عبدالله خلف

اليهود هم شعوب ينتمون إلى القوميات التي خلقوا بها، اما ما سعت اليه الصهيونية العالمية لنزع اليهود من قومياتهم وخلق القومية الدينية على يد هرتزل فهذه من صنع السياسة وخلافا للتاريخ.. هم عرب في جزيرة العرب كالمسيحية في سائر البلاد العربية.. والشعر العربي منذ العهد الجاهلي مقسم الى الشعر العام وشعر النصرانية واليهودية وكله ينتمي الى النتاج القومي العربي.. وقد أخطأ حكام العرب عندما هجّروا مواطنيهم اليهود الى فلسطين ليكوّنوا نواة لدولة اسرائيل وندموا بعد فوات الاوان.. يعشق يهود العراق الفن ويميلون الى الترويح عن النفس، ولذلك بدؤوا بالملاهي واقامة الحفلات في مساكنهم الخاصة، اولا ويحضرها المسؤولون من المسلمين ورموز الدولة.
برز في مقدمة رجال الفن عندهم قراء المقام العراقي وهم يميلون في الدرجة الاولى الى المقام، اصل الغناء العراقي.. وهم الذين نشروا المقام الفارسي في بلاد فارس وتركيا ويكاد يكون واحداً في القياس الفني.. فتألقت عندهم فرق (الجالغي) البغدادي وكان الجوق يهوديا بأكمله ومن المؤسسين لدور اللهو صالح عقيل وأشهر المغنين (روبيل رجوان) وترأس فرقة الجالغي نسيم يعمون عازف الكمان وأخوه شاؤول يعمون ضارب الايقاع، وفيهم رحمن نفطار، وساسون أعرور وعقيل بيحي، وصالح شميل عازف الكمان.

الوفد الموسيقي العراقي إلى مصر:

اتفق رجال الفن في بغداد على ايفاد فرقة كاملة، الى القاهرة لحضور مؤتمر الموسيقى في سنة 1932 وكانوا جميعهم من اليهود وكان بمعيتهم المطرب محمد الكبنجي وتكونت الفرقة بهذا الشكل:
ـ1 محمد الكبنجي، قارى مقام
ـ2 يوسف بتوحكي، عازف السنطوري
ـ3 غروري يوسف، عازف القانون
ـ4 صالح عقيل، عازف الكمان
ـ5 ابراهيم صالح، دنبكجي
اما استاذ قارئ المقام الذي تعلم منه القبنجي هو يوسف حوريشو، واشتهر بقراءة مقام (الخنبات) متأثراً بالمغنى احمد زيدان والمغني الشهيد روبيل رجوان وسجلت مقاماتهم على اسطوانات انتشرت في العراق ودول الخليج العربية في اماراتها.

حفلات النساء اليهود البغداديات:
كانت هناك فرقة نسائية تغني في حفلات بغداد للاعراس والمناسبات عند سائر الشعب.. وكانت الفرقة تستخدم الدنبك، والنقارة، والدف، وتسمى (الدقاقات) وأخذ هذا الاسم في الكويت، واشهر المغنيات البغداديات تدعي مسعودة البمبعّية لأنها سجلت أغانيها على اسطوانات في بمباي عاصمة الهند ومن أغانيها:
عفاكي عفاكي على الفند اللي عملتينو
أنا تعبت وأنا اشقيتو على الحاضر أخذتينو
واشتهرت من المغنيات اليهود بنات مراد وهن رجينة، مسعودة، روزة وسليمة باشا، حصلت على لقب باشا من الدولة لمكانتها ولم تنل غيرها هذا اللقب في تاريخ العراق، وكلهن من أثرياء بغداد رجينة شيدت لها أكبر قصر في بغداد في الشارع العسكري، ولم تسكنه اذ قتلها زوجها عبدالكريم الذي كان يعمل مهندساً ثم انتحر، وكان زوجها الأول محمد الذي أشهرت اسلامها عند زواجها منه..
وذكر الشاعر العراقي معروف الكرفي حادثة قتلها في قوله:
آه بالدينار من جيبي طفر
صبحت ريجينه مضروبة بطبر
واشترى قصرها بعد قتلها الثري المعروف اليهودي نوري فتاح.. أما أختها سليمة باشا فقد لعبت دوراً كبيراً في ملاهي واذاعة بغداد واشتهرت وأعلنت اسلامها وعرفت سليمة مراد وتزوجها ناظم الغزالي وكانت معه عندما زارت الكويت في اوائل الستينيات وشاركا في احتفالات الاستقلال على مسرح الاندلس، والاذاعة والتلفزيون.. وحسب المرجع الذي استندت عليه وهو (يهود العراق تاريخهم واحوالهم وجرتهم) لمؤلفه (يعقوب يوسف كوريه).. قال ان الغزالي توفي في سنة 1963 وسليمه توفيت في 1974.
وكانت اشهر راقصة في بغداد اليهودية (حنينة) تؤدي رقصاتها على مسرح اوتيل متروبول في شارع الرشيد، ومن راقصات بغداد اللاتي جمعن ثروات طائلة (ريمه ام عظام) و(ريمه عكاك) وتسكن الثانية في raquo;عكدlaquo; الجام وأهم سماسرة الراقصات والفنانات (كرجي) اليهودي، ومن بنات الهوى مريم خان، وتفاحة ورجوام، واشهر سماسرة بنات الهوى داود اللمبجي ومن البارات اليهودية بار صالح واهم مشروباتهم الروحية (العرق) ابو كليش، ومن الملاهي اليهودية ملهى (لورا خضوري) وملهى اليعازر الخضوري، وملهى الرشيد ولليهود مقاه منها مقهى موشى والشابندر والمميز.
وكانوا يستخدمون العربات الفخمة (الرّبل) ويمتلكون معظم الاسواق.