واشنطن: يُتهم دونالد ترمب أحياناً بأنه يتصرف وكأنه ملك. لكن خلال زيارته لليابان التي يبدأها السبت سيكون أول زعيم أجنبي يلتقي الإمبراطور الجديد ناروهيتو في بلد يتوقع أن يخص الرئيس الأميركي باستقبال يليق بالأباطرة.

وليس هذا سوى دلالة على العلاقات القوية بين الدولتين، اللتين كانتا عدوتين في زمن مضى، وتعد كذلك إشارة تحذير للصين للقول بأن الأميركيين ليسوا وحدهم في آسيا.

ومع ذلك، قد تنشأ توترات خلال محادثات التجارة مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي. فقد أجل دونالد ترمب لستة أشهر فرض رسوم إضافية على واردات السيارات اليابانية والأوروبية، لكنه قال إن اعتماد الولايات المتحدة على صناعة السيارات الأجنبية يشكل تهديداً للأمن القومي الأميركي، وهو ما أغضب عمالقة القطاع مثل تويوتا.

ولكن بمجرد وصول ترمب وزوجته ميلانيا إلى اليابان السبت، يتوقع أن يتم التركيز على الأمور الإيجابية.

وستكون أبرز محطة في زيارة الدولة هذه لقاء الاثنين بين الرئيس الأميركي والإمبراطور ناروهيتو، بالإضافة إلى المأدبة التي ستقام مساء في القصر الإمبراطوري.&

وسيكون هذا أول لقاء بين رئيس دولة أجنبية والإمبراطور ناروهيتو منذ تربعه على عرش الأقحوان في 30 أبريل، بعد تنازل أبيه أكيهيتو عنه. وسيتعين على القادة الآخرين انتظار الاحتفالات التي ستنظم في أكتوبر للحصول على هذا الشرف.

وقال مسؤول في إدارة ترمب فضل عدم ذكر اسمه إن هذا "يدل على أن التحالف مع الولايات المتحدة لم يكن في أي وقت أقوى مما هو عليه الآن".

بطولة السومو

لكن هذه اللحظة التاريخية لن تحجب مشهد دونالد ترمب لدى متابعته بطولة السومو يوم الأحد في حلبة ريوجوكو كوكوجيكان. وقالت صحيفة "أساهي شيمبون" إن الرئيس الأميركي سيقدم للفائز كأساً أطلق عليها للمناسبة اسم "كأس ترمب".

وتشكل تفاصيل تنظيم الحدث، مثل مكان جلوس الملياردير خلال المباراة الخاضعة لشروط دقيقة تقليدياً أو إلى أي مدى سيسمح له حراسه الشخصيون بالاقتراب من المصارعين، مسألة معقدة.

ولن يقتصر لقاء ترمب وآبي اللذين سيزوران قاعدة يوكوسوكا البحرية المشتركة الثلاثاء على قضايا العمل، إذ سيشاركان في مباراة للغولف في منطقة تشيبا.

ويقول روبرت غوتمان من جامعة جونز هوبكنز، إنه في خضم التوتر مع الصين وإيران، صممت الزيارة خصيصاً لإثبات أن ترمب "له باع في السياسة الخارجية ولديه العديد من الأصدقاء".

علاقة شخصية

منذ أن تولى الحكم، اتبع ترمب سياسة اقتصادية عدائية هزت الدبلوماسية العالمية ولم يوفر حتى أقدم حلفاء أميركا تحت شعار حماية الصناعات الأميركية.

لكن استراتيجية شينزو آبي التي اعتمدت بشكل كبير على علاقته الشخصية مع ترمب المتقلب، تبدو ناجحة.

وزار آبي وزوجته آكي البيت الأبيض في أبريل، وهي رحلة أعادت وفقاً لمسؤولين أميركيين تأكيد التحالف الأميركي الياباني باعتباره "حجر الزاوية في السلام والاستقرار والرخاء في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وفي العالم".

ومن المتوقع أن يعود ترمب إلى اليابان بعد أربعة أسابيع فقط من الزيارة لحضور قمة مجموعة العشرين في أوساكا في نهاية يونيو. كما يعتزم الذهاب إلى كوريا الجنوبية لمناقشة نزع سلاح كوريا الشمالية النووي.

وقال المسؤول في الإدارة الأميركية "ثلاث زيارات في كلا الاتجاهين خلال فترة زمنية قصيرة هي دلالة حقيقية على مدى قرب العلاقة"، مضيفاً أن الزعيمين تحدثا أكثر من أربعين مرة في العامين الأخيرين "وهذا غير مسبوق".

اليابان هي الدولة الوحيدة التي وقعت ضحية للأسلحة النووية الأميركية خلال الحرب العالمية الثانية، وهي الآن حلقة وصل مهمة بين القواعد العسكرية الأميركية وتعتمد على واشنطن لحمايتها من تهديد الصواريخ الكورية الشمالية.

ومع اشتداد حدة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يمكن لواشنطن أن تستخلص من تاريخها مع اليابان درساً في التفاؤل.

في ثمانينيات القرن الماضي، كانت اليابان هي مصدر خوف الشركات والمسؤولين الأميركيين. "إذا عدت إلى عام 1989، ستجد أن اليابان كانت تتفوق على الولايات المتحدة واليوم لم يعد أحد يأتي على ذكر اليابان"، يقول روبرت غوتمان، "فمن ستكون تلك الدولة خلال عشرين عاماً يا ترى؟".