كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية اليوم عن بتر ذراع معتقل عراقي بعد تعذيب في أحد مراكز شرطة بغداد مؤكدة أن ذلك يبرز المخاوف المتزايدة بشأن سوء المعاملة في سجون العراق، مؤكدة وجود شوائب فاضحة في مراكز الاعتقال، ودعت الحكومة إلى حماية المعتقلين والتحقيق في الانتهاكات.&

إيلاف: أشارت المنظمة في تقرير الأربعاء تابعته "إيلاف" إلى أن عنصر شرطة تسبب في إصابة خطيرة في الذراع اليسرى للمحتجز، بينما كان يعذبه خلال استجوابه، ما أدى في نهاية المطاف إلى بتر الذراع بعد عمليات جراحية غير ناجحة، وذلك في أوائل العام الحالي.

وقال شقيق المعتقل إنّ المحكمة تجاهلت شكوى الضحية أثناء محاكمته، وإنّ زوجته التي تقدّمت بشكوى إلى الهيئة المشرفة على السلوك القضائي لم تلقَ أي رد.. موضحًا أنّ مطالبته بإجراء تحقيق أدّت إلى نقل عنصر الشرطة إلى مركز آخر، لكن لم تُتّخذ بحقّه إجراءات تأديبية.&

فضائح في مراكز الاعتقال
قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش،&"يشكّل فقدان محتجز لذراعه بسبب التعذيب في الاحتجاز علامة أخرى على وجود شوائب فاضحة في مراكز الاحتجاز العراقية. على الحكومة أن تأخذ حقوق المحتجزين جديًا، وأن تبدأ بحمايتهم عبر التحقيق في الانتهاكات".

وأوضحت هيومن رايتس ووتش أنها وجدت أن القضاة العراقيين عادة ما لا يُحققون في مزاعم ذات مصداقية بالتعذيب، على الرغم من التقارير الموثوقة الواسعة حول التعذيب أثناء الاحتجاز.. وقالت إنها وثقت العديد من مزاعم التعذيب في العراق، في حالتين على الأقل، أدتا إلى الوفاة أثناء الاحتجاز منذ يناير 2018.

تعذيب
ونقلت المنظمة عن رجل طلب عدم الكشف عن هويته لحماية نفسه وأسرته قوله إن أحد معارف أخيه (40 عامًا) زعم أنّ الأخ شريك في سرقة سيارة، فاعتقلت الشرطة الشاب في أواخر مارس 2018. وبعد أسبوع، زاره أخوه في مركز شرطة الحارثية في بغداد فقال الشقيق المسجون الذي كشف عن كدماته لأخيه، إنّ المحقق "علّقه من يديه لمدة 3 أيام" أثناء استجواب مطول لانتزاع اعتراف منه.

كما خضع الشقيق المسجون لفحص طبي شرعي في مايو 2018. وأكدت المنظمة حصولها على نسخة من التقرير الذي ذكر كدمات وتورمًا في يده وذراعه اليسرى حتى كتفه، وتضمّن توصية بمقابلة متخصص في العظام والكسور.

وأكدت هيومن رايتس ووتش أن الأخ لم يتلقَ علاجًا طبيًا حتى يوليو عندما نقلته الشرطة إلى مستشفى اليرموك في بغداد. وقال الرجل إنه سُمح له بمرافقة أخيه، وسمع طبيبًا يخبر العنصر الذي يحرس أخاه أن الأخ قد تعرّض للتعذيب، لكنّ العنصر أنكر ذلك.. ثم أجرى الأطباء عمليات جراحية على ذراعه 3 مرات خلال الأشهر العشرة التي تلت، في محاولة غير ناجحة لإصلاح الأضرار الشريانية. وفي أبريل 2019، قال الرجل إن ضباطًا أخذوا أخاه إلى مستشفى الشهيد غازي الحريري في بغداد، حيث بتر الأطباء ذراعه، ثم أعادوه إلى عهدة الشرطة.&

لا إجراءات تأديبية
أضافت المنظمة إنه في ديسمبر 2018، اتصل الأخ الذي تحدث إلى هيومن رايتس ووتش باللواء حسين علي دانه، رئيس "مديرية تفتيش بغداد" في وزارة الداخلية آنذاك، للمطالبة بالتحقيق في الإساءات التي تعرّض لها أخوه.. وقال إن دانه أرسل فريقًا للتحقيق، وأخبر الرجل في وقت لاحق أنه أمر بنقل العنصر الذي اتهمه شقيقه المسجون إلى مركز شرطة آخر في بغداد، لكنه لم يتخذ أي إجراء تأديبي آخر.&

وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أنها اتصلت بالرئيس الحالي للمديرية، الذي قال إنه من دون التاريخ المحدد لشكوى ديسمبر الماضي لا يمكن للمكتب تقديم أي معلومات عن التحقيق.&

وأوضحت أنه في يناير 2019 تقدمت زوجة الشقيق المسجون بشكوى إلى "رئاسة هيئة الإشراف القضائي"، التي تراقب سلوك القضاة والموظفين في جميع المحاكم العراقية، لأن زوجها أخبرها أنه في أواخر 2018 أن قاضٍ أجبره على التوقيع على إفادة تسقط حقه في متابعة التهم الموجّهة إلى العنصر الذي عذّبه. وقالت إنها لم تلقَ أي ردّ بعد. وفي 25 يونيو أخبر رئيس هيئة الإشراف القضائي القاضي جاسم العميري هيومن رايتس ووتش أن فريقًا كان قد حقق في الإدّعاء من دون أن يجد أي دليل يدعمه، وأنه لا يمكنه تزويد هيومن رايتس ووتش بأي من الوثائق المرتبطة بالتحقيق.&

دعوة إلى معاقبة الأمنيين المسؤولين عن التعذيب&
وطالبت هيومن رايتس ووتش مجلس القضاء العراقي الأعلى الذي يدير ويشرف على شؤون القضاء الاتحادي بإصدار مبادئ توجيهية بشأن الخطوات التي على القضاة اتخاذها عندما يزعم مُدّعى عليه تعرّضه للتعذيب.&

وشددت المنظمة على السلطات القضائية بضرورة التحقيق في القضية وتحديد المسؤول ومعاقبة الضباط المعتدين وتعويض الضحية.

كما دعت القضاة إلى التحقيق في جميع مزاعم التعذيب ذي مصداقية ومعاقبة قوات الأمن المسؤولين، والأمر بنقل المعتقلين إلى مرافق مختلفة فور ادّعائهم التعذيب أو سوء المعاملة لحمايتهم من الانتقام. وقالت إن عليهم أن يحاكموا أي شخص ضده أدلة موثوقة على تورطه في التعذيب.

ختمت فقيه نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش بالقول إن "سلطات القضاء، وإنفاذ القانون، والسجون العراقية مدينة لجميع العراقيين بالتزامها بالتحقيق في كل المزاعم الموثوقة بالمعاملة القاسي".. مشددة على أنه "لا يجوز أن يتكرّر ما حدث لهذا المحتجز مع أي شخص في عهدة الحكومة".
&