الرئيس الجديد للمجلس العسكري الانتقالي، عبد الفتاح البرهان
AFP

ناقشت الصحف العربية بنسختيها الورقية والإلكترونية دور المؤسسة العسكرية في حركات التغيير في الوطن العربي في ضوء الأحداث الأخيرة في الجزائر والسودان.

فبينما يرى بعض الكتاب أن المؤسسة العسكرية "قد تتحول إلى ضمانة للديمقراطية"، يقول آخرون إن "الشارع أخذ مكان الجيوش" لأنها لم تقم بدورها.

" لاعب جديد"

يقول حسين مجدوبي في القدس العربي اللندنية إن "المؤسسة العسكرية أصبحت لاعبا جديدا وبارزا في الحياة السياسية في العالم العربي، بعد إنهائها للديكتاتورية في الجزائر والسودان، ومرشحة للعب الدور نفسه في دول عربية أخرى مستقبلا، بل قد تتحول إلى ضمانة للديمقراطية، وتصحيح انحرافات سلطة الرؤساء والملوك، وعامل مهم لكبح جهاز المخابرات الذي يعتبر، تقليديا، أكبر عنصر فساد في يد الطغاة في العالم العربي".

ويؤكد الكاتب على "ضرورة إقامة حوار مع المؤسسة العسكرية لكي تسهم في التغيير السياسي، عبر تذكيرها بدورها الحقيقي المتمثل في حماية الشعوب، وليس خدمة وحماية أنظمة ديكتاتورية فاسدة. إن المؤسسة العسكرية مكونة من أبناء الشعب، ويجب أن تكون في خدمة الشعب، وأن لا تبقى إلى الأبد في خدمة الديكتاتوريين والطغاة".

أما يوسف مكي فيقول في الخليج الإماراتية: "تُشّكل جيوش هذه البلدان محور وجوهر التغيير السياسي، سواء كما تطمح الحركات الاحتجاجية لتحقيقه، كما هي الحال في الجزائر والسودان، أو بمبادرات عسكرية مباشرة، كما هي الحال مع ليبيا. وذلك أمر طبيعي، مع الواقع الاجتماعي السائد في بلدان العالم الثالث، ومن ضمنه الأقطار العربية. وأيضا بسبب التجريف السياسي، الذي مارسته الأنظمة العربية، عبر عقود طويلة".

ويضيف الكاتب: "اللافت للنظر أن الحركة الاحتجاجية التي تطالب بالتغيير، ترفع شعار الديمقراطية والمجتمع المدني، "لكنها تعترف بعجزها عن تحقيق ذلك من غير مساندة الجيش. ويبدو أن ذلك أمر غير واقعي؛ إذ لا يتوقع من الجيش أن يقبل بدور المنفذ للمطالب الشعبية، دون تمكينه من مواصلة دوره في الحياة السياسية... إن التغيير في التركيبة الاجتماعية السائدة، هو رهن بتغيرات جوهرية في التقاليد السياسية العربية. ولن يتحقق ذلك إلا بتصليب (تقوية) دور مؤسسات المجتمع المدني، وفتح الأبواب مشرعة للعمل السياسي في تلك البلدان، وخلق مناخات تتيح الفرص لتحول ديمقراطي حقيقي".

"الشارع أخذ مكان الجيوش"

يقول عبد الباري عطوان في رأي اليوم اللندنية: "الزمن تغير، وتعددت الانقلابات العسكرية، وعادت الرتب والنياشين تتصدر الشاشات التلفزيونية، ولكنها انقلابات مختلفة هذه الأيام، وبيانها الأول مختلف أيضًا، لأنه بات (منزوع الدسم)، وقادتها عازفون عن الحكم مكرهين، ولو ظاهريا، ويرتعدون خوفًا من الشعوب".

ويتابع: "إذا أخذنا السودان كمثال، نجد أنّ زعيم الانقلاب العسكري الفريق ركن عبد الفتاح البرهان، يرضخ لمطالب وإملاءات السيد محمد ناجي، أحد قادة تجمّع المهنيين السودانيين الذي تزعم الاحتجاجات طوال الأشهر الأربع الماضية... أما في الجزائر فإن الجنرال أحمد قايد صالح، رئيس هيئة أركان الجيش، فكان مثل (الحمل الوديع) أمام قادة الحراك، ينفذ مطالبهم الواحد تلو الآخر دون تلكؤ".

ويرى الكاتب أن "الشارع أخذ مكان الجيوش، وتقدّم عليها... عندما تغرق الجيوش وقادتها في الفساد، وتتحول إلى شركات مقاولات، وتتغول في الاستبداد، وزعماؤها في احتقار الدساتير، والارتهان للاستعمار ومخططاته، والتخلي عن القضايا الوطنية، وتوجيه فوهات بنادقهم نحو صدور الشعوب، فمن الطبيعي أن تكون الغلبة لحراك الشارع، وشبابه وشاباته، لأنّ تحقيق مطالبه العادلة هي الطريق الأقصر نحو الرخاء والأمن والاستقرار، وليس الدبابات".

ويرى زهير الحارثي في الرياض السعودية أنه "بعد رحيل الاستعمار الغاشم عن بعض الدول العربية، نشأت أنظمة وطنية، وأطلقت شعارات مؤثرة آنذاك؛ لارتباطها بالأرض والحرية والاستقلال، لكنها ما لبثت أن عادت إلى ممارسة القمع، بمجيء أنظمة عسكرية كرست الاستبداد والديكتاتورية. فتحول المشهد من ليبرالية مشوهة بعد الاستقلال، إلى فضاء ملوث بالعنصرية، والتمييز المذهبي والطائفي والقبلي".

ويضيف الكاتب أن "حالتي الجزائر والسودان تخبرنا أننا أمام حالة اجتماعية، أو لنقل أنثروبولوجية، وجذر مشكلتها يتعلق بأمرين: ضعف المشروع التنموي بكل تجلياته، وعدم تأسيس دولة المواطنة، وهو ما جعل هذه المشكلات تطفو على السطح، التي جاءت على هيئة مظاهرات، واصطدامات، واعتصامات، وهي متصورة أننا ارتهنا إلى الواقع".