إيلاف من القاهرة: شهدت الساحة السودانية تطورات خطيرة، مع اقتراب الاتفاق على تشكيل الحكومة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، ووقع إطلاق نار على المعتصمين في ساحة القيادة العامة للقوات المسلحة بالعاصمة الخرطوم نتج عنه مقتل 6 أشخاص بينهم ضابط بالجيش، وإصابة آخرين. &

وتوجه القوى السياسية السودانية أصابع الاتهام إلى فلول نظام حكم عمر البشير، وجماعة الإخوان المتحالفة معه.

وأعلن تجمع المهنيين السودانيين ارتفاع عدد ضحايا إطلاق النار على المعتصمين أمام القيادة العامة في العاصمة الخرطوم إلى 6 قتلى، داعيًا إلى "استكمال الثورة وحمايتها".

ودعا التجمع في بيان، اليوم الثلاثاء، إلى "مواصلة الاحتشاد والتوجه فورًا في هذا الصباح نحو ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة؛ حراسة لمكتسباتنا وانتصاراتنا ودماء شهدائنا الغالية".

كما دعا إلى ضبط النفس والسلمية، وذكر في بيان: "شعبنا الأبي والثوار المعتصمون ضد الرصاص والانتكاس.. إن الشهداء الذين ارتقوا هم شموس ساطعة تكشف عورات الجبناء الذين يتخفون وراء السلاح الجبان الغادر".

وأضاف: "ما لانت لنا قناة ولا انكسرت لنا عزيمة، فالثائرات والثوار فرسان دافعوا عن الثورة في أيام اللهيب الحارقة، وسهروا بالساعات في الليالي الحالكة لحمايتها، عندما كانت أجهزة أمن النظام وكتائب ظله المدججة بالعار والخنوع في أوج قوتها".

تابع: "فكيف الحال والكتائب وأجهزة الأمن الآن تتوارى خلف هزيمتها، وتتربص وقت الإفطار وفي لحظات الدعاء المستجاب؟ إن الحلوق التي جفت بالصيام لم يرطبها إلا الهتاف الأليف (سلمية سلمية ضد الحرامية)، والأجساد التي لفحتها حرارة الصيف، غشتها برداً وسلاماً (مدنية مدنية أو ثورة أبدية)، وغسلت مسامها (حرية، سلام، وعدالة، والثورة خيار الشعب)".

واتهم التجمع من سماهم بـ"أباليس الشؤم" بالوقوف وراء الهجوم، وقال: "إن أباليس الشؤم لن يهدأ لها بال حتى تدمر ما شُيِّد بالدماء صرحاً، وبُني بالسواعد متاريساً جبالاً، وعُجم بالعرق مصداً لحماية الثورة وصيانة مرماها، ولكن هيهات، فبسالة الثوار وإقدام الثائرات وعاصفة الصمود المجيد ستدك كل حيلة وتثير كل حفيظة وتحرس الثورة من كل معتدٍ وعُتلٍ زنيم".

ومن جانبه، قال المتحدث باسم المجلس العسكري السوداني، إن جهات "تتربص بالثورة" تعمل على إجهاض أي اتفاق بين قوى إعلان الحرية والتغيير وبين المجلس العسكري، وراء محاولة إطلاق النار بمحيط اعتصام القيادة العامة في الخرطوم.

وأضاف شمس الدين كباشي في بيان له، عقب إطلاق نار أسفر عن عشرات الإصابات أن ضابطا تابعا للقوات المسلحة قتل بعد أحداث&إطلاق النار والانفلات الأمني في منطقة الاعتصام ومواقع أخرى بالبلاد. وأشار أيضًا إلى وجود عدد كبير من الجرحى والمصابين من المعتصمين.

وأضاف المتحدث العسكري: "دخلت هذه المجموعات إلى منطقة الاعتصام وعدد من المواقع الأخرى وقامت بدعوات مبرمجة لتصعيد الأحداث من إطلاق للنيران والتفلتات الأمنية الأخرى في منطقة الاعتصام وخارجها و التحرش والاحتكاك مع المواطنين و القوات النظامية التي تقوم بواجب التأمين والحماية للمعتصمين" .

كما أكد أنه "لابد من تنبيه الجميع للانتباه لهذه المجموعات التي تحاول النيل من القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى وتعمل على منعنا من الوصول لتحقيق أهداف الثورة ونؤكد أننا نعمل مع الإخوة في الطرف الآخر ( قوى إعلان الحرية والتغيير) لاحتواء الموقف بكل تفهم وتعاون ونطمئنكم جميعا علي سلامة الأوضاع في كافة أنحاء البلاد و السيطرة عليها وسنتخذ من الإجراءات والتدابير اللازمة ما يحول دون وصول هؤلاء المتربصين بالثورة والثوار إلى&مراميهم".

وقال رئيس بحوث السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، الدكتور هاني رسلان، إن السودان يمر بمرحلة حرجة من الناحيتين السياسية والأمنية، مشيرًا إلى أن هناك صراعات وخلافات بين القوى السياسية بعضها البعض، ومنها الخلاف بين "تجمع المهنيين" و"قوى الحرية والتغيير"، وبين المجلس العسكري الانتقالي والقوى السياسية، مما أدى إلى الدعوة إلى استمرار المحتجين في الشوارع، من أجل تحقيق مطالب التحالف المعارض.

وأوضح لـ"إيلاف" أن هناك العديد من المعطيات التي سوف تجعل المجلس العسكري يسلم السلطة إلى حكومة مدنية، منها قرار الاتحاد الأفريقي الذي يطالبه أن يتم ذلك خلال 60 يومًا، بالإضافة إلى دراسة المجلس للأوضاع السودانية من حيث الأوضاع السياسية والأمنية، ومدى قدرة الأحزاب والقوى السياسية على تحمل المسؤولية في إدارة الحكم، بينما يتفرغ الجيش لمهام حفظ الأمن والدفاع عن حدود الدولة.

وأضاف أن الساحة السودانية تضم مجموعة من القوى المعارضة، وأهمها "قوى الحرية والتغيير" التي تضم "تجمع المهنيين" و"نداء السودان" و"الاتحاديين الديمقراطيين"، وهذا التكتل هو الذي قاد الثورة والاحتجاجات التي أسقطت حكم البشير، مشيرًا إلى أن هناك على الناحية الأخرى قوى إسلامية، ومنها حزب المؤتمر الوطني، والحركة الإسلامية، وهم يمثلون جماعة الإخوان في السودان، وهؤلاء هم من قاموا بالانقلاب ودعموا نظام عمر البشير في العام 1989، وينتشرون في مؤسسات الدولة، وخاصة القوى الأمنية.

وتوقع ألا تسلم جماعة الإخوان في السودان للثورة بسهولة، مشيرًا إلى أنها سوف تبدي ردود أفعال مقاومة للتغيير، وأن يتم إثارة القلاقل أمام أية حكومة مدنية مقبلة، لاسيما أنهم يعانون حاليًا من الشعور بالخوف من الاقصاء على أيدي القوى الثورية المعارضة، التي تطالب بحل هذه المؤسسات وإعادة هيكلتها، وحل حزب المؤتمر الوطني، &ومحاكمة رموز نظام الحكم والفاسدين.

وحول احتمالية حدوث تدخلات خارجية لإثارة القلاقل في السودان، من قبل الدول الداعمة لنظام البشير، ومنها تركيا أو قطر أو إيران، قال رسلان، إن نظام البشير كان إخواني المرجعية والهوى، مشيرًا إلى أنه كان يدين بالولاء إلى قطر وتركيا والتنظيم الدولي للإخوان.

وأضاف أن نظام عمر البشير الإخوان، كان انتهازيًا جدًا، ولذلك نزعوا إلى السعودية من أجل إقامة روابط معها من أجل الحصول على دعم مالي، وضحوا في سبيل ذلك بعلاقاتهم مع إيران وقطر.

ونبه إلى المرحلة المقبلة التي سوف تشهد تغييرًا لصالح الدولة بدون التقيد بإيديولوجية الإخوان، مشيرًا إلى أن المجلس العسكري الإنتقالي وقوى الحرية والتغيير أعلنوا أنهم سوف يقيمون علاقات متوازنة مع الدول الخارجية ومستقلة وتراعي مصالح الشعب السوداني، دون التورط في محاور سياسية أو استراتيجية.

وكان نائب رئيس المجلس العسكري في السودان، الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، قائد قوة الدعم السريع، قد أعلن أن الرئيس السابق عمر البشير، طلب "إبادة ثلث الشعب السوداني، ردا على الاحتجاجات التي استمرت 4 أشهر ضد نظام حكمه الذي دام 3 عقود".

وجاء تصعيد الأحداث في السودان في أعقاب إعلان المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي السوداني الفريق شمس الدين الكباشي، "التوصل إلى اتفاق بشأن هيكلية سلطة انتقالية مدنية" مع قوى الحرية والتغيير.

وقال الكباشي: "ناقشنا هيكل السلطة الانتقالية واتفقنا عليه بالكامل، واتفقنا أيضا على نظام الحكم في الفترة الانتقالية"، مؤكدًا أن "تركيبة السلطة الانتقالية سيتم تشكيلها خلال جولة المحادثات المقبلة".

وأضاف أن مباحثات أمس جرت في أجواء إيجابية، حيث بحث الطرفان أيضا موضوع مستويات الحكم ومؤسسات الفترة الانتقالية، مشيرًا إلى أن التفاوض حول نسب التمثيل في المجلس السيادي والمجلس التشريعي اليوم الثلاثاء.

وكانت الاحتجاجات اندلعت ضد نظام حكم عمر البشير في شهر ديسمبر الماضي، وتطورت إلى اعتصام خارج مقر وزارة الدفاع وسط الخرطوم، وفي يوم الخميس 11 أبريل الماضي، أعلن وزير الدفاع عوض بن عوف، اسقاط نظام عمر البشير واعتقاله في مكان آمن.


&