* روسيا تهتم بأمن إسرائيل.&
* سوريا وإسرائيل ليسا عدوين!
* روسيا تنسق مع إسرائيل في سورية.
* روسيا مستمرة في البحث عن رفات إسرائيليين في سورية ولبنان بالتعاون مع حكومتي البلدين.
* لدى الرئيس بوتين أفكار سيناقشها في زيارته إلى السعودية في سبتمبر.
* أحد الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني طلب ترتيب لقاء بين أبو مازن ونتنياهو في روسيا ثم غير رأيه.
* الولايات المتحدة صنعت أسامة بن لادن فانقلب عليها.
* روسيا تسعى إلى علاقات مع الجميع ولا تشجع طرفًا ضد آخر.
* آلاف الاسرائيليين الروس يصوّتون في الانتخابات الروسية.

&
الحديث طويل ومتشعب مع أناتولي فيكتوروف. فهو كنز ثمين من الأسرار السياسية والعسكرية الخاصة بالمنطقة، خصوصًا أنه المندوب السامي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إسرائيل وسورية، وهو المقرب إلى بوتين، والذي يوكل إليه مهمات في غاية السرية والصعوبة. هذه الصفات جعلته من الشخصيات الأكثر أهمية في نظر المسؤولين الإسرائيليين بما يتعلق بالشأن السوري.

بالنسبة إلى أي صحفي، الحديث مع فيكتوروف هو بمنزلة صيد ثمين جدًا. فغريب أن يسرّ إليك شخص من هذا الطراز السياسي أن إيران، خلافًا لكل اعتقاد، لا تريد إبادة إسرائيل، وإنما التصريحات الصادرة من مسؤولين إيرانيين في هذا الإطار لا تمثل سياسة إيران الرسمية، فإبادة الدولة الإسرائيلية ليست ضمن السياسة الإيرانية... على ذمة الروس طبعًا. وغريب أن تسمع منه أن إسرائيل وسورية ليستا عدوين بالضرورة، على الرغم من أنه لم يستطع التأكيد أن النظام السوري اليوم في وضع يقدّره على التفاوض مع إسرائيل، هو يقول مثلًا إن أي إسرائيلي لم يتأذّ من سورية، بين إسرائيل تهاجم الأراضي الإسرائيلية دائمًا.

يتكلم فيكتوروف عن مستويات التنسيق الروسي – الإسرائيلي في الميدان السوري، وعن مستويات الصداقة بين الروس والدول الأخرى، مؤكدًا السعي الروسي الإنساني لإعادة رفات جنود إسرائيليين قتلوا في لبنان وسورية، ومطالبًا بالوقوف عليًا في وجه النازيين الجدد، وعصابات الكراهية التي تجتاح أوروبا اليوم.

وهنا نص الحوار:

أنت تعمل في إسرائيل. ماذا عساك تقول عن عملك سفيرًا لروسيا في إسرائيل، لا سيما أن إسرائيل تعد موضوعًا شائكًا للغاية في الشرق الأوسط، وكذلك كونها الدولة الشهر في الشرق الأوسط؟

أود أن أخبرك أنه ليس من الصعب عليَّ التواصل مع الشخصيات الكبرى، أو مع غيرهم، فالكل منفتح، وسهل علينا أن نتفاوض بشأن العلاقات الروسية وأن ندعم مصالحنا المشتركة. تلك الوضعية مهمة جدًا بالنسبة إلينا كون إسرائيل دولة مهمة إقليميًا ودوليًا. وأود أن أنوّه بالعلاقات متعددة المستويات بين روسيا وإسرائيل. فمثلًا،لدينا علاقات في الأمن، وفي الاتصالات المرتبطة بالناحية الأمنية. وهناك تبادل للآراء والخبرات بين الدولتين. أعتقد أن الناس في روسيا وإسرائيل غير راضين عن المستوى الحالي لتبادل الخبرات والعلاقات، ويريدون تعزيز مستوى التعاون لمصلحة الشعبين. أتصور أيضًا أن العلاقات الثقافية والعلمية بين البلدين متقدمة للغاية، وأنا بحكم منصبي سفيرًا، ليس صعبًا عليّ أن أشجّع الناس ليأتوا إلى زيارة إسرائيل.

الروس في إسرائيل

صحيح. هناك مليون ونصف مليون روسي يعيشون في إسرائيل.

نعم. بحسب آخر الأرقام التي نشرها رئيس المجلس الوطني في روسيا، يوجد نحو مليوني روسي يعيشون هنا. عدد كبير من المواطنين الذين كانوا جزءًا من الاتحاد السوفياتي سابقًا، وباتت دولهم مستقلةً الآن لكننا نعتبرهم أيضًا روسًا، يعيشون في إسرائيل. وأغلبيتهم، ما لم يكونوا كلهم، تتحدث الروسية، ما يساعد على تعزيز علاقاتنا بجيراننا. أيضًا، حين نتحدث عن أمن إسرائيل، تظهر حقيقة مفادها أن هنا الكثير من الروس الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية ويعيشون في إسرائيل.

&

مندوب "إيلاف" لدى إجرائه المقابلة مع السفير الروسي في إسرائيل

&

هل لهم أيضًا حق التصويت في الانتخابات في روسيا؟

نعم. هناك الآلاف بل مئات الآلاف من الروس الذين يعيشون في إسرائيل، ويشاركون في الانتخابات الروسية. بالطبع، إقليميًا، لا يمكن الأخذ بعين الاعتبار أمن واستقرار المنطقة من دون الاعتراف بسيادة دولة إسرائيل، وبالطبع أيضًا الأخذ في الاعتبار مصالح جميع البلدان الأخرى في المنطقة. علينا أن نعترف بجميع القادة الشرعيين في المنطقة بأسرها عندما نتحدث عن استقرار المنطقة وأمنها بشكل عام.

حل الدولتين الروسي

هل لديك وجهة نظر لحل القضية الفلسطينية القائمة على مدار 25 عامًا الماضية؟

نعم. العملية عالقة لسوء الحظ. هناك نوع من الجمود في هذه العملية، لكن هناك أساسًا دوليًا لبدء عملية يمكن من خلالها حل القضية. فالأمم المتحدة تمتلك حاليًا أساسًا لخطة تعتمد على حل الدولتين. أعتقد أن الاحتمالات المتوازنة والمستدامة يجب أن تلتزم هذا المبدأ.

تتحدث عن مقترح حل الدولتين؟

أتحدث عن مقترحنا الخاص بالاتحاد الروسي الذي قدمه الرئيس فلاديمير بوتين نفسه. فنحن على استعداد لتلطيف الأجواء وعقد اجتماع بين قادة فلسطين وقادة إسرائيل.

تحدثتم قبل عام عن عقد قمة بين أبو مازن وبنيامين نيتنياهو في روسيا مع الرئيس بوتين. ماذا حدث لهذا الاجتماع؟

كان عرضًا من الاتحاد الروسي على أعلى مستوى. لم يتم تقديمه قبل عام، بل تم تقديمه قبل نحو 3 أعوام، كي أكون دقيقًا. هناك طرف من الطرفين هو الذي دفعنا وشجعنا على الوصول إلى هذا المقترح.

أي طرف؟

... خمّن لو سمحت. تغير الوضع الخارجي منذ ذلك الحين.

تقصد أن هناك طرفًا طلب منكم التقدم بهذا المقترح، ثم غيَّر رأيه؟

نحن لا نحاول إعاقة هذه العملية، لأننا نقدر الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة، وبالطبع نحن على استعداد لمواصلة هذا الأنموذج لضمان مستقبل مستقر وسلمي. يجب أخذ المخاوف الأمنية لدولة إسرائيل بعين الاعتبار، وكذلك يجب مراعاة مصلحة الشعب الفلسطيني.

ما رأيك في الصفقة الاقتصادية التي نشرها الأميركيون قبل أسبوعين؟

أي جهود لتحسين الوضع الاقتصادي ومصالح الفلسطينيين يجبأن تكون إنسانية، إذا كنا ننظر إلى الظروف. معتقداتنا الغربية هيأن كل هذه الجهود الاقتصادية وجميع الأشياء الاقتصادية والتجارية يجب أن تعمل جنبًا إلى جنب، وليس بشكل منفصل، لأننا نفهم الحقائق على الأرض، ولدينا فهم واسع أن هذه الجهود الاقتصادية من المفترض أن تُدعَم. وما زالت المقترحات النهائية التي وعد بها زملاؤنا الأميركيون قبل عامين غير واضحة، والباقي شائعات.

ليستا عدوين... بالضرورة

تحدثت عن القضايا الأمنية لإسرائيل التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند التفكير في المنطقة، لأن روسيا وإسرائيل نسقتا في سورية كي لا تتصادما. السؤال: لم تفعل روسيا ذلك؟ هل لأنها موجودة في سورية، وسورية عدو إسرائيل؟

لن أقول إنهما بالضرورة عدوان. أنا أرى الأمر بطريقة مختلفة.

أي طريقة؟

أحيانًا، حين يتعامل سلاح الجو الإسرائيلي مع أهداف على الأراضي السورية، لا تكون هناك تفسيرات كثيرة، لكنه يقوم في أحيان أخرى بمهاجمة أهداف أخرى.

الإيرانيون؟

لن أقول قوات سورية أو أهداف عسكرية سورية، فهم ليسوا هدفًا لسلاح الجو الإسرائيلي. هل أنا مخطئ؟

لا لست مخطئًا، لأن الإسرائيليين يقولون إنهم يهاجمون الإيرانيين في سورية.

باعتبارنا أحد مؤسسي الأمم المتحدة يمكننا القول إننا ما زلنا أقوياء، ونحن ملتزمون مبادئنا وجداول أعمالنا، وأي ضربات توجّهإلى دولة ذات سيادة ومنتمية إلى الأمم المتحدة هي ضربات غير مقبولة.

حتى من قبل الإسرائيليين؟

نعم، حتى من قبل الإسرائيليين. فلا استثناءات.

لكنهم ما زالوا يفعلون ذلك في كل يوم؟

ليس في كل يوم. بل تظهر أخبار من وقت إلى آخر بأن الإسرائيليين هاجموا هدفًا أو هدفين في الأراضي السورية. هدف جيشنا في سورية هو إنقاذ حياة جنودنا هناك.

يقول الإسرائيليون إنهم ينسقون تلك الضربات مع القوات الروسية.

ماذا تعني بكلمة "ينسقون"؟

يخبرونكم قبل موعد توجيه الضربات بساعة أو ساعتين.

هناك مقترح فاعل من جانب الإسرائيليين بأنه إن كان هناك أي مخاوف لدى الجانب الإسرائيلي بشأن أي قوات في الأراضي السورية تتعارض مع مصالح إسرائيل، نطلب منهم أن يخبرونا ويبلغونا بالبيانات المحددة، ومن ثم يمكننا تفحص الموقف، والتنسيق مع شركائنا في سورية. تلك هي الطريقة التي نعمل ونتطور بها.

أصدقاء مع الجميع

شركاؤكم في سورية هم الجيش السوري والإيرانيون وحزب الله. أما عن الإيرانيين وحزب الله فهم عدوي إسرائيل. سبق لإسرائيل أن أعلنت عن رغبتها في إخراج غيران من سورية، والعمل على إعادة حزب الله إلى لبنان.

عملت قواتنا العسكرية في سورية منذ ما يقرب 4 أعوام مع قادة البلاد الشرعيين لمساعدتهم على محاربة الإرهابيين والإرهاب. وللأغراض نفسها، فشلت الحكومة السورية في قتال الإرهابيين الذين سيطروا على مساحة كبيرة من سورية. تغير الوضع منذ ذلك الحين. ليس خطأ روسيا أو إيران أن يكون لهما وجود في سورية لأنه قبل أن تكون لنا مصالح في سورية كانت تبدو المعركة ضد الإرهابيين غريبة للغاية. لم تكن روسيا من الدول التي تعمل لزعزعة استقرار الحكومة السورية. كانت هذه هي حال بعض البلدان المجاورة لسورية. لم نتمكن من السماح للوضع في سورية بالارتقاءإلى السيناريو الليبي.

أو السيناريو العراقي؟ قلت إنكم أتيتم إلى سوريا لمساعدة الحكومة الشرعية على البقاء، وفي الوقت نفسه تعمل إيران معها، كما يعمل حزب الله معها، ولا أعرف من يعمل معها أيضًا. في الوقت نفسه أنتم أصدقاء جيدون جدًا لإسرائيل. ما أقصده أن في سورية أعداء لإسرائيل. فكيف يمكنك تنسيق ذلك؟ إنه أمر غريب، وسأكون ممتنًا إذا شرحته لي.

سأحاول، لكن لا يمكنني ضمان ذلك. لكن لو أمكن أن أشير إلى إحدى المقابلات التي أجراها أخيرًا وزير خارجيتنا إذ لقد شدَّد على أمر واحد، وهو أن لنا علاقات جيدة مع إيران، وعلاقات جيدة مع السعودية ومع كل الدول. كل هذه العلاقات جيدة بالنسبة إلينا. نحن لا نرهن الصداقة بشيء. لكن هذا لا يعني أننا على استعداد لأن نكون أصدقاء مع الجميع. فنحن مستعدون إذا كان هناك رد فعل إيجابي من الدولة الشرعية، والمصالح المشروعة لدولة إسرائيل هي إقامة علاقات آمنة ومستقرة مع جيرانها وتعزيز السلام والاستقرار الإقليمي.

ساعدت روسيا إسرائيل على الوصول إلى جثة جندي سقط في عام 1982 في لبنان، وهناك حديث عن أن الروس ما زالوا يساعدون إسرائيل على استرجاع جثث الجنديين والطيار رون أراد وربما الجاسوس إيلي كوهين. هل يمكنك شرح ذلك لنا؟&

بادئ ذي بدء، أود أن أخبركم أنه جرى التعامل مع ذلك الأمر في روسيا بطريقة إيجابية وطبيعية للغاية، لأنك تعلم أنه في الحرب العالمية الثانية كان هناك العديد من الخسائر البشرية والعسكرية والمدنية وغيرها، وكان هناك العديد من المنظمات في روسيا ما زالت تبحث عن جثث الجنود الذين سقطوا في الحرب العالمية الثانيةلرغبتها في إعادة الجثث إلى وطنها لدفنها. بالنسبة إلى فلسفتنا الوطنية، هذا أمر طبيعي، وهذه قضية حساسة للجميع ولعائلات الجنود الذين ماتوا أو اختفوا في بعض الظروف. يمكنني أن أقول كسفير لروسيا إن قواتنا تساعد هؤلاء الأشخاص على إيجاد المفقودين، أو تقديم معلومات حول مكان وجود أشخاص اختفوا أو قتلوا. نحن بالطبع نراقب في سورية هذه المواقف، وإذا كانت هناك أي معلومات سننقلها إلى حلفائنا الإسرائيليين. وبالنسبة إلى بعض الأفعال ومن يبحث عمن، فهذه ليست مسألة للنقاش العام.

لكن روسيا مازالت تبذل الجهود لمساعدة الإسرائيليين؟

نعم نتخذ إجراءات بالتعاون مع الدول الأخرى لأنها ليست أرضنا.

دول أخرى، مثل لبنان؟

نعم. علينا أن نتعاون مع دول أخرى ومع منظمات إنسانية، ومن الجيد أن نسمع عن اتخاذ هذه الإجراءات أيضًا في إسرائيل.

في إعادة جثة الجندي، ساعدت روسيا نتنياهو في الانتخابات.

أُفَضِّل ألا أعلِّق كما يمكن أن ينصحني أي صحافي.

نريد براهين دامغة

ما رأيك في قضايا الخليج الآن؟ الوضع حساس مع احتمال أن تنشب حرب بين الولايات المتحدة وإيران في أي لحظة.

الوضع خطر للغاية، وللأسف هو خطر بما يكفي لأن يتسبب شيء واحد في نسف كل شيء، هذا غير مقبول، فكل هذه الحوادث التي وقعت لم يتم التحقيق فيها بشكل كامل. تلقينا اقتراحات دامغة من حلفائنا تفيد بعدم وجود دليل كاف على أنها قضية من جانب واحد.

يقول الأميركيون إن هناك دليل يثبت أن الإيرانيين هم من افتعلوا المشكلة.

إطلعنا على تلك الأدلة في مجلس الأمن، وقال وزراؤنا حينها: "يا رفاق الورق يجب أن يوضع على الطاولة. البراهين على الطاولة. براهين محددة، لا قنوات اتصال".

من تعتقد أنه يفعل ذلك في منطقة الخليج؟

نحن نريد أن نرى براهين كافية على طاولة مجلس الأمن، المجلس الأهم في العالم، وليس كالبراهين المتعلقة بالمزاعم الكيميائية والبيولوجية في العراق.

لكن في وقتها، تحالف الأميركيون مع الروس لضرب صدام حسين.

كان ذلك خطأ ارتكبه الأميركيون، وليس صحيحًا أننا تعاوننا معهم. نحن حذرناهم من القيام بعمل عسكري في العراق. لكن قرارهم كان مغايرًا لنصيحتنا. حاولنا أن نقنعهم بأن العمل العسكري ليس الطريقة المثلي للتعامل مع الموقف، لكن هذا ما حدث.

إيران ليست خطرة

الرئيس بوتين سيزور السعودية في سبتمبر. هل تعتقد أنه يمكنه طرح بعض الاقتراحات على الجانب السعودي لتهدئة الوضع في الخليج؟

لا يمكنني التعليق على أشياء ستحدث في ذلك الموضوع. الرئيس بوتين لم يزر السعودية بعد. نعمل مع الطرفين على تهدئة الموقف. هناك أشياء معينة لا يمكنني التعليق عليها.

ما الذي يمكن أن تنصح به روسيا نتنياهو بشأن الوضع في إيران؟ فهو يتحدث الآن عن خطورة إيران وأنتم ما زلتم تحتفظون بعلاقات جيدة جدًا معها، وتقولون إنهم يساعدونكم على محاربة الإرهاب في سورية، وإن الإيرانيين ليسوا خطرين، لكن الأميركيين والإسرائيليين ومعظم العالم العربي يؤكدون أن إيران دولة هي غاية في الخطورة.

لسوء الحظ، كما ذكرت، الجميع يرى أن إيران هي التهديد الرئيس في المنطقة، وهذا أمر بعيد عن الواقع. ربما تكون بعض التصريحات خاطئة في بعض الأحيان. يؤكد زملاؤنا دومًا أنهم لا يمتلكون أي برامج عدوانية ضد أي دولة في المنطقة بما في ذلك إسرائيل. مرة أخرى، أقول إننا لا ندعم عملية فرض العقوبات، وإن اللوم يقع بالكامل على دولة واحدة. هذا النوع من النهج مضلل لأنه قد يبعدك عن الهدف. الهدف هو إقامة وضع سلمي ومستقر في المنطقة. لكن هذا النهج حين تُحَمَّل دولة واحدة مسؤولية كل شيء يكون أمرًا غير مقبول. يشير رئيس الوزراء إلى تصريحات أحد الساسة في ما يتعلق بالأفعال؛ اسمح لي أن أسألك: متى تعرّض إسرائيلي للأذى على الأراضي السورية في السنوات الأخيرة في مقابل عدد الإيرانيين الذين قيل إن إسرائيل استهدفتهم في سوريا؟ أعتقد أننا بحاجة إلى بناء الثقة في المنطقة، وإلى أن نأخذ بعين الاعتبار مصالح كل دول المنطقة، وألا نلوم دولة واحدة على كل الخطايا.

إيران لا تريد تدمير إسرائيل

أعلم أن روسيا تتعامل بحساسية مفرطة حين يأتي الحديث عن الإسرائيليين والمحرقة. في المقابل، تسمع القادة الإيرانيين يقولون إنهم يريدون تدمير إسرائيل كما حدث في الحرب العالمية الثانية. كيف يمكنكم قبول ذلك؟ يقولون أن بمقدورهم تدمير إسرائيل وإبادتها في 7 دقائق.

تعلم أنها سلسلة لا تتوقف من التصريحات. من الصعب أن تكتشف الآن من بدأها أولًا. بالنسبة إلى أعلى المستويات لدينا، نقول لحلفائنا في إيران إن مثل هذا النوع من التصريحات غير مقبول. لا يمكن أو لا ينبغي لأحد أن يمنع دولة إسرائيل عن الوجود. أعتقد أن بعض المتشددين هم من يطلقون تلك التصريحات، ونحن متأكدونمن أن هذه التصريحات ليست رسمية. ليس تدمير إسرائيل ضمن سياسة إيران.

لكننا سمعنا هذه التصريحات من المرشد الأعلى علي خامنئي. قال إسرائيل هي العدو، وسندمرها في 7 دقائق أو شيء من هذا القبيل. الإسرائيليون لم يسمعوا تصريحات أخرى من إيران.

لا أريد أن أعلق على هذا أكثر، فقد أجبت عن السؤال.

مهامنا في سورية كثيرة

قلت في بداية مقابلتنا إن سوريا ليست عدوًا لإسرائيل. لماذا؟&

نظرًا إلى عدم وجود أعمال عدائية مباشرة بين البلدين. نرى أن الأمر كله يمكن تسويته إذا توافرت الرغبة في التفاوض لدى الجانبين.

هل تعتقد أن بمقدور النظام السوري أن يتفاوض مع إسرائيل؟

لا يمكنني التحدث نيابة عن النظام السوري.

لكنك تتحدث معهم. هل تعتقد أنهم قادرون على فعل ذلك الآن؟

لم ينتهوا إلى الآن من مهمتهم المتعلقة بالقضاء على الجماعات الإرهابية في سورية. بالمناسبة، قواتنا لا تحارب فقط الإرهابيين في سورية، إنما تقوم أيضًا بمهام أخرى، من ضمنها عمليات إنسانية، كمساعدة النازحين والمهاجرين على العودة. عاد 300 ألف شخص إلى سورية منذ عام 2018. هذا جانب آخر من أنشطة القوات الروسية في سورية. نعمل أيضًا على شيء أعتقد أنه مهم جدًا: إنشاء عملية سياسية كاملة في سورية. ولأن العمل العسكري لا يكفي لضمان عودة الحياة الطبيعية والحياة السياسية والاقتصادية الطبيعية في سورية، نعمل مع زملائنا الإيرانيين والأتراك في محادثات أستانة للسلام. ونعمل بتنسيق وثيق مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة السيد باترسون، وهناك علامات علىأن العملية ستمضي قدمًا في وقت قريب جدًا، وتم بالفعل إنجاز العديد من المهام، ونحن على وشك تشكيل اللجنة الدستورية. نأمل في إقامة عملية سياسية كاملة، وهي عملية مهمة للغاية من أجل جمع كل الجهات الحكومية لتقريب المعارضة من المفاوضات، ساعدنا زملاؤنا في إيران وتركيا على تحقيق هذه الأمور. وكدبلوماسي، يمكنني أن أخبرك أنني إيجابي للغاية، وسعيد بالمساعدة التي نتلقاها. أفادتنا بالفعل في الثمانينيات عندما عملنا سويًا نحن كروسيا مع الأمم المتحدة وإيران، حيث أوقفنا الحرب الأهلية الدامية.&

هل تعتقد أن بمقدوركم فعل ذلك بالنسبة إلى الوضع الراهن في سورية؟

نحن متأكدون، نعم. فنحن نمتلك، كما جيراننا، علاقات متقدمة في العديد من المجالات.

الكل يقول إن الإيرانيين مفاوضون جيدون.

لن أناقش ذلك لأنه يعتمد على الموضوع، فهناك الكثير من المفاوضين الجيدين في العالم، كما في إسرائيل.

مبادئنا هي القانون الدولي

نعلم أنكم على تواصل جيد مع الدروز في سورية. هل لأنكم ترتبطون بعلاقات جيدة مع دروز إسرائيل؟

لدينا علاقات جيدة إيجابية مع العديد من الممثلين السياسيين والعامة في المنطقة، بما في ذلك المجتمعات الدرزية في لبنانوسورية وإسرائيل. لسنا على اتصال جيد معهم بسبب كثرة عددهم في إسرائيل. نساعدهم بشكل عام في جميع أنحاء المنطقة.

لما تساعدون هذه المجموعة الصغيرة من الناس، تلك الطائفة الدينية التي تعرف باسم الدروز في سورية، وهناك الملايين من المسلمين السنة والشيعة في سورية. لما تبدو مساعدتكم لهم مهمة؟

من وجهة نظري هذه المساعدة مهمة لأني سأعيد وجهة نظري الأولى مجددًا، وهي أننا على علاقات جيدة وبنَّاءة مع كثير من الجماعات والتجمعات والجماعات العرقية والدينية، لأننا نؤمن أن من الضروري مساعدة أصدقائنا قدر المستطاع. تاريخيًا نحن لا نعلم متى وكيف بدأ ذلك.

نعلم أنكم تحتفظون بعلاقات جيدة للغاية مع وليد جنبلاط في لبنان، وهو معارض للنظام في سورية. ونعلم، أن هذا هو النهج الروسي لتكوين صداقات مع كثير من الناس.

تتحدث وكأنك تود أن تقول إننا عديمو المبادئ وإننا سنكون أصدقاء مع أي أحد. لا يمكننا أن نكون أصدقاء مع أي أحد. كي نكون أصدقاء يجب أن يفهموا مبادئنا التي تعتبر قانونًا دوليًا في ما يتعلق بسيادة الدولة والمعاملة المتساوية للجميع والاهتمام بمصالح كل الدول والجهود الجماعية للوصول إلى الهدف المنشود وما إلى ذلك. ولا نسعى إلى امتلاك أصدقاء متعارضين بعضهم مع بعض.

أنت محق. فأنتم أصدقاء مع أطراف متعارضين مع بعضهم البعض، وليسوا متعارضين معكم.

شيء آخر حول محاربة الإرهاب في سورية، وهذا ليس مجرد شعار سياسي، بل هو موقفنا الأساسي، بسبب التطورات التي حدثت في سورية منذ 4 سنوات، والتي أثرت بشكل مباشر في بلدنا. للأسف جاء بعض الإرهابيين المتورطين من بلدنا ومن دول الجوار، وهو ما أثر على الوضع بطريقة سلبية. الاتحاد الروسي لم يطور أبدًا بنية إرهابية. كما إننا لم ندعم أبدًا أي جماعة متطرفة أو إرهابية ناشطة في الدول لتحقيق أهداف سياسية.

باعتقادك، من فعل ذلك؟

هل لك أن تخمّن؟

هل تعتقد أن دولًا أخرى هي التي تفعل ذلك؟

للأسف نعم، وأود أن أذكرك بأحدهم: أسامة بن لان. أود أن أذكرك بمن صنعه وما نتج من ذلك من عواقب وتداعيات جاءت كلها غير متوقعة حتى لمن وقفوا وراءه. أنت تعرف التاريخ.

نخطط لتطوير نظام سلمي

هل سنعود إلى الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا؟

أُفضِّل عدم استخدام مصطلح الحرب الباردة. فمن أجل فهم الموقف الحالي، يجب في بعض الأحيان أن تقارن هذا الموقف بما حدث في الماضي. الوضع الحالي لم ينتج بسبب السياسة الخارجية الروسية. نحن متأكدون من ذلك لأن العالم يتغير، ولأن مجموعة واحدة من البلدان التي تقودها دولة واحدة قوية لا يمكن أن تقبل هذا التغيير. هذا هو فهمنا للوضع. لا يحبون ذلك البلد أو البلدان الأخرى القادرة على الإعلان عن مصالح دولتنا، نحن مستعدون للدفاع عن مصلحتنا الوطنية بطريقة سلمية، ومستعدون للتعاون مع أي شخص يرغب في التعاون، وما نراه هو ردة فعل سلبية من جانب حلفائنا الغربيين.

تقصد الأميركيين؟

الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي الذين يعتمدون للأسف على الولايات المتحدة، هذا هو فهمنا. وهذا يمكن أن يتعارض في بعض الأحيان مع مصالح الاتحاد. الأمر متروك لهم، ولا نريد التدخل، لأننا نفضل اتحادًا أوروبيًا قويًا قادرًا على التعاون، بما في ذلك إقامة حوار على أعلى مستوى بين روسيا والاتحاد الأوروبي الذي كُسِرَ لسوء الحظ. مع ذلك، نحن على يقين من أننا سنعيد هذا الأمر قريبًاإلى ما كان عليه في الماضي. بالطبع، اللوم مُوجَّه إلى روسيا على شيء لم نفعله من قبل، نحن لا ندمّر نظام التعاون الدولي، وإنما نعمل على استعادته والمحافظة عليه، ونعمل وفق مبادئ الأمم المتحدة.

لكن ما نراه هو أن روسيا تسعى إلى أن تكون الدولة الأقوى وأن تكون على الجانب الآخر من مجموعة الدول التي تتحدث عنهم.

هذا تفسير خاطئ لسياستنا الخارجية. لا نخطط لأعمال ضد جيراننا أو الأوروبيين أو الولايات المتحدة، وإنما نخطط لتطوير نظام سلمي مع جيران صالحين وجيدين، ولتحقيق ذلك، نحن في علاقات جيدة، اقتصاديًا وسياسيًا، مع العديد من البلدان والمجموعات في المنطقة وفي العالم.

أوقفوا النازيين الجدد

ستحل هذا العام الذكرى 75 للانتصار على النازية. كيف تنظرإلى الأمر؟ كيف يمكن إحياء هذه الذكرى في العالم؟ فنحن نسمع الكثير من الناس يتحدثون بأسلوب النازيين، ونرى الكثير من المعادين للسامية في أوروبا والعالم، أي نسمع ما كان يسمعه اليهود والمختلفون عن النازيين قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها؟

هذا السؤال يذكرني بمحادثة أجريتها مع مسؤول رفيع المستوى في الأمم المتحدة، أفضل عدم ذكر اسمه، كان يتساءل عن سر إصرار الاتحاد الروسي الشديد على إحياء ذكرى هذا الحدث الخاص بالانتصار الذي تحقق على النازيين. علينا أن نحتفل بهذا الحدث لأننا بحاجة إلى تعلم الدرس. لا يمكننا ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية أو القتل الجماعي لبعض الشعوب أو بعض الأعراق أو الديانات. هذا هو أحد الأسباب التي تجعلنا نحاول الاحتفال. نعمل مع بعض المجموعات العامة في إسرائيل ومع حلفاء آخرين ونحن نفهم بعضنا البعض. ندرك تمامًا حجم المأساة التي لحقت بالشعب اليهودي في أوروبا في أثناء الهولوكوست. لكن هذه العلاقة تزداد عمقًا، لأن حوالى 26 مليون مواطن سوفياتي سبق أن ماتوا خلال تلك الحرب. بالمناسبة، مات أكثر من 30 مليون صيني خلال الحرب العالمية الثانية. ولا يمكننا بالطبع نسيان ذلك، وعلينا أن نعمل سويًا لوقف تمجيد النازيين والنازيين الجدد، وعلينا أن نقوّض بنشاط كراهية الأجانب والعنصرية على جميع مستوياتها. لا يزال هناك الكثير الذي يجب فعله. ونظرًا إلى وجود تأثيرات ليست ذات صلة بتعليم الشباب بسبب بعض العوامل السياسية أو الجغرافية، تكون لديك عملية يجب وقفها في بعض البلدان. في روسيا، لم يتم الإبلاغ عن أعمال عنف، بعض التصريحات وما إلى ذلك لا أكثر. هذا ليس نتيجة لسياسة الحكومة الروسية. مهم ألا ننسى تاريخنا. للأسف، لا يتم تقديم الجيش الأحمر بالشكل الذي كان عليه. ما زلنا نتذكر تعاون جميع دول التحالف ضد هتلر. وهذا مثال جيد للغاية على التعاون الدولي من أجل تحقيق أهداف إيجابية مشتركة.