مانديلا
BBC
نيلسون مانديلا أول رئيس أسود لجنوب افريقيا

يتزامن إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية في جنوب افريقيا مع الذكرى الخامسة والعشرين لتولي أول رئيس أسود الحكم، وهو الزعيم الراحل نيلسون مانديلا.

وتعد هذه الانتخابات اختبارا لحزب المؤتمر الوطني الافريقي الذي قاد البلاد منذ إلغاء نظام الفصل العنصري قبل 25 عاما. كما أنها تعد بمثابة استفتاء على الرئيس الحالي سيريل رامافوزا بشأن تعهداته بمكافحة الفساد في حكومته وحزبه وبجلب عهد جديد للبلاد.

وتشير النتائج إلى أن حزب المؤتمر حصل على 57 في المئة من الأصوات، أي تقلصت الأغلبية التي كان يتمتع بها. ولم تقل نتائج الحزب، الذي أسسه نيلسون مانديلا، من قبل عن 60 في المئة من الأصوات منذ توليه السلطة.

مكافحة الفساد

وكان رامافوزا قد جاء للسلطة في فبراير/ شباط عام 2018 بعد فضائح أجبرت الرئيس السابق جاكوب زوما على الاستقالة. وقد تعهد رامافوزا بمكافحة الفساد، واتخذ بالفعل خطوات في هذا السبيل، منها تأسيس محكمة خاصة لتسريع وتيرة استعادة أموال الدولة المنهوبة.

جنوب افريقيا
Huw Evans picture agency
سيريل رامافوزا رئيس جنوب افريقيا

ولكن يبدو أن حماس الناخبين للرئيس قد خفت، ولعل ذلك يرجع إلى أن الفساد في جنوب افريقيا مازال منتشرا، بل إن بعض السياسيين المتهمين بالفساد مازالوا جزءا من حزب المؤتمر الوطني الافريقي، ويشاركون في الانتخابات التي تتم بنظام القائمة.

وقال هريمان فيسرمان أستاذ الإعلام بجامعة كيب تاون في تصريحات لشبكة فوكس الإخبارية إن "وجود مرشحين متهمين بالفساد يمثل مشكلة لرامافوزا حيث يشكك في مدى مصداقيته في مكافحة الفساد".

مشاكل أخرى

كما يواجه اقتصاد جنوب افريقيا تحديات خطيرة، فمعدل البطالة يصل إلى نحو 27 في المئة حاليا وهو من أعلى المعدلات في العالم، ومازال أقل من 10 في المئة من سكان البلاد، وهم من البيض، يسيطرون على معظم ثرواتها.

وبالتالي فإن البعض يذهب إلى أبعد من قضية الفساد، ويطرح أسئلة حول مدى نجاح الحزب في الإصلاح الاقتصادي ومكافحة عدم المساواة.

جنوب افريقيا
Getty Images
الانتخابات البرلمانية في جنوب افريقيا

كانت نهاية نظام الفصل العنصري، الذي استمر حتى عام 1994، تعني تمتع الجميع في جنوب افريقيا بحق التصويت، ولكن انعدام المساواة من الناحية الاقتصادية استمر كمشكلة.

بالرغم من تحسن الأحوال منذ عام 1994 واتساع الطبقة الوسطى السوداء، إلا أن البيض مازالوا يسيطرون على أغلب ثروات البلاد، ومازالت الفجوة بين الغني والفقير تتسع.

جيل جديد

ويقول كيليبوغا مافوني أستاذ العلوم السياسية بجامعة جنوب افريقيا لشبكة فوكس" قد لا يكون الجيل الأكبر متحمسا كما كان الحال عام 1994 ولكنهم في المجمل سعداء".

لكن الجيل الأصغر الذي ترعرع في ظل الديمقراطية غير راض عن وتيرة التغيير.

ومن المرجح أن الجيل الأصغر، الذين ولدوا أحرارا وترعرعوا بعد نهاية الفصل العنصري، قد صوت بحذر وقلق، فهم "ليسوا متفائلين إزاء المستقبل البراق الذي يعد به حزب المؤتمر"، بحسب مافوني.

ويميل الشباب للتصويت لأحزاب المعارضة، وخاصة حزب "مقاتلو الحرية الاقتصادية"، أقصى اليسار، والذي يريد فرض سيطرة الدولة على الاقتصاد. ويطلق زعيم الحزب يوليوس ماليما على نفسه "رئيس الأركان" ويرتدي وأنصاره زيا أحمر اللون.

وقد ارتفع رصيد هذا الحزب في الانتخابات من 6 في المئة من الأصوات إلى 10 في المئة.

وكان حزب المعارضة الرئيسي، وهو التحالف الديمقراطي، يمين وسط، قد حقق مكاسب انتخابية كبيرة عام 2016 بزعامة مموسي ميامين، وهو أول زعيم أسود للحزب منذ عام 2015. ولكن مازال الحزب يحتفظ بسمعة أنه المفضل لليبراليين البيض، وهو ما أدى إلى تراجعه في هذه الانتخابات.

ويأتي فوز حزب المؤتمر الوطني الافريقي بأسوأ أداء منذ عام 1994 لينعكس على التفويض الممنوح لرامافوزا لمكافحة الفساد والقيام بالإصلاح الاقتصادي الذي تعهد به، بحسب مراقبين.

ويواجه رامافوزا وحزب مانديلا الآن اختبارا لمدة خمس سنوات قادمة. فهل سيتمكنون من مواجهة التحديات؟