نصر المجالي: في محطته الأوروبية الثانية، في جولته الخارجية الأولى منذ تسلمه مهامه في يوليو الماضي، تحادث رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الخميس، في باريس.

وفي تصريحات مشتركة بعد الاجتماع، أعلن الرئيس الفرنسي أنه لا يمكن التفاوض على اتفاق جديد حول بريكست "خلال ثلاثين يوما" لكن "يمكن إيجاد تسوية حول ما تم التفاوض عليه"، وذلك في تصريح مؤيد &"بتحفظ وتردد" لاقتراح المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل خلال قمتها مع جونسون في برلين يوم الأربعاء.

وأكد ماكرون أن "مستقبل المملكة المتحدة لا يمكن أن يكون إلا في أوروبا"، مضيفا "إنني مثل المستشارة (الألمانية أنغيلا) ميركل واثق من أن الذكاء الجماعي وإرادتنا في البناء يجب أن يسمحا لنا بالتوصل إلى أمر ذكي خلال ثلاثين يوما إذا كانت هناك إرادة طيبة من الطرفين، وهذا ما أريد الإيمان به".

بريطانيا الأوروبية

وتابع أنه يشعر بأن "مستقبل المملكة المتحدة لا يمكن أن يكون إلا في أوروبا". مؤكدا أنه ليس هناك وقت كاف لإعادة التفاوض على اتفاق جديد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ومن جهته، قال بوريس جونسون لماكرون إنه يرغب في التوصل إلى اتفاق، مؤكدا أن محادثاته مع ميركل "شجعته بشكل كبير". وقال "أريد أن أوضح تماما أنني أريد اتفاقا (...) أعتقد أن بإمكاننا التوصل إلى اتفاق جيد".

واضاف جونسون، إن لندن لن تضع نقاطا حدودية تحت أي ظرف بين إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي وإيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا.

واشار إلى أنه يفهم رغبة الاتحاد الأوروبي بالحفاظ على سوق موحدة، لكنه يعتقد أن ذلك يجب أن يتوافق مع صفقة لـ "بريكست" من شأنها أيضا الحفاظ على سلامة المملكة المتحدة.

وأشار إلى أن "ما قالته المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أمس الأربعاء، والذي يتماشى مع مضمون محادثاتنا، هو أننا نحتاج إلى رؤية خلال 30 يوما"، مضيفا: "لن ينتظر أحد حتى 31 أكتوبر دون محاولة إيجاد حل جيد".

وكانت ميركل تحدت بريطانيا للتوصل إلى بدائل عن الحدود مع إيرلندا في غضون 30 يوما، وهو تحد قبله جونسون الذي يسعى لإقناع زعماء الاتحاد الأوروبي، باستئناف المحادثات حول الانسحاب أو تحمل نتيجة خروج بريطانيا في 31 أكتوبر، من دون اتفاق، بما يمكن أن يخفف الصدمة الاقتصادية.

لا لبريكست حاد

وكانت الرئاسة الفرنسية أعربت في وقت سابق عن تحفظاتها بشأن فرص تفادي "بريكست حاد"، وهو احتمال يثير مخاوف كبرى في أوساط الأعمال من جانبي بحر المانش، معتبرة أن "السيناريو المحوري لبريكست اليوم هو (انفصال) من دون اتفاق".

كما أكد قصر الإليزيه أنه حتى من دون التوصل إلى اتفاق، فإن فاتورة 39 مليار جنيه استرليني (43 مليار يورو) المستحقة على لندن للاتحاد الأوروبي في إطار بريكست ستبقى قائمة.

وتصطدم محادثات بريكست حول طلاق موضع تفاوض حاليا بآلية "شبكة الأمان" (باكستوب) المدرجة في الاتفاق الذي توصلت إليه لندن مع الاتحاد الأوروبي في نوفمبر 2008 غير أن البرلمان البريطاني رفضه أكثر من مرة لاحقا.

وهذا البند المثير للجدل هو بمثابة ضمانة للاتحاد الأوروبي ويهدف إلى منع عودة حدود مادية بين جمهورية إيرلندا وإيرلندا الشمالية.

وهو ينص على بقاء المملكة المتحدة ككلّ ضمن الوحدة الجمركية مع دول الاتحاد الأوروبي إلى أن يتوصل الشريكان إلى حل يحدد علاقتهما المستقبلية بعد بريكست، وذلك ضمن مهلة شهرين تقريبا.

وأبلغ جونسون بوضوح خطيا في مطلع الأسبوع أنه يعارض هذه الآلية، ودعا دول الاتحاد إلى معاودة التفاوض بشأنها.

وحدة السوق الاوروبية

وكان الرئيس الفرنسي ماكرون شدد يوم الجمعة الماضي على أن الأولوية للأوروبيين هي الحفاظ على "وحدة السوق الأوروبية" و"استقرار إيرلندا" بناء على اتفاق "الجمعة العظيمة" الموقع عام 1998 بين الحكومتين البريطانية والإيرلندية.

ووضع هذا الاتفاق التاريخي حدا لثلاثين عاما من العنف السياسي والطائفي الدموي بين الجمهوريين القوميين الكاثوليك والوحدويين البروتستانت، اوقع أكثر من 3500 قتيل.

وكرّر جونسون في برلين يوم الاربعاء أنه يرفض الكلام عن "شبكة أمان" مؤكدا ان المملكة المتحدة "لا يمكنها أن تقبل" بهذه الآلية التي ستبقيها "أسيرة" الإطار القانوني للاتحاد الأوروبي.

ولم يلق جونسون حتى الآن سوى الرفض من القادة الأوروبيين الرئيسيين ولا سيما رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك يوم الثلاثاء الماضي.