تزامنًا مع مراجعة ملف قطر في مجال حقوق الإنسان أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان في جنيف، وجّهت منظمات حقوقية مصرية انتقادات شديدة إلى الدوحة، لاسيما في ما يخص قضايا العمال الأجانب، وحرمان أبناء قبيلة الغفران من الجنسية، واحتضان الجماعات والأشخاص المطلوبين في دولهم بتهم تتعلق بالعنف والإرهاب.

إيلاف من القاهرة: وجّهت منظمات ونشطاء حقوقيون مصريون انتقادات للسجل القطري في مجال حقوق الإنسان، ومنها انتهاكات حقوق العمال الأجانب، وقبيلة الغفران القطرية، بالتزامن مع الاستعراض الدوري الشامل لسجل الدوحة لحقوق الإنسان.&

ترسيخ الاستغلال قانونًا
وعقدت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان ندوات في مقر الأمم المتحدة في جنيف، استضافت فيها خبراء ونشطاء حقوقيين دوليين. واتهموا الحكومة القطرية بمواصلة عدم التزامها بتعهداتها الدولية بحماية حقوق العمال والمحافظة عليهم. وأكد الخبراء على أن قطر حاولت "خداع العالم" من خلال إصدار القانون رقم 21 لسنة 2015، الذي سوّقت له الدوحة على أنه يعزز حقوق العمال المهاجرين على خلاف الحقيقة.

كشف الحقوقيون أن القانون القطري الجديد أبقى على عناصر أساسية في القانون القديم تسهل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك العمل القسري، لاسيما أنه يتعيّن على العامل الحصول على تصريح لمغادرة البلاد، كما يجيز لصاحب العمل منع العامل من الانتقال إلى عمل آخر لمدة تصل إلى خمس سنوات، وكذلك الاحتفاظ بجواز سفره، مما يرسخ قانونًا فكرة الاستغلال في العمل من قبل أصحاب الأعمال.

كما اتهم النشطاء الحقوقيون الإعلام القطري بالعمل لمصلحة دول وتنظيمات بعينها لنشر خطاب تحريضي، وتقديم مادة إعلامية تستهدف جذب التعاطف مع الإرهابيين، ونشر الأفكار المتطرفة، سواء من خلال برامجها أو استضافة قائمة من الإرهابيين وتوفير ملاذ آمن لهم بمنحهم ساعات بث طويلة على شاشتها لنشر أفكارهم التي تحرّض على الكراهية والعنف.

تعسف يصل إلى حد الصعق
قال رئيس مؤسسة ماعت المصرية، أيمن عقيل، إنه بموجب القوانين القطرية يخضع الأفراد العاملون&في الدولة في كثير من الأحيان إلى الحبس الانفرادي أو العزل، واستخدام أساليب التعذيب التي تشمل الضرب، والصعق بالكهرباء، كما حدث مع المواطن الفلبيني "رونالدو لوبيز أوليب"، الذي أيّدت محكمة النقض في قطر، في 2 مايو 2016 الحكم بسجنه 15 عامًا، بتهمة التجسس، ولم يتم التحقيق في ادّعاءاته بتعرّضه للتعذيب.

أضاف في تصريحات أرسلها إلى "إيلاف" أن الإعلام القطري يدعم العنف والإرهاب. وقال إن هناك عشرات الإفادات التي قدمتها منظمات مستقلة وخبراء دوليون إلى مجلس حقوق الإنسان تكشف عن توظيف قطر خطاب الكراهية. وضرب عقيل مثالًا استضافة قناة الجزيرة القطرية "أبو محمد الجولاني"، قائد تنظيم جبهة النصرة التابع لتنظيم القاعدة، وبثها تسجيلات صوتية لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.

ضد الأكراد.. مع داعش
وأشار عقيل إلى أن الجزيرة تمادت في توفيرها منصة تثير التعاطف مع دعاة الكراهية حين استضافت أحد أبرز المدافعين عن تنظيم داعش الإرهابي، ويدعى حسين محمد حسين، في مناظرة ضمن برنامج الاتجاه المعاكس مع أحد الكتّاب الأكراد، ويدعى شيرزاد اليزيدي، وبدا للمتابعين انحياز مقدم البرنامج إلى الأول بقوة اتباعًا لسياسة القناة، التي تهاجم الأكراد.

ولفت إلى أن قناة الجزيرة ترفض إطلاق تسمية الإرهاب على تنظيم داعش وعلى بقية الحركات الإرهابية، مثل جبهة النصرة أو تنظيم القاعدة، مشيرًا إلى أن قناة الجزيرة تقول "الدولة الإسلامية" بدلًا من كلمة "تنظيم داعش"، وتمتنع حتى من ذكر كلمة الإرهابي، وهم يستعملون ذلك المصطلح في محاولة لإضفاء الشرعية على تنظيم داعش الإرهابي أمام المشاهد والقارئ العربي.

شهد مقر الأمم المتحدة في جنيف بالتوازي مع خضوع قطر للاستعراض الدوري الشامل إذاعة رسالة فيديو مصورة لمواطن مصري محتجز في قطر يدعى&نبيل مصطفي يستغيث فيها بآليات الأمم المتحدة ويطالبهم بالتدخل لإنقاذ حياته ومستقبله ووقف عملية الانتهاك المستمرة التي يتعرّض لها في قطر منذ سنوات عدة.

اضطهاد "الغفران"
قال عقيل إن المواطن المصري يدفع ثمن مجاهرته برأيه الداعم للدولة المصرية ولثورة 30 يونيو، ويتعرّض لحملة تنكيل ممنهجة اشترك فيها الأمن والقضاء القطري، وتواطأت معهم مؤسسات مالية، مشيرًا إلى أن نبيل مصطفي محروم حاليًا من حقه في التنقل وفي العمل، ويتعرّض لاغتيال معنوي من السلطات القطرية من دون أن يتلقى أي دعم.

وتتبنى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، قضية قبيلة الغفران القطرية، التي تعاني من الاضطهاد وسحب الجنسية من أبنائها، وعقدت لها ندوات في مقر الأمم المتحدة، شارك فيها أفراد من القبيلة، وخاطبت المنظمة المصرية &المفوضية السامية لحقوق الإنسان بشأن قضية أبناء القبيلة.

وكشفت المنظمة أنها تلقت ردًا من المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن الأخيرة خاطبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، التي قالت إن أبناء قبيلة الغفران "ليسوا عديمي الجنسية، وإنهم يحملون جنسية أخرى غير القطرية، وهو ما يعتبر ازدواجية في الجنسية، مما يخالف القوانين والنظم المعمول بها في دولة قطر".

تمييز عنصري
من جانبه، قال الدكتور حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية، إنه لا بد من اتخاذ مجموعة من الإجراءات الفعالة من أجل أن تصحّح قطر أوضاع أبناء هذه القبيلة، لأن ما يحدث ضدهم هو تمييز عنصري على أساس القبيلة، الأمر الذي يحرمه القانون الدولي.

يذكر أن قبيلة الغفران &تنحدر من قبيلة "آل مرة"، وهي من أقدم القبائل التي سكنت قطر منذ مئات السنين، وكانت على علاقة قوية بـ"آل ثاني" منذ عهد المؤسس الأول الشيخ قاسم بن محمد ومن تبعه من الأسرة الحاكمة.

وشهدت قضية الغفران عام 2005 منعطفًا أساسيًا، بعدما سحبت قطر جماعيًا جنسيتها من مواطنين ينتمون إلى القبيلة، في إجراء طال 972 رب أسرة وشمل جميع أفراد عائلاتهم بالتبعية، فبلغ العدد الإجمالي للأشخاص الذين سُحبت منهم الجنسية القطرية 5266 فردًا.

وبررت السلطات القطريّة هذه الخطوة بقولها إنّ القانون القطري يمنع ازدواج الجنسية. وقال وزير الخارجية القطري حينذاك الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني إن بلاده لم توقع الاتفاقية الأمنية الخليجية لسنوات إلا بعد تضمينها بند منع ازدواج الجنسية الذي تبناه مجلس التعاون الخليجي للتقليص من انتشار ظاهرة الإرهاب، معتبرًا أنّ إثارة قضيتهم كقضية حقوقية هو توظيف لما حصل لتحقيق أهداف خاصة لا صلة لها بأبعاد القضية الإنسانية.

واعتبر بعض المواطنين الذين تعرّضوا لسحب الجنسية أنّ الحديث عن عدم قانونيّة إزدواجية الجنسية ما هو إلّا حجة، ووصف أحد المتضررين هذه الحجّة بأنها "ضرب من الكذب والافتراء"، مؤكدًا أن كثيرين من مواطني وأبناء قبائل دولة قطر ما زالوا يحتفظون بالجنسيات السعودية والبحرينية والإيرانية، بجانب جنسيتهم القطرية، ورغم ذلك لم تتخذ السلطات أي إجراء ضدهم، ومعتبرًا أن ما يتعرّضون له هو "تمييز عنصري" و"تطهير عرقي".