كشف جيمس ماتيس وزير الدفاع الأميركي السابق أن الأحداث التي تشهدها منطقة الخليج العربي تعدّ شديدة التوتر، مؤكدًا أن الولايات المتحدة الأميركية صلبة بما فيه الكفاية لمعاونة حلفائها في المنطقة.

إيلاف من دبي: أشار إلى أن معظم ما تشهده المنطقة من توترات سياسية وأمنية يرجع إلى الأحداث التي شهدتها المنطقة في العام 1979 من اندلاع الثورة الإسلامية في إيران، والتي حوّلت الأخيرة من نظام ملكي، تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي، الذي كان مدعومًا من الولايات المتحدة، واستبدلته بالجمهورية الإسلامية، في ظل المرجع الديني آية الله الخميني، الذي حظي وقتها بدعم منظمات يسارية وإسلامية.

حساسية مفرطة
وأوضح أنه على الرغم من الحساسية المفرطة للأوضاع السياسية منذ ذلك التاريخ، إلا أنه لامس وعيًا سياسيًا تامًا من دولة الإمارات ووضوحًا سياسيًا بشأن ما يجري في المنطقة ومآلاته.

أضاف ماتيس خلال محاضرة ألقاها مساء أمس الاثنين بعنوان "أهمية العلاقات الاستراتيجية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية" في مجلس الشيخ محمد بن زايد في قصر البطين في أبوظبي، إن "العلاقات بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأميركية تشكل النموذج الأفضل لشكل العلاقات التي تفرضها الأحداث في المنطقة"، والتي وصفها بأنها "شديدة التوتر"، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة صلبة بما فيه الكفاية لمعاونة حلفائها في المنطقة.

مواجهة التحديات
وأكد خلال المحاضرة التي شهدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية والشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، على أهمية وقوف دول مجلس التعاون الخليجي وجمهورية مصر العربية، فضلًا عن الولايات المتحدة، والدول الصديقة، في وجه أي تهديد لزعزعة أمن المنطقة. مشيرًا إلى أن مواجهة التحديات التي تحاول دول في الإقليم تأجيجها تتطلب تكاتفًا حقيقيًا ورادعًا.

قال ماتيس إنه ينظر بعين الاحترام إلى الجهود التنموية في دولة الإمارات التي واصلت نموها التصاعدي رغم كل الصعوبات التي عصفت في المنطقة، مرجعًا ذلك إلى السياسة الحكيمة لقادة الإمارات وسياساتها الخارجية التي تتسم بالوضوح والاتزان.

وحول العلاقات الإماراتية الأميركية، قال "بمزيد من السعادة والفخر أرى بلدكم يكبر ويتطور، وأرى قيادتكم الحكيمة تعمل ما في وسعها لخدمة شعبها وتحقيق الرفاهية والأمان له.. وهناك أرضية مشتركة بيننا وبين دولة الإمارات، على صعيد الجوانب الاستراتيجية الكبرى وحتى القضايا الاستراتيجية الآنية، وإن التهديدات التي ظهرت في الأسبوع الماضي قبالة المياه الإقليمية لدولة الإمارات وحقول النفط في السعودية، تؤكد حقيقة أن سلوك إيران يجب أن يتغير، وهذه نقطة نتفق عليها".

تابع وزير الدفاع الأميركي السابق قائلًا "إن علاقتنا الاستراتيجية واسعة جدًا وعميقة جدًا وقوية جدًا بما يكفي كي تقف في وجه التحديات من أي نوع لأنها تقوم على أساس صلب.. وحكمة القيادة التي تقود هذا البلد منذ سنوات طويلة، وينظر إليها منذ زمن طويل على أنها قيادة حكيمة تتمتع ببعد استراتيجي واقتصادي.. هكذا سمعة الإمارات في الخارج".

تعاون عسكري
مضى يقول "العلاقات القائمة بين جيشينا متميزة واستثنائية، وتقوم على الاحترام المتبادل والعمليات المشتركة على مدار زمن طويل، فقد قاتلنا معًا في حرب تحرير الكويت، وكذلك في الصومال والبوسنة، ودافعنا عن الأبرياء.. وكذلك في أفغانستان.. وأؤكد كفاءة القوات الجوية الإماراتية وطياريها، الذين اختبروا أثناء التدريبات القاسية في نيفادا في الولايات المتحدة، وخلال التدريبات المشتركة، لذلك جيشكم يعلم تمام العلم ما عليه فعله، ولهذا هناك احترام متبادل بين جيشينا.. وقد لمست أمرًا استثنائيًا أثناء تعاوني مع قيادة القوات المسلحة في الإمارات، حيث لديكم تعاطف كبير بين جنودكم وشعبكم، وهو أمر يثير الإعجاب".

وقال "لا يمكنني هنا إلا تأكيد متانة العلاقات بين بلدينا والعمل سويًا للحفاظ على الصداقة التي بنيناها طوال العقود الماضية، وهو الضمان الأكبر لتجاوز أية تحديات تحاول دول في الإقليم إثارتها".

أشاد ماتيس بالجهود الدبلوماسية التي يقودها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي في المنطقة والعالم، لافتًا إلى دعم الإمارات لجهود مبعوث الأمم المتحدة في اليمن وسعيها إلى إحلال السلام في المنطقة. وذكر "على الصعيد الدبلوماسي كانت لنا المواقف نفسها حيال الكثير من القضايا، ودبلوماسيوكم يحظون بالسمعة الطيبة والاحترام على نطاق واسع، والعلاقات الاقتصادية قوية جدًا أيضًا، فالإمارات هي أكبر شريك تجاري لنا في الشرق الأوسط".

المساعدات الإنسانية والتسامح
عن التسامح ذكر "لا أعرف دولة أخرى غير الإمارات لديها وزارة وعام للتسامح، أنتم مثال استثنائي في عالم ينحرف بعيدًا عن التسامح، وقد تجسدت قيم التسامح الإماراتية أخيرًا في زيارة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى الإمارات، فيما نثمّن جهود الإمارات في تمكين المرأة".

وأكد ماتيس أهمية المساعدات الإنسانية التي قدمتها الإمارات إلى مختلف دول العالم طوال العقود الماضية، وقال "إنها أسهمت في تخفيف آلام الملايين، العالم ينظر بامتنان كبير إلى الجهود التي تبذلها دولة الإمارات لتعزيز التنمية في كثير من الدول الأفريقية، وتقديم المساعدات المرتبطة بتوفير التعليم والطرق والاحتياجات التنموية يعد عاملًا فارقًا يمكن أن يغيّر مسارات التنمية في تلك الدول.. تمتلكون اليوم عنصرًا مهمًا لمواصلة جهودكم وتأثيركم الإيجابي في المنطقة، بعدما أثبتت مشاركات القوات المسلحة الإماراتية إلى جانب الجيش الأميركي في عدد من الدول التي هدفت إلى إنقاذ الأبرياء وحمايتهم.. أنكم تمتلكون جيشًا متمرسًا قادرًا على حماية مكتسباتكم".

تجربة فريدة
من جهته، علق الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" على محاضرة الجنرال جيم ماتيس، مغرّدًا "محاضرة الجنرال جيم ماتيس، في مجلس الشيخ محمد بن زايد الرمضاني كانت مؤثرة في تقديرها لتجربته الممتدة مع الإمارات وقيادتها، عرف الإمارات ووثق بها، وجمعته الصداقة والتحديات مع الشيخ محمد بن زايد، حديثه في هذه الأمسية كانت شهادة تقدير ثمينة لتجربة يصفها بالفريدة".
&