إيلاف من بيروت: جاء اليوم الموعود، وشنت إيران هجومها على إسرائيل، بعد قرابة أسبوعين من الوعيد والتصريحات والتهديدات، ردًا على قصف قنصليتها في دمشق، ومقتل قادة كبار في الحرس الثوري.
وكان الرد، حسب خبراء ومحللين ومسؤولين في الإدارة الأميركية، أقل من المتوقع؛ إذ إنه لم يخلف ضحية واحدة، ولم يصب هدفًا معينًا.

ولم تتناول الصحف الصادرة، اليوم، الأحد، عملية الهجوم على إسرائيل، سوى صحيفتي "إيران" و"همشهري" المقربتين من الحكومة؛ بحكم قربهما من صناعة القرار في إيران.

موعد تأديب إسرائيل؟
ونقل موقع "إيران اينترنشنال" عن صحيفة "همشهري" رؤيتها في ما يخص هجوم إيران على إسرائيل. وتحدثت الصحيفة المقربة من الحكومة عن "اقتراب ساعة الصفر" للهجوم المرتقب، فيما كتبت "إيران" بأن "موعد تأديب إسرائيل قد حان"، دون أن تتناول المواقع المستهدفة وحجم الخسائر والأضرار.

وسبقت باقي الصحف، عملية الهجوم، في النشر، واكتفت بما تعودت عليه في الأيام السابقة من الحديث عن الرد الإيراني، كما أن معظمها أبرز حادثة استيلاء الحرس الثوري على سفينة بريطانية تحمل العلم البرتغالي في المياه الخليجية.

بداية للانتقام
وأشارت صحيفة "وطن امروز"، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، إلى حادثة الاستيلاء على السفينة يوم أمس، واعتبرته "بداية للانتقام" الإيراني، كما عنونت "كيهان" المقربة من خامنئي بالقول: "لقد تم أخذ السفينة الإسرائيلية غنيمة".

التوتر السياسي والبورصة
وفي شأن آخر أبرزت بعض الصحف، مثل "جهان صنعت"، تداعيات هذه الأزمة على الاقتصاد الإيراني؛ حيث سجلت أسعار العملات الصعبة ارتفاعًا تاريخيًا وغير مسبوق على حساب العملة الإيرانية، بعد أن ناهز سعر الدولار الأميركي الواحد 67 ألف تومان، يوم أمس.

وتجاوز سعر الدولار الأميركي، الأحد 69 ألف تومان، بعد الإعلان عن بدء الهجوم الإيراني، ليلة أمس، على أهداف في إسرائيل.

كما تناولت صحف عدة الانعكاسات السلبية الكبيرة للتوتر السياسي على أسواق البورصة في إيران؛ إذ شهدت هي الأخرى تراجعًا كبيرًا في مؤشراتها، وخسائر بآلاف المليارات التي لحقت بالمستثمرين فيها.

وكتبت صحيفة "ابرار اقتصادي" حول الموضوع وقالت: "شظايا التوتر تصيب أسواق العملات الصعبة"، كما أوضحت الصحيفة كيف انعكست الأزمة السياسية على أسواق البورصة، وقالت إن الخوف من الحرب يدفع إلى سحب الاستثمارات من البورصة بشكل مضاعف.

وأشارت صحيفة "جهان صنعت" إلى الآثار السلبية لهذه الأحداث على الأسواق، وانتقدت، في تقرير لها، سياسات الحكومة التي تتجاهل ما يترتب على المواقف السياسية من آثار مدمرة على الاقتصاد.

وأعلنت مصادر، بعد ساعات من انتشار تقرير الصحيفة، أن القضاء الإيراني سيقاضي الصحيفة والصحافيين الذين أعدوا التقرير، موجهًا لهم تهمة "ضرب الأمن النفسي للمجتمع" و"التأثير سلبًا على اقتصاد البلد".

تجدد التصعيد ضدهن
وتعتبر قضية الحجاب من القضايا الجدلية التي يكثر الاهتمام بها هذه الأيام في إيران، رغم أنها تبدو في غير محلها؛ حيث بدأت السلطات السبت، موجة جديدة من التصعيد ضد النساء في الشوارع والأسواق والأماكن العامة، وسجلت وسائل إعلام العديد من حالات الاعتقال والعنف ضد السيدات.

وأشارت صحيفة "اعتماد" إلى هذه الموجة الجديدة من التصعيد، وعنونت بالقول: "من الخطأ تجريب المجرب"، في إشارة إلى فشل السياسات السابقة، التي اعتمدها النظام في التعامل مع القضية، دون أن يحقق الأهداف والغايات المطلوبة.

الحرب المباشرة قادمة عاجلًا أم آجلًا
كتب الناشط والباحث السياسي، عباس عبدي، مقالًا بصحيفة "اعتماد"، تطرق فيه إلى خطورة الرد الإيراني أو عدم الرد، متوقعًا أن هذا التوتر والتصعيد غير المسبوق سيؤدي عاجلًا أو آجلًا إلى مواجهة تكون أخطر من الحرب المباشرة بين الجانبين، حسب قراءته.

وقال عبدي، عن المشاكل التي تواجه إيران في الصراع مع إسرائيل، إن إحدى المشاكل تتمثل في تبني سياسة الشعارات من قِبل السلطات والمسؤولين، وقد وضع ذلك إيران في موقف صعب؛ حيث إن عدم الرد يفسر فشل النظام وسقوط مكانته، ومِن ثمَّ فإن من يرددون الشعارات بالقضاء على إسرائيل وضربها وتدميرها يرفعون سقف التوقعات من الردود الإيرانية.

وأضاف الكاتب أنه لا معنى لسياسة الردع مقابل دولة ترفع شعار تدميرها والقضاء عليها، ومِن ثمَّ فإننا سنصل حتمًا إلى المرحلة، التي نتجنبها الآن، وهي المواجهة والحرب المباشرة.

وتساءل الكاتب، في ختام مقاله، عن الحل الذي من الممكن أن يجنب إيران هذه المواجهة والحرب المدمرة، وقال: لا حل سوى أن تغيِّر إيران بشكل كلي سياساتها واستراتيجياتها الإقليمية، وإلا فلا مهرب مما نهرب منه الآن، حسب تعبيره.

نقطة تحول في طبيعة الصراع بين الجانبين
تحدثت صحيفة "آرمان امروز"، في تقريرها الذي حمل عنوان "المعادلة المجهولة في الهجوم الإيراني على إسرائيل"، عن أن أي هجوم من قِبل إيران يستهدف إسرائيل، بغض النظر عن حجمه وطبيعته، يعد تطورًا في تاريخ الصراع بين طهران وتل أبيب.

ولفتت الصحيفة إلى كثرة الدول التي أمرت مواطنيها بمغادرة إيران، ونصحت الراغبين في التوجه إلى إيران بالامتناع عن ذلك؛ نظرًا لخطورة الأوضاع واحتمالية أن تشهد المنطقة مزيدًا من التصعيد والتوتر.

وأوضحت الصحيفة أن غياب القنوات الدبلوماسية بين البلدين تجعل العلاقة بينهما تقوم على سوء النية وتفسير سلوك الطرف الآخر بأسوأ شكل ممكن، مؤكدة أن أي هجوم إيراني على إسرائيل يزيد من خطر اتساع رقعة الصراع وقد يورط دولًا أخرى، مثل الولايات المتحدة الأميركية، في هذه الحرب.

تدهور الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفقر
أشار الكاتب والخبير الاقتصادي، حسن موسوي، في مقال بصحيفة "آرمان ملي"، إلى مستوى الفقر في إيران، مؤكدًا أن الزيادة في الرواتب التي أعلنها النظام مع بداية العام الإيراني الجديد لا تتناسب مع تكاليف الحياة ومستوى التضخّم في البلاد.

وقال الكاتب: إن الزيادة في الرواتب بلغت ما بين 20 و35 بالمائة، في حين أن التضخم بلغ 38- 48 بالمائة؛ مما يعني أنَّ زيادة الرواتب غدت بلا أهمية، خاصة مع اقتراب إقرار الخطة السابعة للموازنة، التي تثقل كاهل الجميع بالضرائب، في رأيه.

وأوضح موسوي، أن هذا الفقر المنتشر والمتزايد سيسبّب مشاكل في حياة المواطنين، لأنه سيغذّي استياء الناس، علمًا بأن أحد واجبات الحكومة هو تحسين جودة ورفاهية الحياة لدى الشعب، وهو ما تم تناوله عدة مرات في الدستور، بما في ذلك المادتان 1 و29.