واشنطن: تواجه السياسة الخارجية للرئيس الاميركي دونالد ترمب صعوبات شتى. فمن إيران إلى كوريا الشمالية، ومن فنزويلا إلى الصين، يضاعف ترمب مغامراته الدبلوماسية.

ورغم فوزه في المرحلة الأولى ببعض الجولات، تبدو فرصه في النجاح عرضة لمخاطر، لكن بدون أن تضمحل بشكل كامل.

التصعيد مع ايران

في ايار/مايو 2018، قرر ترمب الوفاء بوعده الانسحاب من الاتفاق حول برنامج إيران النووي معتبرا أنه غير كافٍ لمنع طهران من امتلاك القنبلة الذرية، وخصوصا للحد من تأثيرها "المزعزع للاستقرار" في الشرق الأوسط.

لكن بعد مرور عام، ورغم العقوبات الصارمة، لم تلب الجمهورية الإسلامية أيا من الشروط ال12 التي حددتها واشنطن لاستئناف الحوار. كما يواصل الحلفاء في اوروبا تحدي قرار الرئيس الأميركي.

وتصاعد التوتر بشكل كبير مطلع ايار/مايو، عندما تحولت المواجهة الى المجال العسكري. وبهدف منع "تهديد وشيك" مفترض على "صلة مباشرة بإيران"، قرر البنتاغون مضاعفة عملية الانتشار في الخليج.

لكن سرعان ما ظهرت روايات حول انزعاج ترمب المتزايد ازاء الصقور في حاشيته، بدءا بمستشار الأمن القومي جون بولتون. ويضاعف الرئيس الرافض للنزاعات الباهظة الكلفة والذي تم انتخابه بناء على وعود بانكفاء بلاده عسكريا، دعوات الحوار في اتجاه القادة الإيرانيين. ويعزز ذلك الشعور بالغموض المحيط بالاستراتيجية الأميركية.

المأزق في ملف كوريا الشمالية

يقول دبلوماسي اوروبي إن "ايران تهدد باستئناف النووي. تنتج كوريا الشمالية كل شهرين ما يكفي من المواد لصنع قنبلة جديدة، إنه الفشل. حصيلة ترمب ستكون كوريا الشمالية تواصل التصنيع وإيران تستعد لذلك".

كانت العلاقة مع بيونغ يانغ "قصة النجاح" الرئيسية لترمب. وشكلت أولوية قصوى عندما وصل إلى السلطة، وكان الملف النووي الكوري الشمالي موضع اهتمام واسع بعد التصعيد الحاد عام 2017.

للمرة الاولى، التقى رئيس للولايات المتحدة الزعيم الكوري الشمالي. ومذاك، يشيد ترمب بصداقته مؤكدا "الود" الذي يكنه لكيم جونغ أون.

لكن هذا لم يسفر عن أي تقدم ملموس في هذه المرحلة بشأن نزع السلاح النووي، كما أن المفاوضات دخلت في مأزق يبدو انه غير قابل للحل.

فنزويلا وخيبة الامل

رغم عدائه الشديد للسياسات الرامية إلى تغيير الانظمة في الخارج، وهذه سياسة عزيزة على الجمهوريين من المحافظين الجدد مطلع سنوات الالفين، أقنع العديد من المقربين ترمب باستثناء فنزويلا برئاسة نيكولاس مادورو.

منذ كانون الثاني/يناير، اعترفت إدارته بالمعارض خوان غوايدو رئيسا انتقاليا وتحاول دفع الرئيس الاشتراكي إلى الخروج من خلال فرض عقوبات اقتصادية وعزلة دبلوماسية وتهديدات عسكرية.

لكن الوعد بهجوم خاطف تراجع امام حال من الركود. وهنا أيضا، بدأ يظهر إحباط الرئيس تجاه من حوله.

الصين والمعركة المستمرة

الوعد الابرز للمرشح ترمب، وقد أعلن مرات ان الاتفاق التجاري مع بكين بات وشيكا لكن ذلك لم يتحقق.

في غضون ذلك، تستمر حرب فرض الضرائب الجمركية بين أول قوتين اقتصاديتين عالميتين، ما خلف اضرارا لدى المزارعين الأميركيين، وهم من الناخبين الذين يحتاج اليهم ترمب للحصول على ولاية ثانية عام 2020.

واقتناعا منه بأن ميزان القوى هو الوحيد الفاعل، نقل الرئيس الأميركي الصراع الى المجال التكنولوجي في محاولة لضرب شركة هواوي الصينية العملاقة بدون معرفة ما إذا كان هذا القرار سيصب في صالحه في المفاوضات التجارية.

أفغانستان وسوريا والانسحاب المضطرب

نظرا للسأم من رؤية واشنطن تؤدي "دور شرطي العالم" وعد ترمب بوضع حد "للحروب التي لا تنتهي".

لكن بعدما وعد في كانون الأول/ديسمبر بالانسحاب الكامل للجيش الأميركي المنتشر في سوريا في الحرب ضد الجهاديين، اضطر الى إبقاء قوة صغيرة بضغوط من مستشاريه وحلفائه.

بالنسبة لأفغانستان وبعد نحو 18 عاما من الحرب، طلب الرئيس من الدبلوماسي زلماي خليل زاد إجراء محادثات سلام غير مسبوقة مع طالبان للسماح بانسحاب تدريجي.

ومع ذلك، توقف التقدم السريع الذي تم إحرازه، وبدأ المفاوض الأميركي يظهر نفاد صبره، بينما يواصل المتمردون هجماتهم الدامية.