واشنطن: أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال استقباله رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في البيت الأبيض الاثنين بالمساعدة التي تقدمها إسلام أباد في محادثات السلام الأفغانية، وذلك في تغير لافت في لهجة الرئيس الأميركي بينما تسعى الولايات المتحدة إلى اتفاق مع طالبان لإنهاء قرابة 18 عاما من النزاع.

ومتحدثا في البيت الأبيض وبجواره رئيس الوزراء الباكستاني، قال ترمب محذرا &أيضا إن بإمكانه إنهاء النزاع في غضون أيام باستخدام القوة "فتمحى أفغانستان من وجه الأرض" لكنه يفضل الحوار.

وكانت باكستان الداعم الرئيسي لطالبان أثناء حكمها لأفغانستان المجاورة خلال تسعينات القرن الماضي.

ويعتبر نفوذ باكستان على الحركة التي شنت تمردا منذ الإطاحة بها في غزو أميركي عام 2001، رئيسيا في التوصل لتسوية سياسية مع حكومة الرئيس أشرف غني.

وقال ترمب "أحرزنا تقدما كبيرا في الأسابيع القليلة الماضية، وباكستان ساعدتنا في تحقيق ذلك التقدم".

وأضاف وهو يدير وجهه إلى ضيفه "الكثير من الأمور تحدث للولايات المتحدة وأعتقد أن الكثير من الأشياء الرائعة ستتحقق لباكستان أثناء قيادتك".

واعتبرت العبارات الحارة والابتسامات مؤشرا على تغير واضح في مواقف الرئيس الجمهوري الذي اتهم في الماضي باكستان بالنفاق وألغى العام الماضي مساعدة أمنية بقيمة 300 مليون دولار.

- إفراج وشيك عن رهائن -

وخان الذي يجري زيارته الرسمية الأولى إلى واشنطن قال "أنا أحد الذين دائما ما قالوا إن ليس هناك من حل عسكري" مضيفا "ينبغي أن أثني على الرئيس ترمب لأنه يرغم الناس الآن على وقف الحرب".

وأشار خان أيضا خلال الاجتماع إلى "رهينتين" ستكون هناك قريبا "أخبار جيدة" بشأنهما، لكن لم تعرف بعد هويتهما لأنه من غير المعلوم أن هناك رهائن أميركيين في باكستان.

وردا على سؤال حول ذلك خلال مقابلة مع شبكة فوكس نيوز لاحقا قال خان "أعتقد أن رهينتين أو ثلاثة أميركيين وأسترالي" محتجزين في أفغانستان ووعد "بأخبار جيدة في الساعات ال48 المقبلة".

وقد يكون خان يشير إلى الأميركي كيفن كينغ والاسترالي تيموثي وويكس، اللذين اختطفا من الجامعة الأميركية في أفغانستان في كابول عام 2016.

وردا على سؤال حول مصير شاكيل أفريدي، الطبيب المسجون الذي ساعدت حملة تلقيح ادعى القيام بها الاستخبارات المركزية الأميركية في مطاردتها لأسامة بن لادن، والذي طالما طالبت واشنطن بإطلاق سراحه، أبدى خان حماسة أقل.

وقال لمعدّ المقابلة بريت باير "إنها قضية مؤثرة جدا &لأن شاكيل أفريدي يعتبر في بلده باكستان جاسوسا".

- "لا أريد قتل 10 ملايين -

في أعقاب حديث مع أحد الصحافيين قال ترمب أيضا إن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي طلب منه التوسط في النزاع المستمر منذ عقود في إقليم كشمير، وبأنه يرغب في تقديم المساعدة، لكن نيودلهي سارعت إلى النفي.

لكن قادة المعارضة طلبوا من رئيس الحكومة القومي الهندوسي أن يحضر شخصيا إلى البرلمان لتوضيح المسألة، إذ توحي تصريحات ترمب بتحوّل كبير في السياسة الخارجية الهندية بشأن هذه المنطقة المتنازع عليها مع باكستان.

وتضغط الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاقية مع طالبان قبل الانتخابات الرئاسية في أفغانستان في أواخر أيلول/سبتمبر. ومن شأن ذلك أن يمهد الطريق أمام انسحاب غالبية الجنود الأميركيين من أفغانستان وطي صفحة أطول حرب للولايات المتحدة.

غير أن ترمب حذر قائلا "لو أردنا أن نخوض حربا في أفغانستان وننتصر فيها، يمكنني كسب تلك الحرب في أسبوع. لا أريد قتل 10 ملايين شخص"، ما أثار استياء وغضبا في أفغانستان.

وقال مكتب الرئيس أشرف غني في بيان الثلاثاء إن "حكومة جمهورية أفغانستان الإسلامية تطالب بإيضاحات لتصريحات الرئيس الأميركي التي عبر عنها خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الباكستاني، عن طريق القنوات والطرق الدبلوماسية".

وقالت شاميلا شودري من معهد نيو أميركا للأبحاث، والمسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي لوكالة فرانس برس إن زيارة خان هي بمثابة "جائزة لتحقيقه محادثات طالبان".

وتريد إسلام أباد تعزيز العلاقات مع واشنطن بعد سنوات من الخلاف في أعقاب اكتشاف وجود أسامة بن لادن على أراضيها حيث قتل في عملية أميركية عام 2011.

ووافق صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة ستة مليارات دولار لدعم اقتصاد باكستان المتداعي، والحفاظ على الدعم الأميركي ضروري لمواصلة الدعم الغربي بحسب رضا رومي الباحث الباكستاني لدى جامعة إيثاكا.

واللقاء بين الرجلين -- والاثنان كانا من المشاهير قبل أن يتحولا إلى العمل السياسي -- كان محور الكثير من التكهنات.

لكن بالنسبة لشودري فإن اجتماع ترمب وخان كان نوعا ما "شكليا" لأن الاجتماعات بين الولايات المتحدة وقائد الجيش القوي في باكستان الجنرال قمر جواد باجوا الذي زار واشنطن أيضا هي "المكان الذي تُناقش فيه ... المواضيع المهمة".

ويعتبر خان على مسافة أقرب من الجيش الذي يسيطر على السياسة الخارجية للبلاد، من أسلافه في الماضي القريب. ووجود باجوا "يعطي مصداقية أكبر لأي رسالة يحملها الباكستانيون"، بحسب شوجا نواز الباحثة المختصة بشؤون جنوب آسيا لدى مركز اتلانتيك كاونسيل (مجلس الأطلسي).

وقال البيت الأبيض حول الاجتماع إن ترمب يأمل في "إعادة إحياء العلاقة الثنائية بجميع نواحيها" بما فيها اتفاقات تجارة جديدة و"علاقات قوية بين الجيشين".

وتعزيز العلاقات العسكرية سيلقى ترحيبا من الجيش الباكستاني الحريص على الوصول إلى معدات عسكرية أميركية جديدة وإعادة إطلاق المساعدة الأمنية، وفق محللين.