رانيا القرعاوي من الرياض

أجمع المشاركون في "المؤتمر العالمي الثاني لحلول القيادة والسيطرة" الذي انعقد في قاعة الشيخ حمد الجاسر في مقر جامعة الملك سعود، تحت شعار "التحالف ضد الإرهاب .. الاستراتيجيات والقدرات"، بتنظيم من الجامعة بالتعاون مع وزارة الدفاع، واختتم أعماله أمس، على أهمية التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني، وضخ الاستثمارات في تعزيز الأمن الإلكتروني للعمل على الحد من الهجمات الإرهابية واستغلال الإرهابيين للفضاء الإلكتروني في التواصل وتنفيذ الهجمات الإرهابية.

وقال المشاركون "إن المملكة هي أكثر دول الشرق الأوسط عرضة للهجمات الإلكترونية نظرا لموقعها الجيوسياسي والموارد الطبيعية التي تمتلكها، ما يجعلها مطمعا للإرهابيين ومنفذي الهجمات الإلكترونية"، مؤكدين أن التعاون مع أصحاب الخبرات الدولية في هذا المجال ستكون له آثار إيجابية في الأمن الإلكتروني للمملكة، وتفادي سلبيات أضرار هذه الهجمات على الاقتصاد الوطني.

وأكد لـ "الاقتصادية" الدكتور أنيبال فيالبا كبير مستشاري رئيس مجلس الأمن السيبراني الوطني في إسبانيا أهمية التعاون بين السعودية وإسبانيا في مجال الأمن السيبراني، مطالبا بإيجاد نموذج للتعامل مع الهجمات الإلكترونية والعمل على تنفيذه واستخدامه في التصدي للهجمات الإرهابية، مناديا بالاستثمارات المشتركة في هذا المجال.

واعتبر أن الهجمات الإرهابية قد زادت في إسبانيا 32 في المائة في 2017 مقارنة بعام 2016، ما يدل على أهمية التعاون الدولي وتبادل الخبرات، الذي له آثار إيجابية في التصدي للهجمات المتزايدة التي تسببت في آثار سلبية في 150 دولة و200 ألف جهاز كمبيوتر، مقدرا تكاليف الهجمات على الاقتصاد الإسباني بنحو 1.61 في المائة من إجمالي نسبة الناتج المحلي للبلاد.

وبين أن إسبانيا تتعرض لنحو ثلاثة آلاف هجمة سنويا، مشددا على أهمية التعامل مع مثل هذه الهجمات وفق أسس تقنية لتفادي سلبياتها.

من جهته، قال الدكتور أحمد الدماس مستشار تقنية الاتصالات والمعلومات "إن السعودية هي أولى دول الشرق الأوسط في التعرض للهجمات الإلكترونية، تليها الإمارات"، مشيرا إلى أن الهجمات وصلت في 2014 إلى 43 مليون هجمة، وهذا العدد زاد بمعدل الضعف خلال العامين السابقين.

وأكد الدماس وجود سبعة أبعاد للأمن السيبراني هي: القانوني والتقني والتنظيمي والتعاون الدولي والتوعية، وبناء القدرات والتصدي للهجمات الاستباقية، لافتا إلى أن هذه الأبعاد يجب أن يتم الاهتمام بتنفيذها بنفس القدر من الأهمية.

وأشار إلى أن الدراسات تؤكد زيادة استخدام المجتمع السعودي للإنترنت، حيث يستخدم 50 في المائة من السعوديين وسائل التواصل الاجتماعي، ويقدر عدد الساعات التي يقضيها السعودي على الإنترنت خمس ساعات، وهناك سبعة من كل عشرة أفراد يملكون هواتف ذكية، وتسعة من عشرة منهم يسخدمون الهاتف في البحث عن معلومات، وثمانية منهم في البحث عن منتجات، ما يتطلب منح الأمن السيبراني عناية أكبر لدى الجهات والشركات في المملكة. 

وأشار طارق المطيري أمين عام برنامج "حصانة" إلى أن الأمن التقني والإلكتروني يعمل جنبا إلى جنب مع الأمن الفكري، قائلا "إن برنامج حصانة بدأ تنفيذه في مدارس المملكة للعمل على إعداد جيل محصن فكرياً وقادر على مواجهة الفكر الإرهابي الذي يستغل التقنية في الوصول إليه واستغلاله".
وبين أن البرنامج بدأ بتعيين ممثل له في كل مدرسة ليكون حلقة وصل بين المدارس وبين تطبيق أهداف واستراتيجية البرنامج وحماية طلاب المدارس وتحصينهم ضد هجمات الأعداء التقنية والفكرية.

واستعرض الدكتور عيسى العتيبي مدير قسم أمن الاتصالات والشبكات في قوات الدفاع الجوي في وزارة الدفاع كيفية استخدام الإرهابيين وسائل التواصل الاجتماعي سواءً بالتواصل بينهم أو التخطيط لهجمات إرهابية، ما يتطلب مزيداً من الاهتمام بالأمن الإلكتروني وتبادل الخبرات الدولية في تحليل تلك الوسائل للحد من الهجمات ومكافحة الإرهاب.

واشتمل المؤتمر على جلستي عمل، الأولى تحت عنوان "حلول القيادة والسيطرة لمكافحة الإرهاب السيبراني وإدارة الأزمات"، أما الثانية فكانت تحت عنوان "الإرهاب التكنو اجتماعي وأنظمة القيادة والسيطرة"، وخرجت جلسات العمل بجملة من المعطيات المهمة على طريق تعزيز مفاهيم القيادة والسيطرة، وكيفية تعزيز مفهوم الأمن السيبراني ولا سيما من خلال دعم الجهود البحثية ذات الطابع التقني والعلمي، والعمل على رفع مستوى كفاءة الكوادر العاملة في هذا المجال وتطوير التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني.

وتطرق كونراد برنس سفير المملكة المتحدة للأمن السيبراني إلى تجربة المملكة المتحدة في مجال تكريس الأمن السيبراني عبر تبني استراتيجية شاملة توجت بتأسيس مركز للأمن السيبراني مع وضع أهداف مستقبلية حتى عام 2020 من بينها تدريب أكثر من 35 ألف طالب وتقديم دراسات متخصصة، كما لفت إلى أن هذه الاستراتيجية تضمنت تكريس مقررات في المدارس بهدف تعميم مفاهيم الأمن السيبراني بين الطلبة، وكذلك تنفيذ برامج تدريب فني ومهني للقوات الخاصة، ولفت برنس إلى أن المملكة المتحدة تتطلع إلى تعزيز علاقتها في مجال الأمن السيبراني مع المملكة العربية السعودية، بما يجعلها ترتقي إلى مستوى العلاقات التاريخية بين البلدين.

ونوه الدكتور محمد خرم خان الأستاذ في مركز التميز لأمن المعلومات في جامعة الملك سعود بأهمية وجود تحالفات بين الدول لصد الهجمات السيبرانية وتعميم تجربة التحالف العسكرية والأمنية لتشمل الأمن السيبراني بما يسهم في تسهيل الحصول على البيانات وتحليلها، وأشاد بجهود المملكة العربية السعودية في تبني مفاهيم الأمن السيبراني، ولفت إلى ضرورة بناء فضاء سيبراني متين يتمحور حول أربعة معايير: التعليم، الأبحاث، الابتكار، والصناعة.

وشدّد مايك سمول المهندس المتخصص في أنظمة وحلول القيادة والسيطرة، من شركة أفانتي البريطانية على أهمية تأسيس مركز للتميز في وسائل التواصل الاجتماعي بما يمكن من الوصول إلى مختلف المجموعات وكذلك ضرورة الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في الحصول على مزيد من المعلومات الاستخبارتية، كما طالب الشركات المتخصصة في وسائل التواصل بتكريس فضاء آمن والمساهمة في رصد ومتابعة المستخدمين. وبين اللواء البحري الركن علي الجعيد مدير إدارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في القوات البحرية الملكية السعودية التحديات التي تواجه النظام التكنو اجتماعي، مشيراً إلى أن الأنظمة التقنية الاجتماعية ذات طابع معقد.

وطالب الدكتور عبدالعزيز الشريمي ببناء مجتمع تقني اجتماعي وطني وبناء قدرات تقنية وطنية، إضافة إلى ضرورة تحفيز المؤسسات الحكومية على بذل مزيد من الجهود في تطوير أنظمة تقنية اجتماعية تأخذ بعين الاعتبار الثقافة السائدة في المجتمع.