انضم ثلاثة قضاة سابقين في المحكمة العليا البريطانية إلى أكثر من 600 خبير قانوني، لمطالبة حكومة لندن بوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل.

وفي رسالة إلى رئيس الوزراء ريشي سوناك قالوا إن الصادرات يجب أن تتوقف لأن لندن تخاطر بانتهاك القانون الدولي، بشأن "خطر معقول بوقوع إبادة جماعية" في غزة.

ويواجه ريشي سوناك بالفعل ضغوطا متزايدة من الأحزاب، بعد مقتل سبعة من عمال الإغاثة في غارة جوية إسرائيلية على قطاع غزة.

وقال يوم الثلاثاء إن بلاده لديها نظام "دقيق للغاية" لترخيص بيع الأسلحة.

والمبيعات البريطانية لإسرائيل أقل من مبيعات الدول الأخرى، بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا، وتتضاءل أمام المليارات التي توفرها أكبر مورد للأسلحة لها، الولايات المتحدة.

لكن الحظر البريطاني من شأنه أن يضيف ضغوطا دبلوماسية وسياسية على إسرائيل، في وقت يخضع سلوكها في الصراع في غزة لتدقيق دولي متجدد.

رئيسة المحكمة العليا السابقة في بريطانيا ليدي هيل، من بين أكثر من 600 محام وأكاديمي وكبار القضاة المتقاعدين الذين وقّعوا على رسالة مكونة من 17 صفحة.

وتقول الرسالة إن هناك حاجة إلى "إجراءات جدية" "لتجنب تواطؤ بريطانيا في الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، بما في ذلك الانتهاكات المحتملة لاتفاقية الإبادة الجماعية".

وتضيف أن بيع الأسلحة وأنظمة الأسلحة لإسرائيل "لا يفي بشكل كبير" بالتزامات الحكومة بموجب القانون الدولي، بالنظر إلى "الخطر المعقول بوقوع إبادة جماعية" في غزة- وهو ما أبرزه حكم مؤقت صادر عن محكمة العدل الدولية في يناير/ كانون الثاني، فضلا عن الوضع الإنساني المتدهور منذ ذلك الحين.

ومن بين الموقّعين الآخرين قاضيا المحكمة العليا السابقان، اللورد سومبشن واللورد ويلسون، إلى جانب تسعة قضاة آخرين و69 من كبار المحامين.

وفي حديثه إلى راديو بي بي سي 4، أكد اللورد سومبشن على أهمية أن ينعكس الحكم المؤقت الصادر عن أعلى محكمة في الأمم المتحدة على سياسة بريطانيا، على الرغم من أن الحكم النهائي لمحكمة العدل الدولية لم يصدر بعد.

وقال: "يبدو لي أنه إذا كان لديك واجب، كما نفعل نحن، لمنع الإبادة الجماعية- وهناك حالة معقولة هي ما يحدث - فيجب عليك أن تفعل ما في وسعك للحيلولة دون ذلك".

وأضاف قاضي المحكمة العليا السابق أن "إطار القانون الدولي حول الحرب" لا يعني أن الدول يمكنها التصرف كما تشاء، حتى لو جرى استفزازها أو مهاجمتها "بطريقة مهما كانت شنيعة".

وقال: "لا يعني القول أن بإمكانك ذبح المدنيين والأطفال الأبرياء بشكل عشوائي. ولا يعني القول أن بإمكانك مهاجمة قوافل المساعدات، أو سحب تأشيرات عمال الإغاثة. ولا يعني القول أنه يمكنك قضاء أسبوعين في تسوية المستشفيات بالأرض".

وأضاف: "هناك حدود لما يمكن أن يفعله الناس، حتى في حالة الدفاع عن النفس".

ومن بين الإجراءات الأخرى التي تقول الرسالة إنه يجب على الحكومة اتخاذها للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ما يلي:

  • إعادة التمويل لوكالة الأمم المتحدة لتشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بعد تعليقه نتيجة مزاعم بتورط موظفيها في هجمات 7 أكتوبر/ تشرين الأول على إسرائيل.
  • فرض عقوبات على "الأفراد والكيانات الذين أدلوا بتصريحات تحرض على الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين".
  • تعليق المفاوضات الدبلوماسية الجارية ومفاوضات "الاتفاق التجاري المعزز" مع إسرائيل.
  • إطلاق مراجعة لتعليق الاتفاق التجاري الحالي، و"النظر في فرض عقوبات" على إسرائيل.
 جون تشابمان وجيمس كيربي وجيمس هندرسون.
Reuters/World Central Kitchen
كان جون تشابمان وجيمس كيربي وجيمس هندرسون يعملون كمستشارين للأمن والسلامة في مؤسسة المطبخ العالمي.

وتأتي الدعوات المتزايدة لتعليق تراخيص التصدير البريطانية بعد مقتل سبعة من عمال الإغاثة- من بينهم ثلاثة مواطنين بريطانيين- في غارة جوية إسرائيلية في غزة يوم الإثنين الماضي.

كما قُتل أسترالي وأمريكي وكندي وبولندي وفلسطيني. وكانت المجموعة قد أفرغت للتو أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية.

وفي حديثه لصحيفة "ذا صن" بعد الحادث، دعا سوناك إلى إجراء تحقيق مستقل، لكنه لم يصل إلى حد القول بأن مبيعات الأسلحة لإسرائيل يجب أن تتوقف.

وأضاف أن بريطانيا كانت "واضحة باستمرار" مع إسرائيل، بضرورة الالتزام بالقانون الإنساني الدولي.

ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الهجوم بأنه غير مقصود و"مأساوي"، ووعد بإجراء تحقيق مستقل. وترفض إسرائيل ادعاءات الإبادة الجماعية باعتبارها "لا أساس لها من الصحة على الإطلاق".

وقامت بريطانيا بترخيص مبيعات أسلحة لإسرائيل تزيد قيمتها عن 574 مليون جنيه إسترليني منذ عام 2008، عندما تم توفير البيانات الرسمية على مستوى الدولة، وفقا لمجموعة الضغط "الحملة ضد تجارة الأسلحة".

وكان وزير الأعمال، غريغ هاندز، قد أخبر أعضاء البرلمان سابقا أن الرقم لعام 2022 بلغ 42 مليون جنيه إسترليني– ويمثل 0.02 في المئة من واردات إسرائيل العسكرية في ذلك العام.

ولا يمكن إصدار تراخيص تصدير الأسلحة، التي تمنحها وزارة الأعمال، إذا كان هناك خطر واضح من إمكانية استخدام الأسلحة في انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي.

ولم يطالب حزب العمل بتعليق مبيعات الأسلحة، لكنه يحث الحكومة على نشر المشورة القانونية الداخلية حول ما إذا كانت إسرائيل تنتهك القانون الدولي.

وقال وزير خارجية حكومة الظل (المعارضة)، ديفيد لامي، إن هناك "سابقة" لتعليق المبيعات. وقد اتخذ كل من رئيسي الوزراء السابقين مارغريت تاتشر وتوني بلير، هذه الخطوة في عامي 1982 و2002 على التوالي.

ويدعو الحزب الوطني الاسكتلندي إلى استدعاء البرلمان من عطلة عيد الفصح الحالية، والتي تنتهي في 15 أبريل/ نيسان الجاري، لمناقشة هذه القضية.

وقال النائب المحافظ بول بريستو، إن فكرة استخدام أسلحة بريطانية الصنع في عمليات تقتل مدنيين أبرياء في غزة "تثير الغثيان"، مضيفا أن مقتل عمال الإغاثة البريطانيين "يجب أن يكون خطا لا ينبغي لأحد تجاوزه".

لكن زميلته في حزب المحافظين ووزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان، رفضت فكرة الحظر وقالت لبي بي سي "نحن مدينون لإسرائيل بالوقوف إلى جانبهم".

وقالت خلال زيارة إلى إسرائيل: "أعتقد أنه سيكون من العار المأساوي أن نبتعد عن أقرب حلفائنا في هذه المنطقة".

وتعرض معظم قطاع غزة للدمار خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية، التي بدأت بعد أن هاجم مسلحون من حماس جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ما أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.

ولا يزال حوالي 130 من الرهائن في الأسر، ويُفترض أن 34 منهم على الأقل في عداد الموتى.

وتقول وزارة الصحة التي تديرها حماس إن أكثر من 32916 فلسطينيا قتلوا في قطاع غزة، منذ ذلك الحين.