حوش بانقا: في حوش بانقا، قرية الرئيس السوداني عمر البشير الذي أطاحه الجيش، يعبر العديد من السكان عن ارتياحهم لرحيل الرجل الذي حكم بلادهم لمدة 30 عاما، متهمين إياه بأنه لم يفعل شيئا لتنمية منطقتهم الفقيرة.

يقول محمد علي عبد الحميد، المزارع من قرية حوش بانقا الذي كان يرتدي اللباس التقليدي، لوكالة فرانس برس "أنا من قريته ولكنني لم استفد من حكمه".&

عاش البشير طفولته في هذه القرية الواقعة على بعد 170 كلم شمال العاصمة الخرطوم، وولد فيها يوم رأس السنة عام 1944.&

وقال حميد "أفراد من أسرته (البشير) استفادوا. لديهم سيارات ومزارع وأبقار، ولكننا لم نستفد. لا أشعر بالحزن لرحيله".&

بعد ثلاثة عقود من الحكم، أطاح الجيش البشير في 11 ابريل بعد أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه.&

وتولى البشير السلطة في انقلاب مدعوم من الاسلاميين في 1989 ضد حكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي المنتخبة ديموقراطيا، الذي يرأس حالياً حزب الأمة المعارض الرئيسي.&

على مدى سنوات، أثبت البشير قدرته على الاستمرار، وتجنب محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية، وتغلب على العديد من التحديات الداخلية.

عُرف البشير الذي يتمتع بخلفية عسكرية، بخطابه الشعبوي وحرص على التقرب من الحشود ومخاطبتهم باللهجة المحلية.&

إلا أن مصيره تقرّر عندما لبّى الجيش مطالب عشرات الاف المحتجين في الخرطوم وباقي أنحاء البلاد بعد نحو أربعة أشهر من الاحتجاجات التي اشعلها قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف.&

ولم تصل الاحتجاجات إلى شوارع حوش بانقا التي تغطيها الرمال.&

ولكن ناصر ابراهيم من سكان القرية قال إنه مسرور لرحيل البشير.&

وأضاف "انظر الي منازل القرية وحتى المدارس التي درس فيها، لم يُعد بناؤها الا العام الماضي بعد أن سقط احد الاطفال في احد مراحيضها".&

30 عاماً كفاية

معظم منازل القرية من الطين، إلا أن مسكن عائلة البشير وهو عبارة عن مبنى كبير من طابق واحد ملحقة به ساحة، هو من أفضل المباني في القرية.&

ومعظم شوارع القرية عبارة عن ممرات رملية. والشارع الوحيد هو الذي يصل القرية بالطريق السريع المؤدي إلى الخرطوم.&

وفي حوش بانقا مستشفى يوفر الرعاية الطبية للقرى المجاورة، ولكن لا يزال جزء منها قيد الانشاء.&

وفي القرية مركز اجتماعي للنساء والأطفال أقامته زوجة البشير الأولى فاطمة خالد.&

وفي قيظ الظهيرة، يبقى معظم الناس داخل منازلهم.&

وفي القرية ايضا سوق صغيرة تبيع&الخضر المزروعة محلياً.&

والقرية ليست بعيدة عن اهرامات مروي الشهيرة، ولذلك غالبا ما يتم العثور على قطع أثرية فيها.&

ابراهيم الذي يقول انه يمت بصلة قرابة للبشير، يؤكد أن الاخير "شخص عادي".&

ويضيف أن البشير "كان يأكل ما نأكل. وعندما يأتي للمناسبات الاجتماعية يحكي عن قصصه وذكرياته، وهو ليس فاسدا ولكنه كان يحمي الفاسدين. ولكنني اعتقد ان 30 عاما (في الحكم) تكفيه".&

يستحق أن يرحل

إلا أن البعض عبروا عن حزنهم لرحيل البشير، وبينهم محمود عيسى الذي قال إن البشير "رجل ورع وتقي، وأجبر على الحرب بسبب التمرد. فلو كنت تريد أن تحافظ على وحدة البلد لا بد من ان تستخدم القوة".&

وأضاف "صحيح أن الاقتصاد منهار، والغلاء شديد والناس لا يحصلون على احتياجاتهم الأساسية، ولكن ذلك بسبب الحروب".&

وشهد حكم البشير العديد من النزاعات بينها الحرب التي امتدت من 1983 حتى 2005 وأدت إلى مقتل مئات الآلاف وبلغت ذروتها في انفصال جنوب السودان في 2011.&

كما اندلع نزاع انفصالي دامٍ في اقليم دارفور غرب البلاد في 2003 عندما حمل المتمردون الاثنيون المهمشون السلاح ضد الحكومة التي يهيمن عليها العرب. &

وفي 2011 اندلع نزاع آخر في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان بين القوات الحكومية والمتمردين.&

إلا أن سكان القرية الشباب وبينهم محمود، الذي رفض كشف بقية اسمه، لم يقتنع بما قاله عيسى.&

وقال "اؤمن بأنه (البشير) يستحق الرحيل لأنه كان يحمي الفاسدين. لم تشهد حوش بانقا او مدينة شندي تظاهرات ولو حصل ذلك لخرجت فيها".

ولتأكيد رأيه رفع يده بعلامة النصر وهتف "تسقط بس"، وهو الهتاف الذي أطلقته حملة الاحتجاجات التي أدت في النهاية إلى إطاحة البشير.&