أحمد الفراج

 يؤكد معظم المراقبين على أنّ باراك أوباما، ووزير خارجيته جون كيري، أبرما الاتفاق النووي مع إيران على عجل، حرصاً من أوباما على أن يسجل له التاريخ هذا الإنجاز، وكان من نتائج ذلك أن تمرّغت هيبة القوة العظمى في الوحل، ففي سبيل إرضاء حكام طهران، تباعدت إدارة أوباما عن حلفائها التقليديين في الخليج، وصمتت على إهانات إيران المتكررة، مثل إهانتها لجنود الجيش الأمريكي، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يقبله أي رئيس أمريكي، ولعلنا نتذكر عندما بلغ ضعف وهوان أوباما درجة أنّ رئيس إيران رفض الإجابة على اتصاله الهاتفي، وكان كل ذلك في سبيل تحقيق إنجاز الاتفاق النووي!

هناك عدد لا يستهان به من أعضاء الكونجرس بشقيه، الشيوخ والنواب، من كلا الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، الذين كانوا، ولا زالوا، يقفون ضد الاتفاق النووي، واليوم يشاركهم الرئيس ترمب، ومعه المحافظون، ذات الموقف الصلب ضد الاتفاق، الذي وصفه ترمب بالكارثي، والأسوأ في التاريخ السياسي لأمريكا، وتكمن أهمية موقف المعارضين للاتفاق النووي، من جمهوريين وديمقراطيين، في الكونجرس، في أنّ مصير الاتفاق سيكون بين أيديهم، في حال سحب الرئيس ترمب الثقة منه، فالرئيس ترمب يعتقد جازماً بأنّ إيران استغلت ضعف أوباما، وكسبت مليارات الدولارات، ولم تلتزم ببنود الاتفاق، ولا زالت تواصل برنامجها النووي، والأخطر هو أنّ ترمب يجزم بأنّ إيران تتعاون مع كوريا الشمالية، التي تشكل حالياً تهديداً للأمن والسِّلم العالميين.

الاتفاق النووي تم إنجازه بين أمريكا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي من جهة، وبين إيران، من جهة أخرى، وهناك ضغط على ترمب من قِبل الدول الخمس بعدم سحب الثقة من الاتفاق، وهذا متوقع، إذ إنّ هذه الدول تهمها مصالح شركاتها، التي ستتضرر، فيما لو انسحبت أمريكا من الاتفاق، وكالعادة، فإنّ روسيا والصين ودول أوروبا، تقدم مصالحها الاقتصادية على الأمن العالمي، كما تفعل الآن من خلال موقفها الرخو من نظام الحمدين في قطر، ولكن الدول الخمس تعلم أنّ أمريكا هي التي تحكم العالم، وإذا قوّضت الاتفاق النووي، فلن يصبح له قيمة، فالموقف الأمريكي سيكون هو القول الفصل، فيما يتعلق بهذا الاتفاق الكارثي، وبالتالي فإنّ العالم ينتظر القرار النهائي لترمب، الذي قد يكون تم إعلانه وقت نشر هذا المقال، أو خلال الساعات والأيام القادمة.