عدن: تلقّت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ضربة جديدة الثلاثاء مع خسارة قواتها معسكرين لصالح القوات الموالية للانفصاليين الجنوبيين في محافظة أبين اثر اشتباكات قتل وأصيب فيها 27 شخصا.

وجاءت هذه التطورات بعدما سيطر المقاتلون الانفصاليون الموالون لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" قبل نحو 10 أيام على مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية، في تمدد عسكري جديد في الجنوب على حساب قوات الحكومة وسلطتها.

وقال محافظ أبين أبو بكر حسين لوكالة فرانس برس عبر الهاتف إنّ قوات ما يعرف بـ"الحزام الأمني" الموالية للمجلس الانتقالي الداعي لانفصال الجنوب، تحرّكت من عدن نحو مدينتي زنجبار على بعد نحو 60 كلم وكود على بعد حوالى 50 كلم في محافظة أبين الساحلية القريبة، وقامت بمحاصرة معسكرين فيهما.

وتابع ان اشتباكات اندلعت بين الطرفين نتج عنها سيطرة قوات "الحزام الأمني" على معسكر تابع للشرطة العسكرية كان يتواجد فيه 350 جنديا حكوميا في كود، بينما توصّل الطرفان إلى اتفاق بعد وساطة محلية نص على خروج القوات الحكومية من معسكر للقوات الخاصة في زنجبار حيث كان يتواجد 1100 جندي، وانتشار القوات الانفصالية في محيطه.

لكن محمد المرخي، وهو قيادي في قوات "الحزام الأمني" في أبين، أكّد لفرانس "الوضع تحت السيطرة تماما. نحن نسيطر على المعسكرين".

وبحسب المحافظ، قتل عنصران في القوات الحكومية ومقاتلان انفصاليان في الاشتباكات التي استمرت لساعات في كود وزنجبار (عاصمة أبين)، بينما أصيب 23 مقاتلا من الطرفين.

وفي وقت سابق، أوضح المتحدث باسم "المجلس الانتقالي" نزار هيثم لفرانس برس أنّ الهجوم على المعسكرين يهدف إلى "ملاحقة عناصر تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار اختبأت في معسكرات تابعة للحكومة الشرعية".

تصعيد غير مبرر

يقاتل الانفصاليون الجنوبيون وقوات الحكومة معا في صفوف تحالف تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين المقرّبين من إيران والذين يسيطرون على مناطق واسعة في البلد الفقير منذ 2014، ضمن نزاع جعل ملايين السكان في اليمن على حافة المجاعة.

لكن رغم قتال المتمردين معا، يخوض الانفصاليون والقوات الحكومية معركة ترسيخ نفوذ محتدمة في الجنوب، وخصوصا في عدن، عاصمة الدولة الجنوبية السابقة قبل اتحادها مع الشمال عام 1990 وولادة اليمن الموحد.

و"الحزام الأمني" هي القوة الجنوبية الرئيسية التي تدرّبها وتسلّحها الامارات العربية المتحدة، الشريك الرئيسي في قيادة التحالف العسكري.

وتقدّمت قوات الانفصاليين نحو المعسكرين في أبين رغم الدعوات السعودية لوقف إطلاق النار، علما أن الرياض سبق وأن دعت المتقاتلين لعقد حوار في المملكة لم يحدد موعده بعد.&

كما أنّ تحرّكات القوات الانفصالية تتعارض مع استجابتها لدعوات التهدئة في عدن وبدء انسحابها من عدة مباني حكومية السبت كانت سيطرت عليها اثر المعارك التي خاضتها ضد القوات الحكومية في بداية هذا الشهر وأدت إلى مقتل 40 شخصا وإصابة أكثر من 260 بجروح.&

وأدانت الحكومة اليمنية المعترف بها بشدة ما وصفته بـ"تصعيد غير مبرر"، محذّرة من "إضعاف جهود الوساطة" التي تقودها السعودية حاليا بين الطرفين منذ معارك عدن.

وأوضح نائب وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي في تغريدة على تويتر "ما تشهده محافظة ابين من تصعيد غير مبرر من قبل قوات المجلس الانتقالي المدعومة من قبل الامارات العربية المتحدة الشقيقة أمر مرفوض وغير مقبول وسيعمل على تقويض وافشال جهود الوساطة".

وأكّد الحضرمي في تغريدة اخرى "نرفض استمرار تقديم الدعم الاماراتي المالي والعسكري لقوات المجلس الانتقالي الخارجة عن القانون والدولة في اليمن (...) ونجدد المطالبة بايقافه بشكل فوري وكامل".

ووفقا لشهود عيان في زنجبار، فإن قوات "الحزام الأمني" انتشرت في شوارع المدينة.&

على ماذا نتحاور؟

وبينما دعت الرياض وأبوظبي إلى الحوار، يستبعد المجلس الانتقالي الجنوبي الانسحاب من المواقع العسكرية التي سيطر عليها في عدن.

وقال المتحدث باسم المجلس نزار هيثم في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية "هذه الأمور ستكون مطروحة للنقاش في الحوار المزمع عقده في السعودية"، معتبرا ان "محاولة الحكومة الشرعية تصوير الموضوع بأنه لن يكون هناك حوار إلا إذا تم تسليم جميع المواقع... إذن على ماذا نتحاور؟".

في هذا الوقت، أكّد المبعوث الدولي إلى اليمن مارتن غريفيث بعد لقائه نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان في الرياض أنّ هناك "جهوداً ظافرة تحت قيادة الأمير خالد بن سلمان لاستعادة النظام والاستقرار في جنوب اليمن".

ومنذ 2014، يشهد اليمن نزاعاً بين المتمرّدين الحوثيين والقوّات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. وقد تصاعدت حدّة هذا النزاع مع تدخّل تحالف عسكري بقيادة السعودية، خصم إيران اللدود، في آذار/مارس 2015 دعمًا للحكومة.

وتسبّب النزاع بمقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم عدد كبير من المدنيين، بحسب منظمات إنسانية مختلفة.

ولا يزال هناك 3,3 ملايين نازح، فيما يحتاج 24,1 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي السكان، الى مساعدة، بحسب الأمم المتحدة التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم حالياً.