روما: ترأّس البابا فرنسيس مساء الجمعة رتبة "درب الصليب" في الكولوسيوم في روما، حيث خصّصت تأمّلات هذا العام "للمصلوبين الجدد"، وفي مقدّمهم النساء ضحايا الاستغلال الجنسي.

تحيي الكنسية في "درب الصليب" مراحل الآلام الـ14 التي اجتازها يسوع المسيح بدءًا بالحكم عليه بالموت ومرورًا بصلبه وانتهاءً بدفنه. وخلال هذا العام اختار البابا الراهبة الإيطالية أوجينيا بونيتي لإعداد التأمّلات والصلوات التي تتلى في كلّ من هذه المراحل الـ14.

هذه الراهبة البالغة من العمر 80 عامًا، والتي كانت لوقت طويل مرسَلة في أفريقيا، عادت إلى بلدها، حيث كرّست حياتها منذ 20 عامًا لخدمة "ضحايا تجّار الأجساد البشريّة"، ولا سيّما الفتيات اللواتي يعملن في الدعارة على طرقات إيطاليا.

المصلوبون الجدد
اختارت الراهبة لتأمّلات هذا العام أن "نسير درب الألم هذه مع جميع الفقراء ومهمَّشي المجتمع والمصلوبين الجدد لتاريخ اليوم، ضحايا انغلاقاتنا وضحايا السلطات والتشريعات، ضحايا العمى والأنانيّة، لكن لاسيّما ضحايا قلبنا الذي قسّته اللامبالاة".&

تميّزت النصوص التي أعدّتها الراهبة بأسلوبها المباشر والقاسي بمثل قسوة المعاناة الإنسانية التي اختبرتها بأم عينيها ونقلت بعضًا من فصولها في تأمّلات مراحل الآلام.

من هذه التأمّلات التي أورد موقع إذاعة الفاتيكان نصّها بالعربية معاناة "العديد من الفتيات اللواتي، وإذ تجبرهنَّ مجموعات تجار العبيد، لا يتحمَّلنَ تعب وذلَّ رؤية أجسادهنَّ الشابة التي يتمُّ التلاعب بها وتُستغل وتُدمَّر مع أحلامهنَّ".

لفتت الأخت أوجينيا إلى أنّ "تلك النساء الشابات يشعرنَ بالانقسام: من جهة يتمُّ البحث عنهنَّ ويُستعملنَ، ومن جهة أخرى يُنبذنَ ويَحكم عليهنَّ مجتمع يرفض رؤية هذا النوع من الاستغلال الذي يسبّبه ترسُّخ ثقافة الإقصاء".

وروت الراهبة في أحد التأملات كيف أنّها رأت "في إحدى ليالي يناير الباردة، على طريق في ضواحي روما، ثلاث طفلات أفريقيات، جاثمات على الأرض يُدفِّئنَ أجسادهنَّ اليافعة ونصف العارية حول موقدٍ. وخلال مرور بعض الشباب بالسيارة، ولكي يتسلّوا، رموا على النار موادّ قابلة للاشتعال، وسبّبوا لهنَّ حروقًا خطيرة".

كما روت مأساة "الشابة تينا، التي قُتلت بوحشيّة على الطريق، ولها من العمر عشرون سنة فقط، تاركة طفلة عمرها بضعة أشهر".

من عمر بناتهم
روت أيضًا معاناة "قاصرة نحيلة، التقيتُ بها ليلةً في روما، وكان رجال على متن سيارة فخمة يصطفّون لاستغلالها، بالرغم من أنها كانت من عمر بناتهم".

ولفتت الراهبة في تأمّلاتها إلى معاناة المهاجرين وضحايا الإتجار بالبشر من "رجال ونساء وأطفال يتمّ شراؤهم وبيعهم كعبيد من قبل التجار الجدد للكائنات البشريّة. من ثمّ يتعرّض ضحايا الإتجار بالبشر للاستغلال من قبل أفراد آخرين. وفي النهاية يتمّ رميهم كسلع لا قيمة لها. كم من الأشخاص يغتنون إذ ينهشون لحم ودم الفقراء!".

ذكّرت التأملات بـ،"تلك الشابات النيجيريات الستة والعشرين اللواتي ابتلعتهنَّ الأمواج واللواتي تمّ تشييعهنَّ في سالرنو، لقد كانت جلجلتهنَّ طويلة وقاسية. أولًا العبور في الصحراء مكدّسات على قافلة الحظ، من ثمّ الوقفة القسريّة في مراكز الحجز المخيفة في ليبيا. وختامًا القفزة في البحر، حيث وجدنَ الموت على أبواب +أرض الميعاد+".

وأعربت الراهبة عن الأسف لأنّ "الصحراء والبحر قد أصبحا مدافن اليوم الجديدة". وفي ختام رتبة درب الصليب تلا البابا فرنسيس صلاة قال فيها "أيّها الربُّ يسوع، ساعدنا لكي نرى في صليبك جميع صلبان العالم"، ولا سيّما "صليب المهاجرين الذين يجدون الأبواب مغلقة بسبب الخوف من القلوب التي تقسّيها الحسابات السياسيّة".