ساهمت الأيديولوجية المشتركة التي تربط حركة حماس مع الرئيس السوداني "المخلوع" عمر حسن البشير في بناء علاقات مميزة بين الطرفين منذ تسلم الأول رئاسة السودان.

إيلاف: لعبت كلمة السر، المتمثلة في جماعة الإخوان المسلمين، دورًا رئيسًا في فتح أبواب السودان أمام حماس، لكن الحركة باتت تخشى اليوم فقدان هذا الملاذ الآمن أكثر من أي وقت مضى، بسبب "إقتلاع" البشير، وتولي قادة الجيش من الراغبين في التجاوب مع مطالب الشعب، زمام الأمور.

مخاوف قادة الحركة
تطرق الكاتب، محمد شحادة، في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، إلى تداعيات ما يحصل في السودان على حماس، التي التزم قادتها الصمت حتى الآن، وهم الذين أيّدوا البشير بإخلاص، لكنهم يأملون اليوم ألا يقوّض خلفاؤه المصالح الاستراتيجية للحركة في البلاد - والأهم من ذلك طريق الإمداد بالأسلحة من ليبيا وإيران إلى غزة.

تقديمات السودان إلى حماس
وقال الكاتب: "لعب حسن الترابي، الزعيم الإيديولوجي السوداني الراحل، دور المرشد للعديد من مؤسسي حماس البارزين، وأبقت السودان أبوابها مفتوحة على مصراعيها أمام حماس، لشغل مراكز تدريب صغيرة، بما في ذلك تدريب "مهندسي" صنع القنابل، وقُدم&العديد من المنح الدراسية لأعضاء مختارين من حماس للانضمام إلى الكليات السودانية لدراسة الطب والقانون، وتم تدريب ناشطين&في حماس في أكاديميات الشرطة في الخرطوم، كما حصل مسؤولون كبار آخرون في الحركة على شهادات الدراسات العليا من الجامعات السودانية من دون عناء.

تجلت أهم مساهمات عمر البشير في فتح وتيسير طريق لإمداد الأسلحة لحماس من إيران - وأخيرًا من ليبيا بعد سقوط القذافي. تم تجميع وتخزين الأسلحة - ومعظمها من البنادق والذخيرة والصواريخ المضادة للدبابات في السودان، ثم تم تهريبها بعناية إلى مصر، حيث وصلت إلى حماس عبر أنفاق التهريب في شبه جزيرة سيناء.

حماس للبشير
حماس من جهتها أبدت حماسة للبشير يوم قرر تطبيق الشريعة في السودان في عام 1991، ولعبت حماس أحيانًا دورًا وسيطًا بين الخرطوم وطهران، كلما ازدادت الأمور سخونة بين النظامين.&

وعندما قرر البشير قطع العلاقات رسميًا مع إيران، وانضم إلى حرب اليمن، استمر مسار تهريب الأسلحة الذي تتبعه حماس، واتبع الرئيس السوداني سياسة غضّ الطرف.

ضربات إسرائيلية
أشار شحادة إلى الهجمات التي نفذتها إسرائيل ضد حماس في السودان. وقال: "لقد عملت إسرائيل بلا كلل لتقويض هذا المسار، من خلال الهجمات العسكرية والغارات الجوية والبحرية. ففي عام 2009، استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية قافلة أسلحة مؤلفة من 17 شاحنة في السودان، بحجة أنها كانت في طريقها إلى غزة، وفي عام 2010، امتثلت مصر لطلب إسرائيل بتكثيف قواتها الأمنية على حدود السودان، لمنع إمدادات الأسلحة المشتبه فيها لحماس، وفي 2011 نجا زعيم كتائب القسام التابعة لحماس، عبد اللطيف الأشقر – مسؤول التسليح-، من غارة جوية إسرائيلية استهدفت سيارته في بورتسودان، وكذلك قصفت إسرائيل مصنع اليرموك العسكري في الخرطوم عام 2012، وبعد شهرين اتهمت إسرائيل السودان رسميًا بتهريب الأسلحة إلى حركة حماس".

اعترضت البحرية الإسرائيلية عام 2014 سفينة تحمل الإمدادات الإيرانية إلى غزة، في المياه الدولية بين السودان وأريتريا، وفي عام 2015، ادّعى النظام &السوداني إسقاط طائرة استطلاع عسكرية إسرائيلية، بعد ساعات من غارة جوية إسرائيلية أخرى على منشأة أسلحة في أم درمان، ونفى نظام البشير مرارًا وتكرارًا جميع الاتهامات المتعلقة بتسهيل وصول الأسلحة إلى حماس.

الدبلوماسية أصدق أنباء من الضربات
تابع الكاتب قائلًا: "في النهاية، بدت الدبلوماسية أكثر جاذبية لإسرائيل من الضربات الجوية. فلجأت تل أبيب إلى مطالبة واشنطن بالضغط على السودان لإغلاق طريق الأسلحة أمام حماس، ثم لم يعد بالإمكان إنكار وجود التيار المتنامي المؤيد للتطبيع في السودان، وذلك وفق مسؤولي حماس.&

ودعم وزير الاستثمار السوداني، مبارك المهدي، علنًا تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وفي عام 2018، أفادت القناة الثانية الإسرائيلية أن محطة نتانياهو التالية ستكون السودان. وبعد يومين، كشفت القناة العاشرة أن الدبلوماسيين الإسرائيليين قد التقوا سرًا مع مسؤولين سودانيين مؤثرين في إسطنبول، بعضهم قريب جدًا من رئيس الاستخبارات آنذاك والسفير الحالي في واشنطن، محمد عطا. وبحلول نوفمبر، وبعدما زار نتانياهو رئيس تشاد، إدريس ديبي، كانت هناك شائعات بأن الزعيم السوداني سيكون أول من يصافح نتانياهو".

استياء أبدي
في المقابل، كانت حماس تشعر بقلق عميق من أن مصالحها في سودان البشير في خطر شديد. فسارعت إلى التنديد بجميع جهود التطبيع مع إسرائيل، من دون تسمية السودان.&

واجتمعت مصادر مقربة من حماس مع البشير، الذي كرر مجددًا أنه يعتبر نفسه أقوى عقبة في طريق التطبيع، مشيرًا إلى غضبه الأبدي من إسرائيل، بسبب تسليح وتدريب متمردي جنوب السودان، الذين قسموا السودان إلى دولتين في عام 2011.

عواقب شديدة
قال الكاتب: "رغم ذلك، فإن عواقب طرد البشير على حماس ستكون بالتأكيد شديدة، فصعود المجلس الانتقالي العسكري سيأتي بشكل أساسي على حساب نفوذ الإخوان المسلمين في السودان. وجنرالات الجيش، المسؤولون الآن عن الحكومة المدنية، يستقتلون لكسب الدعمين الشعبي&والدولي".&

وختم قائلًا: "مع بدء الانتفاضة منذ أربعة أشهر، بدأت حماس بالفعل في استدعاء بعض نشطائها من السودان، وبينما كانت تبحث عن ملاجئ وطرق بديلة حول البحر الأحمر، فمن غير المرجح أن تجد حليفًا في جوارها المباشر يكون قريبًا كالدكتاتور السوداني عمر البشير مرة أخرى".


&