أصبح الخطاب السياسي في لبنان استفزازيًا بامتياز، وبعدما كانت مقاييسه في الماضي تحددها الديموقراطية الفاعلة أصبح اليوم يدخل في المهاترات أكثر من المصالح الفعلية للمجتمع اللبناني.

إيلاف من بيروت: يردّد محيطون برئيس التيار الوطني الوزير جبران باسيل أنه مستمر في خطابه القوي الإستفزازي رغم إنتقادات خصومه، لأنه يحقق ما يسعى إليه، سواء بالنسبة إلى شد عصب جماعته، أم لجهة إبقائه في الصدارة الإعلامية.

الثقافة
تعقيبًا على الموضوع، يؤكد النائب السابق مروان فارس لـ"إيلاف" أن الخطاب السياسي في لبنان ينقصه الكثير من الثقافة، وأصبح يدخل في المهاترات أكثر من المصالح الفعلية للمجتمع، والسياسة بقدر ما تعبّر عن مصالح المجتمع، بقدر ذلك يكون خطابها على مستوى المجتمع. أما إذا كان الخطاب فرديًا وأنانيًا، فيعبّر حينها عن مصالح حزبية.

خطاب الماضي
ومقارنة مع خطاب الماضي، يقول فارس لا نستطيع قياسه بالماضي، ودائمًا للخطاب السياسي مقاييسه، وهي الحياة الديموقراطية، وبما أن لبنان يتمتع بالحرية الكاملة للإعلام فمن المفترض أن تكون الحياة الديموقراطية على مستوى الإعلام، لكن المشكلة في لبنان أن القصة الديموقراطية تشوبها المسائل المذهبية والطائفية، ولبنان لا يرتفع إلى مستوى خطاب لائق بالنسبة إلى الحضارة التي ينتمي اليها إلا إذا ارتفع فوق الخطاب الطائفي.

يضيف: "نحتاج في لبنان إعادة صياغة الحياة السياسية، بمعنى أن نرتفع من الطائفية إلى المواطنية".

حرب
بدوره، يعتبر الإعلامي علي الأمين في حديثه لـ"إيلاف" أن الخطاب السياسي وتفاعل الحرب الكلامية يهددان في أي وقت الأمور بأن تنفجر حربًا في الشارع، إذ لا شك أن الإعلام والخطاب السياسي يغذيان الشارع، والإعلام يتغذى من الشارع، بمعنى أنه ينهل من السلبي في المجتمع، ولا يمكن القول إن الإعلام يتحمّل المسؤولية بمفرده، هو مجرد أداة من الأدوات المتصارعة سياسيًا في المجتمع.

دور المثقفين
عن دور المثقفين في منع الحرب الكلامية والخطاب السياسي من الوصول إلى أزمات في الشارع، يؤكد الأمين أن هناك مسؤولية كبيرة اليوم على عاتق النخب الثقافية، غير أنه من المؤسف اليوم أن جزءًا كبيرًا من المثقفين أو الأكثرية لم يعد لديهم الدور الذي من المفترض أن يلعبوه، الدور النقدي، الأعلى من السياسي، وما نلحظه أن المثقفين أصبحوا برتبة إنقسام السياسيين، أصبحوا أيضًا كوسائل الإعلام المنقسمة على ذاتها، لم نعد نرى سلطة ثقافة داخل المجتمع، جزء كبير من المثقفين أصبحوا في ركب المشهد الانقسامي في البلد، وأصبحوا أداة من أدوات الصراع السياسي، ولم يعد لديهم دور يمكن الحديث عنه، اليوم دورهم الثقافي السابق إنحسر بنسبة كبيرة، وبدأنا نلحظ تراجعًا على حساب السياسة.

الدور الأساس
ويلفت الأمين إلى ضرورة تعزيز دور المثقفين الذين تنازلوا عن دورهم النقدي لمصلحة السياسة، وأصبح دورهم تدعيم الرأي السياسي القائم، وليس نقده، لذلك المثقف لا بد أن يكون في الموقع النقدي للسياسة والإجتماع، وهو الدور الأهم للمثقف من خلال النزعة النقدية على المستويين&السياسي والاجتماعي، وإذا لم تتوافر هذه النزعة النقدية التي تحمل رؤية تغييرية، نكون خسرنا كل شيء على حساب التبعية.


&