إسماعيل دبارة من تونس: حمل أول مؤتمر لحزب الرئيس التونسي المنقسم شعار "لمّ الشمل"، لكنه أسفر عند انتهاء اشغاله، عن مزيد من التشظي وعن قيادة جديدة برأسين، تزعم كل منها أنها "صاحبة الشرعية".

وانتخب أعضاء حزب "نداء تونس" الحاكم يوم السبت مديرين للحزب، أحدهما ابن الرئيس الباجي قائد السبسي، والآخر هو رئيس كتلة الحزب في البرلمان، وذلك في مؤتمرين موازيين عمّقا الانقسامات التي تعصف بالحزب منذ تأسيسه في العام 2012.

وخلّفت موجات من الاستقالات قرابة خمسة أحزاب جديدة انبثقت جميعها من رحم حزب "نداء تونس"، وتختلف أسباب الاستقالات بين معارضة سلوك نجل الرئيس السبسي وغياب الشفافية، وبين تحالف الحزب مع حركة النهضة الاسلامية اثر الانتخابات السابقة.

وانطلق المؤتمر في السادس من أبريل بمدينة المنستير الساحلية، تحت شعار "الإصلاح والالتزام" بحضور رئيس الدولة ومؤسس الحزب الباجي قايد السبسي، وكان الهدف المحدد اختيار قيادة منتخبة تضع حدا للصراعات التي تفجرت عقب تأسيس الحزب عام 2012.

برزت الخلافات مع إعلان قائمة الأعضاء المنتخبين في هياكل الحزب، وقرر المؤتمر العام الخميس الماضي إلغاء نتائج انتخاب المكتب السياسي، وإسقاط القائمة التي تم التصويت عليها من اللجنة المركزية الجديدة بحجة وجود إخلالات إجرائية. وكان يفترض أن يؤدي اختيار مكتب سياسي لحزب نداء تونس إلى اختيار أمين عام له.

وفي ظل هذه الخلافات، عقد الشقان المتنازعان اجتماعين منفصلين أمس في مدينتي المنستير والحمامات، وتبادلا الاتهامات بشأن قانونية كلا الاجتماعين.

وفي حين أسفر اجتماع المنستير عن انتخاب حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس، على رأس اللجنة المركزية، أفضى اجتماع الحمامات عن انتخاب النائب في البرلمان سفيان طوبال على رأس اللجنة المركزية المنافسة.

وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية، أكد حافظ قايد السبسي شرعية اجتماع المنستير، وأنه يتمتع بالصلاحيات القانونية، وأشار إلى تحرك لإبطال ما وصفه بالاجتماع الموازي لعدد من أعضاء الحزب.

بدوره، أكد سفيان طوبال شرعية اجتماع الحمامات، وقال إن حافظ قايد السبسي يجب ألا يكون في الصفوف الأمامية للحزب.

وبعد فوزه بالانتخابات التشريعية والرئاسية في 2014، شهد الحزب تصدعات كبيرة في ظل التنافس على المواقع القيادية، وكذلك في ظل اتهامات لنجل الرئيس باستغلال موقع والده على رأس الدولة للهيمنة على الحزب، الأمر الذي ينفيه بشدة.

وبسبب تلك التصدعات خسر الحزب أغلبيته في البرلمان، وتضاءل عدد نوابه من 86 نائبا إلى 37 حاليا في المرتبة الثالثة بعد حركة النهضة وكتلة الائتلاف الوطني، ليعلن أواخر العام الماضي انسحابه من الحكومة.

وبعد انسحابه منها، بات الحزب معارضا لها، وسعى لإسقاطها بعد انسلاخ رئيسها يوسف الشاهد عنه وتشكيل كتلة برلمانية داعمة له، وحزب جديد باسم "تحيا تونس" قد يرشحه لانتخابات الرئاسة المقبلة.

وجمّد حزب نداء تونس عضوية الشاهد فيه في سبتمبر الماضي قبل أن يقرر خلال مؤتمره الأول رفع التجميد عنه بناء على دعوة من مؤسس الحزب (الرئيس). لكنّ قياديا في حزب الشاهد الجديد رجح عدم عودته إلى حزب النداء.

وتأتي الأزمة الجديدة التي يواجهها نداء تونس قبل أشهر من انتخابات برلمانية متوقعة في أكتوبر ورئاسية في نوفمبر هذا العام، مما قد يجعل مهمته صعبة أمام منافسه حزب النهضة الاسلامي.

وكان الرئيس التونسي قال الأسبوع الماضي إنه لا يرغب في الترشح لولاية ثانية رغم دعوات حزبه له بذلك، والدستور الجديد الذي أقره البرلمان في 2014 يعطي الحق لأي رئيس في الترشح لولايتين فقط.

ويدير تونس حاليا ائتلاف حاكم لكن الخلافات داخله تعرقل عملية صنع القرار وتبطئ وتيرة الإصلاحات الاقتصادية التي يطالب بها المانحون الأجانب.

ويُنتظر أن تشهد الانتخابات البرلمانية منافسة شرسة بين حزبي النهضة الإسلامي ونداء تونس، إضافة الى حزب تحيا تونس الذي يقوده رئيس الوزراء يوسف الشاهد المنشقّ عن "النداء".