جاسر عبدالعزيز الجاسر

يوم نقل القسم العربي من محطة بي بي سي البريطانية من لندن إلى الدوحة حاملاً اسم محطة الجزيرة القطرية في محاولة من دولة قطر لتوظيف سلاح الإعلام لتكبير حجم الدولة وجعلها بحجم الجزيرة العربية التي تشغل أغلب مساحتها دولة كبيرة تعد قطر جيباً من جيوبها.

المهم عندما أطلقت الجزيرة القطرية من الدوحة استقطبت عددا لا بأس به من المشاهدين، فالفريق الذي استقدم من لندن له من الخبرة والمهنية الشيء الكثير، إلا أن هذه المهنية أخذت تفقد رزانتها والأصول الإعلامية بعد أن وظفت القناة لخدمة أجندة سياسية وضحت لمن يعمل في هذه المهنة الشريفة التي لا تقبل التدليس، وسنة بعد أخرى واصلت الجزيرة القطرية الانحدار والسقوط بعد أن تعاقب على إدارتها «إخونجية» معروفين من خنفر إلى أبوهلالة حتى أصبحت أداة من أدوات «التبشير الإخواني» وبوق تحريض ضد الدول المعتدلة التي كشفت وتصدت لمؤامرات الإخوان.

وقد أدى هذا الانهيار والسقوط إلى ابتعاد المشاهدين ونفرة المعلنين حيث أخذت تتقلص الإعلانات التجارية ولم يبقَ منها سوى الإعلانات التي تبثها الشركات القطرية التي قلصت هي الأخرى فتراتها مجاراة للمعاناة التي تحاصرها بعد مقاطعة الدول العربية لقطر.

تبع هذا السقوط والانهيار انحدار في الموضوعات والبرامج التي تبثها المحطة التي أصبح هدفها الوحيد هو الإساءة للدول العربية التي تقاطع نظام الحكم في قطر.

آخر إسقاطات قناة الجزيرة القطرية المتواصلة، عمل يثير السخرية مرفوقاً بالدهشة بسبب قيام الجزيرة القطرية بمثل هذا العمل الذي لا يمكن أن تقدم عليه محطة ناشئة، حتى وإن كانت موجهة لخدمة أجندة سياسية فاضحة.

الجزيرة القطرية بثت برنامجاً حشدت لها مراسليها في أكثر من دولة واستقطبت كتاباً ومحللين صحفيين من دول مختلفة، من أجل الحديث عن أسباب إلغاء حفل الفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب في الرياض الذي كان قد أعلنت إحدى شركات التعهدات الفنية إقامته لدعم إحدى الجمعيات الخيرية، ولما تبيّن أن هدف الحفل تجاري بحت وأنه اتخذ من دعم العمل الخيري غطاءً لابتزاز الجمهور الفني لم يعط ترخيصا بإقامته.

حالة تحصل في كثير من الدول ويحسب للمسؤولين منعهم استغلال المواطنين، إلا أن متصيدي السوء الذين يتوافقون مع أخلاقهم ومع ما تربوا عليه من سوء خلق ونهج تآمري، جعلوا من المنع قضية واستقطبوا مراسلين ومحللين تركوا كل ما يحفل به عالمنا العربي من قضايا واهتموا بتحليل وأبعاد إلغاء حفل مغنية!

سقوط مدوٍّ لا يدانيه سوى نظام على وشك أن يلفظ أنفاسه ويرحم شعب قطر من تسلطهم وغبائهم السياسي.