أصيلة: اعتبر فيوك جيرميكش، رئيس مركز العلاقات الدولية والتنمية المستدامة ووزير خارجية صربيا السابق، أن تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 شهدت نوعا من التباطؤ، مؤكدا أن دول العالم لم تنخرط في هذه الأعمال بالوتيرة المطلوبة.&

وقال جيرميكش الذي شغل أيضا، منصب رئيس الدورة 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة ، إن التباطؤ الحاصل في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة يرجع نتيجة للأزمات وحدة المشاكل في العالم التي برزت بشكل غير متوقع، بالإضافة إلى مشكلة التغيرات المناخية التي تطور بحدة ويصعب السيطرة عليها.

&

فيوك جيرميكش&

&

وأضاف جيرميكش، في الجلسة الافتتاحية لندوة "التنمية المستدامة وإكراهات دول الجنوب"، مساء الإثنين، في منتدى أصيلة الثقافي الدولي، أن الخطة تمثل التزاما أخلاقيا من طرف دول الشمال تجاه دول الجنوب، مشددا على أن نسبة 0.7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام التي التزمت الدول المتقدمة بدعم الدول النامية بها في إطار أجندة التنمية المستدامة "استطاعت خمس دول فقط تنفيذ هذا التدبير".

ودعا المتحدث ذاته دول الشمال إلى الالتزام بتنفيذ تعهداتها تجاه دول الجنوب، وقال: "كان يتوقع أن يكون هناك تضامن بين الشمال والجنوب، وإلا كيف يمكن تمويل الأهداف المكرسة في الخطة من أجل دعم البلدان الأقل نموا والتخفيف من وطأة التغير المناخي الذي يتطلب أزيد من 146 مليار دولار؟".

&

محمد بن عيسى&

&

واستدرك جيرميكش موضحا "هذا لا يعني أن الشمال يجب عليه أن يؤدي أكثر، بل على الشمال أن يوجه المساعدات لتحقيق الأهداف المرجوة في الخطة ودول الجنوب يجب عليها أن تلتزم من جهتها بتوجيه الدعم لخدمة أهداف التنمية المستدامة".&

واعتبر جيرميكش أن المغرب يمثل "الدولة الوحيدة في طريق النمو التي انخرطت عمليا مع مكافحة التغير المناخي وهو الدولة الوحيدة التي أجرت إصلاحات واتخذت تدابير عملية للحد من انبعاثات الكربون من خلال الاستثمار في الطاقات المتجددة وتنقية المياه ومعالجة مياه المجاري وتحلية مميله البحر".&

وزاد مبينا أن ما أنجزه المغرب يؤكد أن أهداف التنمية المستدامة "ليست مستحيلة بل واقعية وقابلة للتنفيذ"، لافتا إلى أن أهمية هذه الأجندة تكمن في "عدم إلزاميتها للدول وهذا ما يجعلها أكثر طموحا باعتبارها عهدا ذي قيمة أخلاقية يخص البشرية ويأتي تحقيق التنمية المتوازنة للبشرية".&

من جهته، انتقد ميغيل أنخيل موراتينوس، الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات ووزير الخارجية والتعاون الإسباني الاسبق، تغييب موضوع السلام في أجندة وأهدف التنمية المستدامة، وأكد أنه إذا غاب السلام والأمن في العالم لا يمكن أن نحقق هذه الأجندة.

وقال موراتينوس إن موضوع السلام "لم يكن في طليعة الاهتمامات ولم يرد في الأهداف السبعة عشر، وإذا لم يقم السلام لا يمكن تحقيق أي هدف آخر"، في إشارة إلى مركزية السلام والأمن في معادلة تحقيق التنمية المستدامة بمختلف مناطق العالم.

وأضاف المسؤول الأممي "لابد من الامتثال لأجندة 2030 في جميع أنحاء العالم لأنها رؤية وتعهدات جديدة كان من اللازم أن يغير العالم قواعد اللعبة وتصويبها لجعل التنمية مستدامة والتعامل مع التحديات والرهانات البالغة الأهمية".

وأكد موراتينوس أن الأجندة "تبدو شديدة التعقيد ولم يكن من السهل تحديد أهداف تقبلها جميع الدول، وبلورة أهداف جديدة يعني أننا لم نتمكن من استئصال الفقر والجوع والخدمات الاجتماعية واتفقنا على تشكيل أجندة واقعية ومفعمة بأفكار مبتكرة".

وشدد موراتينوس على ضرورة حشد الموارد المالية الضرورية لتحقيق أجندة 2030، لافتا إلى أن الأجندة "لا تقتصر على تخفيف حدة التغيرات المناخ فقط، بل تسعى لاستئصال الفقر والمجاعة والحياة الكريمة للإنسانية جمعاء، وهي كلها أهداف مهمة ينبغي أن نتجنب ارتكاب نفس الخطأ ونتمسك بهدف واحد لأن الأهداف الأخرى لا تقل أهمية"، وفق تعبيره.

&

ميغيل أنخيل موراتينوس

&

ولم يفوت وزير الخارجية الإسباني الفرصة دون الحديث عن مؤتمر "ورشة الازدهار من أجل السلام"، التي انطلقت اليوم في المنامة، وقال: "أوجه كلامي لصديقي من البحرين، هل تعقتد أن مؤتمرا اقتصاديا يمكن أن يحل مشكلة فلسطين؟ غير صحيح".&

وأضاف "ينبغي أن نتناول الموضوعات السياسية الأساسية، وبالتالي لا يمكن تحقيق الأمن والسلام بالمال"، وعاد وشدد على أنه في ظل غياب السلام بين دول العالم، "لا يمكن تحقيق أجندة التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة في أفق 2030".

وأفاد موراتينوس بأن موضوع السلام "لم يكن في طليعة الاهتمامات، ولم يرد في الأهداف السبعة عشر لخطة التنمية المستدامة 2030، وما لم يكن السلام الأمن كيف يمكن أن نحقق هذه الأجندة؟".

وقال أحمد هاشم اليوشع ، ممثل الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة رئيس مجلس امناء مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة ، إن دول الخليج تمثل "اقتصادا منفتحا على العالم"، مؤكدا أن المنطقة تتوفر على نظام سياسي واجتماعي متسامح.

&

احمد هاشم اليوشع

&

وأضاف اليوشع "نحن نموذج متسامح يقبل الآخر. وفي بعض الدول الخليجية هناك أكثر من 180 جنسية تعمل فيها وتعيش في انسجام تام"، معتبرا أن دول الخليج العربي استطاعت أن تبني حضارة متقدمة، وقال "استطعنا بناء حضارة ونقلنا بلداننا من دول بسيطة إلى دول متطورة".

وزاد مبينا "نحن منفتحون على العالم وتقاسمنا ثروتنا مع الجميع ولدينا صناديق سيادية تستثمر في كل أنحاء العالم"، لافتا إلى أن الكويت تعد من أوائل دول العالم التي "استثمرت في مجال التنمية المستدامة"، منوها بمستوى التطور في الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي حققتها دول الخليج لمواطنيها مؤكدا تطلعاتها لمواصلة مسيرة التنمية والتطور في المستقبل.

من جانبه، دعا خوسي ميغيل إنسولثا وزير خارجية الشيلي السابق، إلى ضرورة تطوير العلاقات الشراكات بين دول الجنوب، وشدد على أن التكتل هو سبيل الدول النامية لإسماع صوتها والدفاع عن مصالحها.

وقال إنسولثا "نحن بلدان متوسطة الحجم ولسنا بلدانا صغيرة ولا نستطيع أن نبقى على هامش المجتمع الدولي ، ونفوذنا في العالم محدود، وعلينا أن نشجع حكوماتنا على بناء علاقات مثمرة وبناءة".

&

وزير خارجية التشيلي السابق&

&

وشدد المتحدث ذاته على أهمية مواجهة التغير المناخي وتحقيق والتنمية المستدامة، مبينا أن اعتماد هذه التعهدات بالإجماع في المغرب كان بهدف الوصول إلى "أوضاع متوازنة ولا بد من تحقيق أهداف العدالة والتضامن"، لافتا إلى أن هناك درجة من "الفشل وارتكبت أخطاء ينبغي أن نعترف بها".

وأشار إنسولثا الى أن التكنولوجيات "قد تمزق النسيج المجتمعي وأدخلتنا أزمة خطيرة ليست الأولى من نوعها، والاقتصاديات الرقمية قد تسبب مشاكل جديدة لكن المجتمعات استطاعت أن تصوب المسار من خلال هذه الخطة ، وعلينا أن نكون على وعي بقدرة الإنسان على الرد والتأقلم مع هذا الوضع".&

وزاد موضحا "قبلنا هذه السياسيات، والآن نلاحظ التباعد في الأفكار وتراجع الدول المتطورة، وهذا غير مقبول"، معتبرا أن المنظومة الدولية هي "الآلية الوحيدة التي بحوزتنا لجعل الناس يتعاونون على حل مشاكل مثل الفقر والجوع وضمان العيش بكرامة لجميع سكان العالم".

من جهته، قال رفائيل طوجو، وزير خارجية كينيا السابق، إن الذين ينتقدون في أعمالهم الداخلية يفتقدون إلى الرؤية والزعامة التي تمكننا من تجاوز كل العراقيل، معتبرا أن المغرب بفضل زعامة الملك محمد السادس استطاع أن يتجاوز "العراقيل ويضمن الاستقرار وهو من مجموعة الدول الأربعة التي تفتخر بوضع تنموي مستدام والأكثر تطورا في أفريقيا".

&

رفائيل&طوجو

&

وأضاف طوجو مبينا أن "العمالة من مفاتيح النجاح بالنسبة لدول الجنوب"، مؤكدا أن هذا الأمر لن يتأتى ما لم تضمن "التربية والتعليم الجيد الذي يمكن من تشكيل عمالة مؤهلة وقادرة على الإبداع والإنتاج".

وأشار الدبلوماسي الكيني إلى أن بلاده أدركت هذه المسألة وعمدت إلى "تصحيح الأوضاع وتمكنت في سنتين من إنجاز ما لم تنجزه في 40 سنة"، وأفاد بأن كوريا الجنوبية كانت في نفس وضع كينيا بعد استقلالها عام 1964، مسجلا أن "الفجوة بدأت تتضاعف بيننا لأن كوريا سعت إلى تحسين النظام التربوي لتأهيل العمالة منذ البداية".

وتساءل طوجو "كيف يمكن تصدير اليد العاملة ما لم يتقن العامل لغات أخرى للتواصل مع الآخرين؟"، معتبرا أن التنمية المستدامة "ليست خيارا لأن ما يحدث في الشرق الأوسط سيحدث في أفريقيا وأوروبا، ولا يمكن ضمان التطور في الشمال على حساب الجنوب ولا يمكن تنمية الجنوب وإهمال الشمال، فنحن على متن سفينة واحدة ينبغي أن نحافظ عليها من خلال تأمين الاستقرار وضمان التنمية ولا يوجد أي مكان منفصل عن العالم".
&