصناعة فهذا شيء، وإذا كنا نتكلم عن الأدوات التي يمارس الإعلام وجوده من خلالها، فهذا شيء آخر. في زمن سابق، كان الناس يستعملون أصواتهم لإيصال رسائلهم، سواء بالطرب والغناء أو بالحمام الزاجل، والإذاعة ما زالت قائمة بشكلها الكامل، وكذلك التلفزيون يتطور".

أضاف العمير: "في تقديري، هناك مشكلة في الصحف الورقية، فهي لم تتغيّر منذ أكثر من 50 سنة، لم تتغيّر في نظامها وأسلوبها. إصدار الصحيفة في عالمنا العربي ينقسم إلى قسمين، قسم تشرف عليه الدولة، وقسم تشرف عليه بطريقة غير مباشرة، أنظمة سُنّت قبل 55 سنة، ولم تتغيّر الأطر التي تعيد الاعتبار إلى الصحيفة الورقية. لا أخجل من القول إن أي تجربة يجب أن تنتهي، لأن هذه سنة التطور الطبيعي، بينما في العالم صحف، مثل إكونوميست أو فاينانشيال تايمز أو وال ستريت جورنال، تأسست قبل قرنين، لكنها تمكنت من التماهي مع العيش في العصر الحديث".

مات؟ لم يمت؟
برأي تويني، الورق لم يمت، "ويجب أن نكون إيجابيين. فعندما بدأنا أول مشروع للنهار، كانت الفكرة أن الطباعة الورقية عائدة". أما بوسمرة فقالت إن "البيان" تواكب استراتيجية دبي، التي تعني التغيير والتجديد، "فقد بدأنا خطة كي تكون النسخة الورقية والنسخة الرقمية في المستوى نفسه، وغيّرنا الرؤية البصرية للصحيفة الورقية، وصنعنا محتوى يتماهى مع الشباب، يقدم الرأي والتحليل، كذلك حاولنا إعادة الراديو، فأطلقنا بودكاست البيان".

علّق العمير على كلامهما قائلًا إن التطوير في تقديره هو تغيير مؤسسات، "فإذا أخذنا مصر والسعودية أو الإمارات أمثلة، نجد أن معظم صحفها ما زال يتمسك بالأطر نفسها، وهنا لا أتكلم عن أطر بشرية، بل أتكلم عن أنظمة، فهي ما زالت موجودة. فثمة مؤسسات صحافية في السعودية لم تتغيّر منذ 55 أو 56 سنة، لا في طريقة الإدارة، ولا في اختيار رئيس التحرير، وهذا أسلوب يجب أن يتطور حتى تتطور معه الصحيفة".

قضية محتوى
تابع العمير قائلًا: "بصراحة، ليست القضية صحيفة تقرأها أو إذاعة تسمعها، بل قضية محتوى، وقضية صحافة". وإذ روى قصة لقائه بغسان تويني، الصحافي اللبناني الراحل ورئيس تحرير النهار اللبنانية أعوامًا طويلة، في بيروت في أيام الحرب، حيث وجده فرحًا لأنه وجد بالصدفة أول صورة للجامعة اليسوعية في بيروت، كما تحادثا حينها في تظاهرات كانت تعم موريتانيا. قال العمير: "رجل فوق السبعين في ذلك الوقت يتكلم عن أي أزمة، هذا هو الصحافي، وليس مجرد شخص مرتبط بالجغرافيا أو بالتاريخ، بل هو مرتبظ بذاته وبنفسه. إذا لم يتطور الصحافي، فالآلات موجودة".

أضاف: "السوق هي من تشتري الصحيفة الورقية أو الصحيفة الإلكترونية، هناك صحف ورقية موجودة ويزداد توزيعها، مثل إكونوميست، تماهت مع التطور، وأصبحتَ تسمعها أو تراها في التلفزيون، وهي تأتي بكل الوسائل، وبتصوري كي نعيد بناء الصحافة الورقية، ليس من أجل أن تصدر صحافة ورقية، علينا أن ننشئ مؤسسات صحافية تأتينا بوسائل متطورة جدًا".

أفضل التجارب
يستعرض المنتدى في دورته الحالية أفضل تجارب العالم الناجحة في التطوير الإعلامي، والتعريف بالتقانة الحديثة التي تساهم في رسم معالم الإعلام العربي في المستقبل القريب، وأهم التحولات الإعلامية، والاتجاهات التقنية التي تساهم في تغيير منظومة الإعلام وصناعته، وتأثير ذلك في نمط المتلقي وسلوكه وتفاعله مع الإعلام المستقبلي.

تتضمن محاور المنتدى في هذا العام تحليلًا دقيقاً&لواقع الإعلام العربي، إضافة إلى أخرى تلامس التحولات الإعلامية المتوقعة خلال المستقبل القريب، إلى جانب عدد من الموضوعات التي تلامس عمل الإعلاميين العاملين في المنطقة العربية، وتهم المؤسسات الصحافية والإعلامية في الوطن العربي.
&