نواكشوط: أشاد محمد ولد الشيخ الغزواني، مرشّح السلطة في موريتانيا الذي أُعلِن فوزه بالانتخابات الرئاسية من الدورة الأولى، في خطاب مساء الجمعة بـ"تكريس ثقافة التعدّدية" في البلاد، بينما أعلن المجلس الدستوري الذي ينظر بطعون تقدّم بها عدد من مرشّحي المعارضة، أنّه سيصدر النتائج النهائية للانتخابات ظهر الإثنين.

وفي أول خطاب له منذ إعلان فوزه بالرئاسة من الدورة الأولى، قال الغزواني أمام الآلاف من أنصاره في نواكشوط "أتوجه إليكم جميعاً بجزيل الشكر وعظيم الامتنان على ما قدّمتم من عطاء متميز وجهد خالص من أجل كسب رهان هذه الانتخابات".

وأضاف "أتوجّه بالتحيّة إلى كافة أبناء شعبنا فرداً فرداً على ما أظهر من نضج سياسي واهتمام بالشأن العام وتكريس لثقافة التعدّدية والحوار وقبول الآخر".

وأوضح أنّ "هذه السمات تجلّت في الجوّ الذي جرت فيه مختلف مراحل مسار الانتخابات وما ميّزها من سكينة وأجواء احتفالية شارك فيها الجميع رغم اختلاف اختياراتهم".

ورفض الغزواني (62 عاماً) رئيس الأركان السابق، التحدّث بصفة "الرئيس المنتخب" وذلك بانتظار صدور النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية عن المجلس الدستوري.

النتائج الإثنين

والجمعة أعلن المجلس الدستوري في بيان أوردته وكالة الأنباء الرسمية أنّ "النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية (...) سيتم الإعلان عنها أمام الصحافة يوم الاثنين" عند الظهر بالتوقيتين المحلي والعالمي.

وفي كلمته، لم يأت الغزواني بتاتاً على ذكر الاحتجاجات التي شهدتها البلاد بعد إعلان فوزه بالرئاسية وما تخلّلها من أعمال عنف وقطع لشبكة الإنترنت وطعن مرشحي المعارضة بالنتيجة.

واكتفى بالإشارة في كلمته إلى "صعوبة الظرف المناخي الذي جرت فيه هذه الانتخابات والتعقيدات الاجتماعية والسياسية المرتبطة به".

وشكر "كل الفاعلين الذين انخرطوا بشكل يثير الفخر والاعتزاز في الجهد الوطني الجبار الذي واكب هذا المشروع".

وأتت كلمة الغزواني قبيل ساعات من عودة شبكة الانترنت جزئياً إلى العمل بعد انقطاعها في أعقاب اشتباكات شهدتها البلاد إثر إعلان النتائج الرسمية للانتخابات.

عودة الإنترنت

وعادت خدمة الانترنت عبر الشبكة الثابتة ظهر الجمعة بعدما انقطعت منذ بعد ظهر الثلاثاء، فيما لا تزال خدمة الانترنت عبر الهواتف المحمولة التي انقطعت في 23 حزيران/يونيو، غير متاحة.

ومساء الخميس، تقدّم وزير الثقافة والمتحدث باسم الحكومة سيدي محمد ولد محمد باستقالته.

وجاءت هذه الاستقالة بعد مؤتمر صحافي برّر فيه الوزير التدابير التي اتخذتها السلطات في مواجهة الاحتجاجات على فوز مرشحها، وبالأخص تصنيفه انقطاع الانترنت بـ"الوقائي".

وأعلنت اللجنة الانتخابية في 23 يونيو الغزواني فائزاً بـ52% من الأصوات في الاقتراع الذي نظّم قبل يوم من ذلك، فيما سارعت المعارضة إلى الاحتجاج على النتائج.

وحلّ خلف ولد الغزواني وبفارق كبير أربعة مرشحين معارضين هم الناشط المناهض للرقّ بيرام ولد الداه أعبيد الذي تلاه في المرتبة الثانية بحصوله على 18,58% من الأصوات، ورئيس الوزراء السابق سيدي محمد ولد بوبكر الذي حلّ ثالثاً بحصوله على 17,58% من الأصوات.

أمّا في المرتبة الرابعة فحلّ الصحافي بابا حميدو كان (8,71%) في حين حصل أستاذ التاريخ محمد ولد مولود على 2,44% من الأصوات.

وبلغت نسبة المشاركة في التصويت 62,66% من الناخبين البالغ عددهم الإجمالي 1,5 مليون ناخب.

وكان مرشّحو المعارضة استبقوا هذه النتائج بإعلان رفضهم لها وذلك بعد إعلان الغزواني فوزه قبل انتهاء فرز الأصوات.

وكانت اشتباكات اندلعت، حتى قبل إعلان النتائج، في نواكشوط ونواذيبو (شمال-غرب) بين عناصر شرطة والمعارضة، ثم تجددت في اليوم التالي في العاصمة. ومذاك تحدثت المعارضة عن اعتقال مئات من أنصارها.

ويمثّل اقتراع 22 يونيو أول عملية انتقال للسلطة بين رئيسين منتخبين في هذا البلد المترامي الاطراف في منطقة الساحل والذي كان شهد العديد من الانقلابات العسكرية بين 1978 و2008 تاريخ الانقلاب الذي أوصل الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز الى الحكم قبل انتخابه في 2009.

ولم يتمكّن ولد عبد العزيز من الترشّح لولاية ثالثة لأنّ الدستور يمنعه من ذلك.

وتمكّن ولد عبد العزيز من فرض الاستقرار في موريتانيا بعدما شهدت البلاد في بداية الألفية اعتداءات جهادية وعمليات خطف أجانب، وقد ركّزت سياسته خصوصا على تعزيز قدرات الجيش ومراقبة أراضي البلاد وتنمية المناطق النائية.

لكنّ الانتقادات لنظامه تتركّز على الحقوق الأساسية، خصوصا مع استمرار وجود فوارق اجتماعية عميقة ونقص في الحرّيات العامة.