احتشد المتظاهرون الجزائريون بأعداد كبيرة في يوم الجمعة الثالث عشر على التوالي في العاصمة ومدن أخرى، حيث لم يؤثر تعب الصيام في شهر رمضان على حجم التعبئة لديهم.

إيلاف من الجزائر: من الصعب تقدير أعداد المتظاهرين في غياب أرقام رسمية، إلا أن التعبئة بدت في العاصمة الجزائرية أقل أو مساوية لأيام الجمعة السابقة.

وقرابة الساعة الخامسة (16:00 ت غ) بدأ معظم المتظاهرين بمغادرة الساحات، وهم ينشدون "صح فطوركم (إفطار رمضان) نلتقي يوم الجمعة المقبل" بدون تسجيل حوادث بارزة، رغم بعض التوتر في الصباح.

سار المتظاهرون أيضًا في وهران وقسنطينة، أكبر مدن البلاد بعد العاصمة، وكذلك في بجاية وتيزي وزو وبويرة (وسط)، وتيارت وغليزان ومستغانم (غرب)، وميلة وجيجل (شرق)، بحسب موقع "كل شيئ عن الجزائر" الإخباري.

ومنذ الصباح الباكر بدأ المتظاهرون بالتجمع بأعداد كبيرة، رغم الانتشار الكثيف لرجال الشرطة في المكان قبل وصولهم. ومنعت قوات الأمن المتظاهرين من صعود درج مبنى البريد المركزي، نقطة التقاء كل التظاهرات كل يوم جمعة منذ 22 فبراير.

أساليب قمع فاشلة
صاح المتظاهرون في وجه رجال الشرطة، الذين منعوهم، "يا للعار، يا للعار"، وسط توتر واضح بين الطرفين، سمع خلاله دوي "قنبلة صوتية"، ألقاها شرطي وسط المجموعة الأولى للمتظاهرين، لكن ذلك لم يفلح في تفريقهم.

كما لم تفلح في ذلك "بخاخات" الغاز المسيل للدموع، التي استخدمتها الشرطة في وجه بعض المتظاهرين، بحسب مواقع إخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي.

بعد ساعات من الصمود، اضطر رجال الشرطة إلى فتح الطريق أمام الحشود الكبيرة، التي كانت في مواجهتهم، بحسب مراسل وكالة فرنس برس. &وكانت ولاية الجزائر نشرت تقريرًا يثبت أن درج بناية المركزي، التي يعود تاريخ بنائها إلى أكثر من مئة سنة، فيه تصدعات.&

تدخل متطوعون لتقديم الإسعافات إلى بعض المتظاهرين، الذين أغمي عليهم، نتيجة الصيام والحرارة الشديدة، بحسب مصور وكالة فرنس برس.

إغلاق مداخل برج بوعريريج
ونصبت قوات الدرك والشرطة حواجز للتحقق من السيارات الداخلة إلى العاصمة الجزائرية، خصوصًا من الناحية الشرقية من حيث يصل عادة العدد الأكبر من المتظاهرين.

وقال علي القاطن في برج منايل (60 كلم شرق الجزائر)، ويعمل تاجرًا في وسط الجزائر، "السيارات تمر عبر ممر واحد، كما في حاجز رويبة وباب الزوار" في الضاحية الشرقية للعاصمة.

كما أغلقت مصالح الأمن مداخل مدينة برج بوعريريج على بعد 150 كلم شرق الجزائر، إحدى المدن التي تشهد تظاهرات حاشدة منذ بدايتها قبل نحو ثلاثة أشهر، بحسب وسائل إعلام جزائرية.&

ورفع المتظاهرون شعارات "ماكانش انتخابات يا العصابات" (لا للانتخابات، أيتها العصابات) معارضة للانتخابات المقررة في الرابع من يوليو لاختيار خليفة لعبد العزيز بوتفليقة، الذي استقال في 2 أبريل، بعدما قضى 20 سنة في الحكم، تحت الضغوط المزدوجة للحركة الاحتجاجية غير المسبوقة وللجيش الذي تخلى عنه.

مدنية.. لا عسكرية!
عاد شعار "دولة مدنية لا عسكرية!" في وقت أصبح فيه الجيش محور اللعبة السياسية بعدما ساهم بشكل مصيري في تنحّي الرئيس بوتفليقة، حتى أصبح رئيس أركانه الفريق أحمد قايد صالح، بحكم الأمر الواقع الرجل القوي في الدولة.

وردّد المحتجون بقوة شعار "قايد صالح إرحل!"، وهو الذي خدم بوتفليقة خلال 15 سنة، بسبب تمسكه بالانتخابات الرئاسية، التي تمثل، كما يقولون، وسيلة لإبقاء رموز نظام بوتفليقة في الحكم.&

ويطالب المحتجون بأن يسبق تنظيم الانتخابات رحيل كل هذه الرموز، وفي مقدمهم الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، ولكن أيضًا قايد صالح نفسه.

بحسب عبد الوهاب فرساوي، رئيس منظمة "تجمع شباب عمل"، التي كانت دومًا في مقدمة الاحتجاج، فإن "الحركة الشعبية السلمية لن تتراجع"، لأن "السلطة متمسكة بانتخابات 4 يوليو"، كما جاء في حوار مع موقع "كل شيئ عن الجزائر".&

ورقة ربح الوقت وتعب المتظاهرين
من جانبه ندّد نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، سعيد صالحي، بـ "سياسة الهروب إلى الأمام" في السلطة والتي "ليست لديها أي رؤية"، وهي تلعب ورقة "ربح الوقت وتعب" المتظاهرين. أضاف "إذا أصرّ النظام على الانتخابات في الرابع من يوليو، فسيكون ذلك بمثابة تزايد التوتر وتعميق الأزمة".

كما استنكر الاستدعاءات والاعتقالات الأخيرة ضد سياسيين ورجال أعمال سابقين، ورأى فيها رغبة في "تحويل" الحركة الاحتجاجية عن مطالبها. &وقال صالحي "لا يمكن إقامة نظام قضائي مستقل إلا في إطار جمهورية جديدة تتمتع بديموقراطية حقيقية، تقوم حقًا على الفصل بين السلطات".&

والخميس استدعى القضاء عبد المالك سلال رئيس الوزراء بين عامي 2014 و2017، وأحمد أويحيى رئيس الحكومة ثلاث مرات في عهد بوتفليقة - آخر مرة حتى مارس 2019 - والعديد من المسؤولين السابقين بدون أن يتم حبس أي منهم.
&