جنديات إسرائيليات يأخذن صورة سيلفي
Getty Images

حان الوقت للوصل بين عدد من النقاط: قرصنة الواتسآب، وتخريب سفن نفط، واندفاع الولايات المتحدة نحو حظْر جماعة الإخوان المسلمين، والتخطيط لنشر قوات أمريكية في منطقة الخليج.

كلها نقاط تنتمي لقصة واحدة أساسها الصراع بين إسرائيل والسعودية من جانب، وإيران من جانب آخر.

ويتميز الجيش الإسرائيلي بأنه يشكل العمود الفقري للعديد من المشاريع الصناعية في إسرائيل. وذلك لأن الروابط التي تتكون أثناء الخدمة العسكرية تظل قائمة حتى آخر العمر في إسرائيل.

وفترة الخدمة العسكرية هي الأكثر أهمية وتأثيرا في الحياة الشخصية للشاب الإسرائيلي، حتى لدى مقارنتها بسنوات الجامعة.

هي إذن "شبكة عمل الفتى الكبير"، على أن الحديث هذه المرّة عن شبكة تضم "فتيانا وفتيات كبارا".

ويبحث الجيش الإسرائيلي في كل شاب من أفراده عمّا يميزه من نقاط القوة، ويوظفها لخدمة إسرائيل.

وهكذا فإن خبراءَ في الحواسيب كان يمكن أن يظلوا خاملين، يُدفعون دفعا إلى النور ويقضون خدمتهم العسكرية في سلاح الحرب الإلكترونية الإسرائيلي.

وعندما يغادرون الجيش، يأخذون معهم ما اكتسبوا من مهارات وروابط إلى القطاع الصناعي ويدشنون شركات على غرار مجموعة "إن إس أو" (NSO) للتكنولوجيا .

وتطوّر تلك المجموعة برامج قرصنة تبيعها للحكومات لمحاربة الجريمة والإرهاب.

لكنها لا تحصل على ترخيص لتصدير مبيعاتها إلا من الحكومة الإسرائيلية طالما تقرر الأخيرة أن هذه المبيعات لا تضر بمصلحة إسرائيل.

وكان ذلك يعني في الماضي عدم البيع لإيران ودول الخليج على السواء. ذلك لأن دول الخليج كانت في الماضي تناصر الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل.

وبعد فترة الربيع العربي، تخلت دول الخليج (ما عدا قطر) عن القضية الفلسطينية، وتخندقت مع إسرائيل في مواجهة إيران.

هذا التحول البطيء تسارعت وتيرته بانتخاب دونالد ترامب وتعيين الكثير من الصقور المعادية لإيران في إدارته، مثل وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون.

وثمة الكثير من التكهنات بأن الحكومة الإسرائيلية، في سبيل تدشين علاقات مع أصدقائها الجدد في الخليج، سمحت لمجموعة "إن إس أو" ببيع برمجياتها لتلك الدول.

لكن ما وجاهة تلك التكهنات؟ ربما لم يكن من قبيل المصادفة أن الذين استُهدفوا ببرمجيات القرصنة على تطبيق واتسآب كان بينهم حقوقيون ناشطون في دول الخليج، وكان بينهم أيضا سعودي معارض، ومواطن قطري.

وقد كرّس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجوده (جاعلا ذلك بمثابة إرثه السياسي الوحيد) لبذل الجهود لاحتواء إيران، التي يراها التهديد الوجودي الأول لإسرائيل.

ويستشعر حُكام السعودية تهديدين وجوديين؛ أحدهما من الخارج هو إيران، والثاني من الداخل هو الإخوان المسلمون.

ويخشى السعوديون إيران لقوتها العسكرية، بينما يخشون الإخوان لطرحهم الإسلام السياسي كبديل لنظام الحكم الملكي.

وتتألف إدارة ترامب من أناس تجمعهم كراهية النظام الإيراني وكل ما يشير إليه.

وعليه، فإن أعضاء هذه المجموعة الجديدة التي تعرف بـ "محور الذوات المتضخمة" يشجعون بعضهم البعض عبر الاتحاد التام ضد إيران.

وثمة إبرام للكثير من الصفقات؛ بعضها مبيعات أسلحة، وبعضها يتعلق بأسعار النفط والغاز، وبعضها سياسي كسعي البيت الأبيض لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية.

وفي إنتاج مُعاد لسيناريو اجتياح العراق، يُستغَلّ أيّ خيط استخباراتي يمكن نسْجه كمبرر لزيادة الضغوط على إيران.

قوارب البحرية الإماراتية على مقربة من ناقلة النفط السعودية المرزوقة والتي تعرضت للتخريب بحسب التقارير الإعلامية
Reuters

جميع مَن عاصروا الحشْد لاجتياح العراق يعرفون جيدا هذه الأجواء.

الفارق هو أن الرئيس الأمريكي آنذاك -جورج بوش الإبن- كان يقاد جزئيا بمعتقَد أيديولوجي مفاده أن قدَرَه هو جلْب الديمقراطية للشرق الأوسط، وهو ما كان يستلزم خلع صدام حسين.

أما الرئيس الأمريكي الحالي فليس في جعبته من الأيديولوجيات غير القليل، ما لم تكن فارغة.

إن ترامب يدير سياسة أمريكا كإدارته لشركة أعمال؛ متخذا قراراته بناء على حاجة العمل، ومذهبه على صعيد السياسة الخارجية هو "أمريكا أولا".

ومن غير المرجح أن يوّقع ترامب على قرار حرب أخرى في الشرق الأوسط، ولا يصبّ ذلك بالتأكيد في مصلحته في انتخابات 2020، إلا إذا تعرض لاستفزاز جدّي.

وهذا يتطلب رصْد خطوات بالغة السوء من طهران. وأفضل طريقة لعمل ذلك تتمثل في جمع معلومات استخباراتية.

وأفضل طرق جمع المعلومات الاستخباراتية هي التجسس على أكبر عدد ممكن من الناس في المنطقة.

وإحدى أفضل الطرق لعمل ذلك هي قرصنة الهواتف الذكية (أحصنة طروادة) التي نحملها طوعا.

تطبيق واتسآب
Getty Images